24 - 04 - 2024

مدينتي الفاضلة| مصر الجديدة تصرخ: "أحشائي مفتوحة!"

مدينتي الفاضلة| مصر الجديدة تصرخ:

أثق أن رؤية الرئيس غير واضحة للمنفذين، وأنهم يتلقونها بخوف، كأوامر واجبة التنفيذ دون تفكير، وبطاعة واثقة في غطاء حماية كاملة واستحالة محاسبة.. مثلما حدث في مأساة طبيبات المنيا. وزيرة صحتنا أصدرت قرارا بتدريب طبيبات الصعيد، موظف استدعاهن للقاهرة تخفيضا للنفقات، وموظف هددهن بالرفت لو تأخرن لأن الحملة بتوجيهات.. فمن هو الجاني؟! أعتقد أنها الأيادي المرتعشة جهلا، أو خوفا أو انتهازية، والمسئولية على الوزيرة.

وبالمثل، تم اغتصاب حي مصر الجديدة، واستباح المحافظ والأحياء تجاهل السكان، ونفذوا "عملية الكباري وتوسعة الشوارع" بتكتم كامل، دون اختبار نتائج أول الكباري!! لكن هجمت الكاسحات والبلدوزرات هجوم قواتنا على خط بارليف، لكن بنيران صديقة!! 

ولما وصلت صرختنا بالأمس، بعد سبعة أشهر، اجتمع السيد المحافظ مع "الشباب" بعيد عنا نحن السكان!! "معلنا أنهم يخلقون محاور وطرق واسعة لربطها بالعاصمة الإدارية!! وأن الدور على مدينة نصر!! وأن التكلفة مليارات!! والهدف فتح الشرايين وإزالة الاختناقات".. شكرا سيادتك، ونتمنى تشريفك ومحاولة تعدية شارع 8 حارات، ومعاينة نزيف شرايين السكان على الأسفلت!! وتأكد من تخصيص سيارة اسعاف لكل كوبري!

ويا مهندس الكباري ووزير الطرق، إذا كانت مصر الجديدة بتخطيطها السكني المتكامل تمزقت بالكباري، وشابهت عشوائيات الصحاري، فماذا تتوقع من مدينة نصر العشوائية التخطيط أصلا!! ولماذا لم تبدأ مد الكباري بمدينة نصر العشوائية أولا كتجربة عملية للتقييم وتجنب السلبيات!! ربما كنت نجحت في تسليك اختناقاتها المرعبة وكسبت دعواتنا.

وأسأل محافظنا، هل اجتماعك بالشباب واعلانك "سر الكباري" هدفه غسل يدك من دم مصر الجديدة، أم لتأكيد سياسة " اتفلقوا، واخبطوا رؤوسكم في أعمدة الكباري"!! المشروع تم ولا تراجع!

وأسأل مجلس نوابنا، هل ستطالبون بتعويضات لشهداء توسيع الشوارع، واهدار قيمة العقارات، واصابات انتشار العادم!! 

دون شك كلنا فخورون ومتحمسون لتسهيل وصول كل مستثمر للعاصمة الإدارية، ربنا يعمر بيوتها ويخًضر شوارعها، ويوسع وادينا، لكن ليس على جثة مصر الجديدة التي انتظم مرورها مؤخرا بعد مترو الأنفاق واشارات المرور، ولم يكن ينقصها إلا أماكن ركن سيارات، وعودة الأمن!! 

أحشاء مصر الجديدة مفتوحة من شهور، كأن شركات المقاولات متنافرة!! نخرج من بيتنا للضرورة القصوى، نلمس الرصيف فنتونس بحالة التوهان الجماعي، ونعود مواطنين صالحين ساكتين، نكلم أنفسنا ونترحم على مصابي الطريق، ونشكر ربنا أننا ذهبنا مشاويرنا ورجعنا بيوتنا سالمين! من توهاننا نركب تاكسي، لنفاجأ بحالة تشفي وحقد طبقي، وتدني أخلاق يتناغم مع هبد السيارة في حُفر وغبار الطريق. 

نكلم أنفسنا بصوت عال، زرعوا النخل ونزعوه مرتين!! كسًروا الشارع تاني!! يزغُر لنا سائق التاكسي الشمتان، الفرحان بطول المسافات، والبرطعة في وسع الشارع.. الراكب باشا نمرود وياما اتبغدد، ولسه، لما يمرح فوق الكباري من مصر الجديدة للعاصمة الادارية!! يكاد يفصح أننا عشنا طول عمرنا في شوارع مرصوفة بحدائق، وكمان صرفوا مليارات ووسعوها لنا، وهو محشور في عشة في العشوائيات.. الباشا يدفع خمسة جنيه ايجار قديم من خمسين سنة في شقة بحر، وهو يدفع 800 ج في أوضة الفئران؟؟ بيته يطل على كوبري أبهة، وهو يطل على مزبلة في مدًق مجهول لخريطة ومنظومة وزيرة البيئة!!

والآن، اعتدنا صوت فرامل يتبعه صراخ ثم سارينة اسعاف مع خروج المدارس في ميدان الجامع، وتريومف، وسانت فاتيما، والحجاز! تغافل عنه أستاذ الجامعة صاحب التخطيط تنفيذا للأوامر!!

سكان تريومف عاشوا تحت أنقاض الأسفلت والردم شهورا، اعترضوا على سلوك بلدوزر يلقي سياراتهم ليلا في الشوارع الجانبية.. فظهر منادي بميكروفون (مسحراتي المشروع) في الواحدة صباحا، "كل من له عربية في الشارع ينزل يشيلها"، يعني يرميها بعيد بمعرفته!! ثم هرب الصبر مع اكتمال كوبري واسع بالهبل، بلع الشارع وترك حارة واحدة لعبور السيارات!! يُقال لتأجير الركن تحت الكوبري!! وليتحمل كل مواطن مسئولية تعدية الشارع! وانطلقت ماكينات الحفر صوب باقي الميادين والشوارع الرئيسية، تهدر وتصفر ليل نهار، تكسر وتردم ثم تعيد الحفر والردم مثل طبيب نسي الفوًط والممرضة في أحشاء المريض!! فيقرر ترك الأحشاء مفتوحة!!  تتكرر انفجارات نفس المواسير والكابلات، كأن الحي يخاصمهم ويحجب خريطة المرافق!

سيادة المحافظ، ومهندس الكباري نطالبكم بزيارتنا وقت خروج المدارس، وعبور الطرق السريعة منفردان على أقدامكما.

والآن، اسمعونا، ونعتذر لارتفاع صوتنا لإصابتنا بالغضب من تجاهلنا، وبالصمم من صراخ آلات الحفر والكسح شهورا!

نطالبكم بحل مشكلة اتساع كوبري تريومف لأنه ضاعف الاختناقات المرورية، ويهدد أرواح السكان، ووضع بدائل لركن السيارات.. ونطالب بتقفيل شوارع مفتوحة الأحشاء مثل شارع جسر السويس.. وبوقف انشاء مزيد من الكباري، لحين معالجة سلبياتها.

أما الشوارع التي توحشت اتساعا كمصائد موت، فنطالب بتقليص عدد الحارات إلى الحد الآمن للسيارات والمشاه، بما يسمح بمساحة خضراء تظللنا وتحتوينا، ويمنع المزيد من التشويه بكباري للمشاه تتنافي مع قدرات كبار السن. 

ونطالب باعفاء عسكري المرور المجند الغلبان من ذل التجاهل والشتائم!! لأنه سيظل عاجزا عن تنفيذ أوامر الركن الموازي للرصيف، أو فض اشتباكات انفلات الأعصاب وهمجية السائقين لانتزاع مكان عبور أو ركن! افرضوا القانون تكسبوا التنمية. 

لم يتبق من ملامح مصر الجديدة الخضراء إلا شارع عبد الحميد بدوى، الممتد من جسر السويس لصلاح سالم، لكن احتراق حدائقه يبشر بنفس المصير!! ونناشدكم " قف".

عشنا نطل على حدائق، استيقظنا في مهب طرق سريعة، وتلوث سمعي وبصري وتلصص كباري!! اختفي سكون الغروب على الحشائش التي عاشت ترتوي بضحكات العائلات في أمسيات الصيف.. أطباء النفس والتأهيل ينصحون بالتغابي والتأقلم، أوكي.
---------------------------
بقلم: منى ثابت

اغتصاب مصر الجديدة 

مقالات اخرى للكاتب

مدينتي الفاضلة | أنا مش باحبه حب شريف!!





اعلان