29 - 03 - 2024

شاهد على العصر (3)

شاهد على العصر (3)

نجحت فى شهادة القبول عام ١٩٥٨ ولما كان والدى تاجر بقالة، وكان يذهب إلى القاهرة لشراء البضاعة للمحل، خاصة أن شقيقته كانت متزوجة من ابن عمه ويقيمون فى مصر القديمة أمام جامع عمرو ابن العاص، كنت أذهب مع والدى احيانا للقاهرة ليومين . هنا كان الوعد زيارة القاهرة لقضاء الإجازة والتي مثلت لى نقلة نوعية أضيفت لمسيرة تكوين شخصيتى  لما كان لها من تأثير لازال موجودا حتى الآن . 

جاءت ذكرى ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، كان الوطن يدخل فى عيد متعدد الأشكال والأساليب، كنا نشعر ونعيش حالة من الفرح والسعادة (لاندرك فحواها)، من خلال الأغانى الوطنية والبرامج الإذاعية، والأهم أنه فى هذه المناسبة كانت القطارات بالمجان إلى القاهرة والعودة منها. 

ذهبنا إلى القاهرة فى ظلال هذه المناسبة فكانت رحلة القطار غير كل مرة ركبت فيها القطار، كنت أتمنى أن يختصر القطار الزمن وأجد نفسى قد وصلت، حتى أنى لم انس استمرار مشاهدتى لأعمدة التلغراف التى أتصور أنها هى التى تمشى لا القطار . وهذه الأعمدة تحمل كمية من الأسلاك التى هى أداة لتوصيل المكالمات والتلغرافات حيت كانت بالطريقة السلكية. 

لم أشعر بغربة حيث أن منطقة  جامع عمرو منطقة شعبية، والأهم أن المسجد هو مماثل للمسجد الكبير الذى قضيت طفولتى أمامه ومعه، ارتبطت ببعض أطفال المنطقة وتعرفت على اللبن المبستر الزجاجة بقرش ونصف (الجنيه مائة قرش) والجيلاتى بقرش يبيعه بائع يلبس لبسا أبيضا ويمسك بزمارة تنبه إلى حضوره. 

كان ابن عمى قد حصل على الثانوية العامة ويستعد للالتحاق بكلية علوم جامعة أسيوط التى أنشئت عام ١٩٥٧ (كان فاروق الباز معيدا عليه)، وهو من أدخلني عالما آخر غير عالم عزبة القرود، ولما كانت سينما القوصية قد تركت آثارها علينا فى هذه السن كنت متلهفا لدخول سينمات القاهرة. 

كانت القاهرة تموج بدور سينما لاحصرلها وتتنوع درجاتها، كان حي السيدة زينب بجوار مصر القديمة وهو الحى التجارى لكل المستويات. كنا نذهب لسينما الأهلى المقابلة لمسجد السيدة، فأعيش ذات الاحساس لتشابه الروح الإسلامية المصرية الشعبية التى هى المكون الاجتماعى الرئيس للشخصية المصرية الطبيعية، فالتصقت وجدانيا وحتى الآن بحي السيدة، إضافة لسينما الشرق المجاورة لدار الهلال. 

أما تأصيل هذا الارتباط كان نتيجة لمرافقتى لعمتى كل صباح لشراء الاحتياجات اليومية (من حى السيدة زينب يوميا)  من خضار وفاكهة وأسماك وجمبرى (الأوقة بقرش ونصف) وأم الخلول نوع بحرى كان يباع بالعلبة وليس بالوزن.

كانت وسيلة المواصلات للسيدات هى  العربة الكارو فكنت أركب الكارو مع عمتى وسط النساء والأجرة خمسة مليمات (القرش عشرة مليم) . 

دخلت فيلم الطيور لألفريد هيتشكوك فى سينما رمسيس بشارع رمسيس، كان لهذا الفيلم تأثير مباشر فى التعرف على ثقافة سينمائية مختلفة عن أفلام إسماعيل يس، ناهيك عن سينما ميراندا التى تحولت إلى فاتن حمامة (هذه السينمات وغيرها كثير لا وجود له الآن). 

زرنا القلعة بهيبتها التاريخية وبمسجدها الرائع، إضافة إلى زيارة الأهرام بشموخها وأسرارها، هنا شعرت بتجسيد التاريخ وتحوله فى داخلى إلى واقع أنتج إحساسا بالفخر والانتماء لانظير له وحتى الآن، مما جعلنى اعشق بالسليقة التربية الوطنية والمواد الاجتماعية. 

كنا نذهب مساء الى  الكورنيش لكى نجلس نستمتع بسحر النيل العظيم ونأكل الصميت والدقة، وتصادف أن جلسنا فى أحد المرات بجوار الفنانة هند رستم، كنا نذهب إلى المتنزه الأهم وهو ميدان التحرير وكانت به نافورة تخرج منها المياة تحمل ألوانا مختلفة وتتعدد الأشكال الإبداعية التى يشكلها الماء مع التسلية بالترمس اللذيذ. 

فى ذات الحى وعلى مقربة من جامع عمرو كان دير مارجرجس وكنت أقضى به بعض الوقت وبه أكثر من كنيسة أثرية خاصة الكنيسة المعلقة التى مكثت بها العائلة المقدسة بعض الوقت. وكنا نمر على المعبد اليهودى المجاور لكنيسة الست بربارا. كان عمى (وزوج عمتى) مقاولا بشركة السكر بـ(جوار مبنى الأهرام القديم)يصطحبنى معه، فشاهدت عالما جديدا يشبه الأفلام (خاصة رصيف نمرة ٥). 

كانت شوارع القاهرة ساحرة هادئة حتى وقت النهار، وكانت المواصلات تتمثل في الأتوبيس (أبو رجيلة) والترام أبو سنجة ذو الحركة البطيئة والمفتوح من الجانبين مما يمثل متعة خاصة فى مشاهدة القاهرة. شاهدت بائعا يبيع الربابة للأطفال وكان يعزف اغنية (م الموسكى لسوق الحميدية غناء صباح وتلحين فريد الاطرش) أعدت هذه الأغنية وغيرها بمناسبة وحدة مصر وسوريا تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة فى ٢٢/٢/١٩٥٨. 

لعشقى للأغنية تأثرا بالوحدة، أردت شراء ربابة ولكن لم اجد العزف عليها. قاربت الإجازة على الانتهاء، فجلست أمام الراديو وسمعت أغنية فايزة أحمد (ست الحبايب ياحبيبه) فوجدت نفسى أبكى بشكل غير طبيعى رغم انبهارى بالزيارة، هنا قال عمى وجبت العودة وصحبت عمى وعدت إلى القوصية حبيبتى،  وهذه صورة فى استديو فوتاماتون فى السيدة (تكاليف الست صور المختلفين بعشرة قروش)

هناك محطة أخرى وهى السوق، فماهى حكاية السوق هذه؟ السوق هو تلك المساحة التى تبدأ بعد المسجد الكبير حتى دكان والدى (شمالا وجنوبا) أما (الشرق الغرب) فكان من سراى زكريا مهران (ذلك القصر الذى أنشيء على الطراز الإسلامي، فكان متحفا وليس قصرا، هدم الآن وأصبح سوقا) حتى دكان الحاج عبد العزيز ياسين؛ الذى كان يفصل بين السوق والقيسارية، وهى تشمل محلات الأقمشة (المانيفاتورة) والصنايعية من الخياطين والجزمجية.  

كانت المحلات تصطف فى الواجهه البحرية وأمام المحلات يوجد النُصب (عربة وحولها دكك أو أرضا لتناول الشاى والتعميرة أي الجوزة) وكانت هذه النصب تتبارى فيما بينها فى اقتناء الراديو إغراء للرواد. 

بين النصبة  والأخرى يجلس باعة الليمون والخضار والفاكهة، قبل سراى زكريا كان سوق الحمير (عم زهران) وكانت تؤجر للركوب قبل الحنطور خاصة فى الذهاب إلى محطة القطار. 

أما  الميدان فتوجد به المراحيض (دورة مياه عمومية، تتكون من مرحاضين أمامهما مبولة من الصينى وبها عامل للإشراف والتنظيف) بجوار المراحيض شرقا الحمام (حمام عمومى تشرف عليه سيدة وعاملا للاستحمام وكان يوجد الصابون وكل المستلزمات وكان مبنيا من دور واحد مرتفع يوحى بالعظمة). 

فى الميدان كان بائعو البلح بالدورة (أربع بلحات) والشامى المسلوق فى صفائح، ناهيك عن بائعى الخبز الرغيف بتعريفة والجزارين الذين كانوا يذبحون يوم الخميس والأحد. 

وكنا نعرف محمود بتاع المخدرات ودرويش الحرامي (كان والدى يذهب للمنزل وسط النهار ويترك المحل في حراسة درويش الحرامي! قائلا إذا أمنت الحرامى يثبت أنه أمين وقد كان). 

والسوق هذا غير سوق الخميس الأسبوعى الذى كان محوره مايسمى بسوق الدرابزين لأنه مسور (وهذا السوق أصله فرعونى حيث كان قد زارنى الصديق الأديب جمال الغيطانى ١٩٩٨ وانبهر ببقاء هذا السوق وكتب عنه وعن القوصية فى يوميات الأخبار)، أما محل والدي فقد كان فى المساء شبه صالون ثقافى وسياسي، تبدأ المناقشة بأحدث الأفلام خاصة أفلام وأغانى عبد الوهاب وفريد (رغم سماعهم لعبد الوهاب كانوا مغرمين بفريد). وتنتقل المناقشة إلى السياسة خاصة أيام العدوان الثلاثى على مصر، وكان المد الثورى المصاحب لثورة يوليو قد تحول عند العدوان إلى حالة وطنية شاهدتها أمام نقطة البوليس المواجهة للسينما (كنت فى خامسة ابتدائى)، فى صورة طوابير من الشباب لاستلام السلاح للدفاع عن الوطن وكان يتقدم الصفوف (البياعون والبهوجية والصنايعية ...الخ). 

ولا مانع أن تعرج مناقشة مثل هذه الطبقة إلى فضل يوليو عليهم، وهنا اسمع الحكايات عن الباشا وما كان يحدث للعامة. وبحضور هذه المناقشات كان أصدقاء أبى بل إخوته (أناديهم بأعمامى وأولادهم أولاد عمى حتى الآن). كان أعمامى هؤلاء عبد الرحيم فرج، حامد حمودة، على حسن عبد السلام، منير بسيل وآخرون. 

أحكى عن أعمامى هؤلاء لأن علاقتهم كانت قد انسحبت إلى علاقة وطيدة متلاحمة فى الحب والمودة والمشاركة الإنسانية إلى أعلى مستوى، هنا يحق لى أن أسجل موقفا تاريخيا فاعلا وصانعا لنموج يجب أن يسجل فى إطار العلاقات الإنسانية الطبيعية وغير المصنوعة. كنا فى عزبة القرود منزلنا لايوجد به الماء والكهرباء (كانت الثورة أوجدت الكهرباء)، فى أحد المرات قال عمى عبد الرحيم فرج لأبي: يا اسعد لازم نركب نور، ولم يجب أبى. فوجئنا بحضور عمي عبد الرحيم مع فخرى عامل النور وتم التركيب بدون التيار، وتشاء الأقدار أن يكون والدى مريضا فيذهب عمي عبد الرحيم ومعه على همام وكان عملاقا أي فتوة السوق للسؤال عن أبى، وأثناء خروجهم من المنزل حدث زلزال (عام ١٩٦٨) فمال حائط المنزل عليهم هنا وبشكل تلقائى قام على همام بسند الحائط حتى لا يقع عليهم. 

هنا حدثت نقلة نوعية فى أمور كثيرة، قرر عم عبد الرحيم شراء قطعة أرض وهى منزلنا الآن من أحد أقاربه، استلم الأرض وأتى ببنَّاء وتابع له، كان أبى فى المحل لايجيد هذه الأمور وانا كنت اعمل بالبنك الزراعى بصدفا. نقلنا إقامتنا إلى منزل مجهز للسكن بناه عمى بحق عبد الرحيم فرج. كنت إذا أردت شيئا من والدى وأخاف ألا يستجيب، كنت أطلبه من عمى عبد الرحيم. مثل أول ساعة اقتنيتها (جوفيال) أحضرها عمى عبد الرحيم. 

(صورة أبى عن يمينى وخالى عن يسارى والخلف عم اسعد القسيس شريك عمى فى بقالة خرستو)

الكنيسة والمرحلة الإعدادية

انتقلت من مدرسة الاتحاد إلى المدرسة الإعدادية فى السوق مقابل سراى زكريا مهران. مع هذه المرحلة بدأت التعرف على الحياة الكنسية، الكنيسة هنا ليس المقصود بها صحن الكنيسة الذى تقام فيه القداسات، فالقداس يوم الأحد فقط ونحن فى المدرسة أو بمصاحبة أبى القداس لكى احوز على قربانة، وهى رغيف خبز صغير يستعمل فى سر التناول وأحد أسرار الكنيسة. ولكن الكنيسة هنا تعنى لنا حوشها ومبانيها الملحقة التي نحضر فيها مدارس الأحد. 

ومدارس الأحد فصول كانت تعقد خارج الكنيسة عصر يوم الأحد يحضر فيها الأطفال الصغار حينذاك، ليلقى عليهم درس تعليمى دينى مع تعليم الألحان الكنسية والترانيم، وعند الانصراف توزع صور للأطفال تكون هى الحافز على الحضور. مدارس الأحد أنشأها حبيب جرجس الذى كان مديرا للكلية الإكليريكية التى تخرج رجال الدين المسيحي، ولما تطورت الفكرة وشملت مدارس الأحد كل الأعمار، واستوعبت كل الأنشطة خرجت منها جماعات كنسية انضمت إلى الكنيسة عن طريق الرهبنة وكان أبرزهم الانبا شنودة الثالث، حتى أن مجمع الكنسية وهو الموقع الأعلى جعل حبيب جرجس فى وضع القديس. 

أما فى أواخر الخمسينيات فكانت مدارس الأحد محدودة النشاط، إلا من بعض الأنشطة المسرحية، فكانت تقام تمثيلية الميلاد حول ميلاد السيد المسيح. كنت طفلا حركيا لظروف النشأة فكنت اشارك في هذه الأنشطة، هنا حاول الأستاذ فؤاد أديب، وكان مدرس العلوم فى أولى إعدادي وخادما فى مدارس الأحد، أن يستوعبنى فوضع دورا فى التمثيلية عن شخص أعمى وأعرج يسير على عكاز وينادى بتحنن أن يأخذ أحد بيده للخان المولود فيه السيد المسيح، فلم يجد أحدا حتى تعثر فى المذود المولود فيه السيد المسيح فشفى فى الحال فقام فرحا مهللا مناديا ومعلنا شفاءه. 

من الواضح أنى أجدت التمثيل، فقد كان يحضر العرض الأستاذ عبد المنعم عزوز مدرس الرسم، وفي اليوم التالي حكى للناظر فأحضرنى من الفصل لكى أؤدى الدور. تعكزت على مكنسة وأديت الدور فأعجب الحاضرون. هنا انضممت لفريق التمثيل فى المدرسة، وكنا نقيم حفلة فى عيد الأم وحفلة فى آخر العام غير المناسبات الوطنية مثل عيد الوحدة. 

فى المدرسة الاعدادية كان فى كل فصل بنتا او اثنتين، وكان أمرا غير مسبوق مما جعلنا فى هذه السن نحاول الظهور بمظهر لائق تخيلا من كل واحد أن ينال هو الإعجاب. مما جعل الفصول التى بها بنات غير الأخرى، شاركت البنات فى النشاط المسرحى بالتمثيل والغناء. أقمنا تمثيليات وشاركنا فى اوبريت الوطن الاكبر فى دور عبد الحليم مع مجموعة من البنات، المرحلة الإعدادية هى مرحلة إعداد بحق حيث سن التحول لمرحلة عمرية أخرى. كان الضرب أو العَبْط (يرفع العامل التلميذ معطيا ظهره للمدرس الذى يضرب التلميذ على مؤخرته). 

مرة كنت فى السينما وأحدثت شوشرة أثناء العرض لإثبات الوجود حينذاك، كان أحد المدرسين حاضرا، فى صباح اليوم التالي أعلن فى الطابور ماتم فى السينما وقام بعَبْطى! المرة الأخرى قامت معركة بين القوصية والشرق على محطة القطار (وكانت هذه الأمور تتكرر بين البلاد كنوع من العصبية والقبلية)، تم تعنيف الشراقوة فى المركز. 

وفى هذه الفترة لم احضر كراسة الرسم فقام الاستاذ عبد المنعم عزوز بضربى قائلا بظرف: انتوا خليتوا المركز يضربوا الشراقوة يا أولاد الكلب. (وأصبح بعد ذلك الأستاذ فؤاد والأستاذ عبد المنعم اساتذتى وأصدقائي بمعنى الكلمة حتى آخر حياتهم .رحمهم الله ). 

كانت خلاصة المرحلة حالة من حالات الحب العذرى المقدس، فى هذا السن كان الحب الأول الذى لايعلن ولايتبادل بالكلام ولا بأى شىء غير الاحساس الذاتى مع النفس، مما يمثل نقاء فى الأحاسيس وجلالا فى العواطف ويظل تأثيره طوال الوقت. مع العلم أن الطرف الآخر لايعرف شيئا عن هذا الحب. 

أما الحياة الكنسية فقد اندمجت فيها على مستوى الأنشطة ولم أمارس دورا دينيا، بمعنى أننى لم أقم بالتدريس فى مدارس الأحد حيث يتحول التلميذ عندما يكبر إلى مدرس. مارست التمثيل وكثيرا من الأنشطة الأخرى كان أهمها الثقافة، لكن الأهم أن تكوينى كان التعامل مع الجميع بلا حساسية. 

ووجدت مناخا آخر فيه نوع من الانعزالية ليس ضد الآخر الدينى بل ضد الآخر المشارك فى ذات الدين، كنت فى كنيسة مار يوحنا وهى المطرانية الآن وكان الكاهن القمص ميخائيل متى، وكانت كنيسة الملاك بغرب البلد كاهنها القمص عبدالمسيح نخلة. كانا زميلين فى الدراسة ومتنافسين، انتقل التنافس بعد رسامتهما كهنة وكان صراعا بين الكنيستين أكبر من أى صراع بين مختلفى الدين. هذا المناخ وتلك الممارسات لم تجد قبولا داخلى وكان عدم القبول فى اللاشعور وأدركته فيما بعد فى علاقتى بالكنيسة وعلاقتى بأى اخر.  

(هذه صور فى حفلات المدرسة وأغنى الوطن الاكبر)
------------------------
بقلم: جمال أسعد عبدالملاك

الحلقة الأولى

الحلقة الثانية


مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب (٧)





اعلان