18 - 05 - 2025

مؤشرات | سنوات الخماسين.. صناعة أحداث و"إخوان"ضياع الفرص

مؤشرات | سنوات الخماسين.. صناعة أحداث و

في كتابه الأحدث (سنوات الخماسين- مابين ينايرالغضب ويونيو الخلاص) وضع الصديق الكاتب الصحفي ياسر رزق وثيقة تاريخية مهمة عن ثورة 25 يناير وحتى ثورتها التصحيحية في 30 يونيو، بالمعلومات والتواريخ والشهود والوقائع.

اقتراب الكاتب من متخذي القرار في هذه السنوات، أتاح له توثيق العديد من الوقائع، إلى جانب أنه شاهد عيان على الكثير من الأحداث، فالكتاب رصد معلوماتي ليوميات وأحداث مهمة شهدتها مصر، ويعتبر أول كتاب يرصد بالمعلومات ما جري من أحداث من يوم ثورة 25 يناير، بل وقبلها من خلال معلومات جاءت من مصادرها، مرورا بما تلى ذلك حتى بروز الرئيس السيسي، كرجل حكم.

الكاتب ولأنه صحفي وليس مؤرخا، حرص على توثيق الأحداث من مصادر متنوعة، مستندا على المعلومة المباشرة من مصدرها وممن صنعوها أو شاركوا فيها، وهو الجزء الأول من من سلسلة يمكن أن نسميها "وثائق ثورة"، لتصبح مرجعا يضيف إليه آخرون ممن عاشوا تلك الأحداث، كما أنه رسالة لكل من شهد عن قُرب تلك الأحداث، أن يرصد ما جرى من مختلف الزوايا، ليقدموا التاريخ للأجيال وممن صنعوه.

الكتاب يؤكد في صفحاته التي قاربت الـ400، أن الكاتب ليس مجرد راصد، بل كان صانعا في بعض الأحداث، وهو ما تؤكد وقائع اجتماع "4 +4" والذي ضم صحفيين وعسكريين ناقشوا تطورات الأحداث، وعرض فيها "اللواء عبد الفتاح السيسي" وقتها تقدير موقف عما يجري في مصر في فترة مهمة من تاريخ البلاد، إلى جانب استشارة الكاتب نفسه من جانب قادة في البلاد في بعض الأمور.

لاشك أن الكتاب في فصوله السبعة تتكامل في أحداثها، بما في ذلك المرفقات بالفصول، سواء الحوارات التي أجراها الكاتب مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في مراحل مختلفة، إلى جانب عدد من المقالات "المعلوماتية" "الوثائقية"، وكلها تقدم كيف سقط عصر الرئيس السابق حسني مبارك، وإعتراف قيادة القوات المسلحة بسقوط عهده، من خلال انعقاد أول اجتماع للمجلس العسكري بدون الرئيس الأسبق، تمهيدا لصدور قرار التنحي والذي حرص مبارك على تعديله، لتتنهي الجمهورية الأولى "وليست تسقط" كما قال الكاتب من وجهة نظري.

حرص ياسر رزق في كتابه بالتأكيد على أن ما جرى في 25 يناير أنه ثورة، لنقاء أهداف من قاموا بها وشاركوا فيها، بغض النظر عن التأمر التاريخي ضد مصر، وحرص في أكثر من موضع أن يشير إلى ذلك، كما حرص الكاتب على استخدام مسميات المسؤولين في مواضعها، بعيدا عن موقفه أو موقفنا منهم، وتلك تُحسب للكتاب وكاتبه، بخلاف رصده لكيف تحولت الأحداث من مجرد إقالة وزير الداخلية، إلى رحيل أو "إسقاط" نظام مبارك.

وأفرد الكاتب الكثير من التفاصيل عن دور القوات المسلحة في دعم مطالب الشعب، من خلال التأكيد على أن "الجيش ينفذ أمرالشعب، الجيش مع الشعب وليس ضده"، والبيانات التي صدرت عن القيادة العامة للقوات المسلحة، والتي صبت كلها في نفس الطريق.

أتصور أن الكتاب وضع بأمانة ومصداقية الكثير من المعلومات، أمام القارئ والباحث، بأسلوب صحفي ولغة كتابة تقريرية وتحقيقية، وحوارية، وفقا لكل معلومة في موضعها، بترتيب دقيق لمختلف الأحداث من أول معلومة حتى إنتهي، إلى ما سيبدأ به في الأجزاء التالية، وإن كنت حتى اللحظة، لا أوافقه، في فكرة سقوط الجمهوريات، لأنها الجمهوريات الرئيسية تتكامل، ولا تٌسقط بعضها بعضا.

في جزء مهم من الكتاب، يرصد ياسر رزق قصة "الإخوان" في تضييع فرص الحفاظ على الدولة المصرية، وتقديم الدولة أولا علي "الجماعة"، فرغم اتاحة العديد من الفرص أمام هذه الجماعة لتعديل مسارها ووضع الأولوية للدولة، إلا أن الإنحياز لمبدأ الولاء للجماعة سبق بكثير الولاء للوطن.

معلومات الكتاب تؤكد أن "الإخوان" أضاعوا أو ضيعوا فرصة حكم مصر، إلا أن الأطماع في إقامة دولتهم "دولة الخلافة"، سبقت كل شئ، فكانت النهاية السقوط لكل مشروعاتهم– و"هنا يصلح لفظ سقوط"، ليس في مصر فقط بل سقوط أحلامهم في كل المنطقة.

ويقدم الكتاب معلومات تستحق الدراسة فيما يتعلق بمواقف وممارسات الجماعة لجر البلاد للعنف، بل رفض الكثير من الفرص، والانحراف بكل الإتفاقات التي يتم التوصل إليها، مع قادتها من خلال أعضاء المجلس العسكري، والذي حرص العديد من أعضائه على منح الفرصة تلو الأخرى، حتى سقطت أو أسقطوا كل أحلامهم، بينما ظلت الدولة المصرية وبقوتها قائمة.

أعتقد أن كتاب "سنوات الخماسين" سيكون محور نقاش وجدل، ولكن مؤكد أنه حافز لكثيرين، للإداء بدولهم المعلوماتي حول أحداث غيرت مسار مصر، وأسقطت حكم التوريث، وحكم الإخوان، .. وجاءت برؤى أخرى، سيظل الجدل حولها مستمرا... وهي طبيعة الأشياء والسياسة.
-----------------------------
بقلم: محمود الحضري

من المشهد الأسبوعي


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | جولة ترامب والتريليونات والتطبيع .. والباقي وعود