قبل خمس سنوات وفى مثل هذا اليوم اتصل بى الكاتب الكبير وأستاذى علاء الديب رحمة الله عليه ليقول: "اليوم مر عامان ووجهه لم يتركنى فى حالى"، صوته الشجى أربكنى، وأوحى لى أنه شعر بفقدان الشيخ عماد عفت فجأة، وأنه لا يعرف.. كيف يتصرف؟!، وطالبنى بالكتابة ( أيامها كنت أكتب يوميا! ).. ملامح الشيخ البشوشة كانت عنوانا للطيبة والرقة والإيمان، ابتسامته الصافية تشير إلى قلب عامر بالخير والسلام
تمنى ألا يستشهد على يد مصريين، ومع هذا اغتاله شخص قريب (على بعد عشرة سنتيمترات)، تفرق دمه بين الجميع، بين الفلول (لأنه أفتى بعدم جواز تصويتهم فى الانتخابات)، وبين جماعة الإخوان الإرهابية التى كانت تسعى أيامها لإشعال الفتنة بين المجلس العسكرى والثوار، وبين السلطة الحاكمة التى كانت عصبية وغليظة فقط تجاه أنقياء الثورة، فشلت التحريات فى تقديم قاتليه، وقاتلى رامى الشرقاوى، وعلاء عبدالهادى، وأحمد منصور وغيرهم إلى العدالة.
كان يترك الجبة والقفطان فى المنزل، وينزل إلى التحرير ليتمم على ثمار الحرية الطالعة، استشهاده رد الاعتبار إلى نقاء الثورة ، بعد محاولات إلصاق تهم البلطجة على كل من ينادى بتحقيق أهدافها، رد الاعتبار إلى رجل الدين الذى اعتبر التواجد فى التحرير أفضل عند الله من الطواف حول الكعبة، لأن الأولوية للجهاد، استشهد وهو يقول للشباب "لا تخافوا إنها طلقات صوت"، كان "أمين الفتوى" يقبل يد أستاذه المفتى على جمعة قبل الثورة، وتوقف بعد ذلك لأسباب وجيهة ومفهومة، جمعة هدد قبل سبع سنوات "بأن دم الشهيد لن يذهب هدراً، وأنه يتابع بنفسه وقائع التحقيق"، وعزاه مرشد الإخوان، وبعث بعبدالرحمن البر ليمثله فى الجنازة، مرت السنون ، وتواطأ كل الذين مروا، وبقيت ابتسامة الشيخ عماد عفت ونظرته الحانية وفطرته النقية عنوانا للثورة.. التى كنا نحلم بها.
-------------------
بقلم: إبراهيم داوود