17 - 05 - 2025

علاوة الموظفين لا تكفي لشراء كيلو بطاطس يومياً وإلغاؤها ليس حلاً

علاوة الموظفين لا تكفي لشراء كيلو بطاطس يومياً وإلغاؤها ليس حلاً

مطالبات بتحصيل الضرائب المستحقة قبل حرمان الموظفين:

عبدالنبي عبدالمطلب: استرداد حقوق الدولة من التهرب الضريبي والاعفاءات حل أفضل من وقف العلاوة الدورية

مختار الشريف: تخفيض أو إلغاء العلاوات السنوية لا علاقة له بالأزمة الاقتصادية

خالد الشافعي: تخفيض العلاوات السنوية جزء من الحل والإصلاح الضريبي يوفر 500 مليار جنيه

رغم مرور نحو أسبوعين على تصريحات الرئيس السيسي حول إلغاء العلاوة الدورية للموظفين لتوفير تمويل بناء عدد مناسب من الفصول الدراسية، ما زالت تثير الجدل بين المواطنين وفي آوساط الخبراء والمتابعين فمنهم من يرى أنها جزء من الحل للأزمة الاقتصادية ومنهم من يرى أنها ليس لها علاقة بالأزمة الاقتصادية.

في البداية يقول الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب، خبير اقتصادي، على الدولة أن تجتهد في تحصيل الضرائب المستحقة، قبل حرمان الموظفين من ملايين العلاوة الدورية، مشيراً إلى أن بيانات الموازنة العامة للدولة تشير إلى أن إجمالي الأجور وما في حكمها مثل "المكافآت والحوافز والعلاوات" تبلغ نحو 270 مليار جنيه مقابل نحو 240 مليار دولار عام 2017/2018.

وأكد عبد المطلب لـ"المشهد" أن إجمالي الزيادة في هذا البند هي فقط نحو 30 مليار جنيه، وبعد استقطاع ما يحصل عليه المستشارون والخبراء، ومن يعملون بعد سن الستين، ومكاتب كبار الموظفين في الجهات والهيئات، نستطيع أن نقول أن أفضل ما يمكن أن يحصل عليه الموظف في الدولة لن يزيد بأي حال من الأحوال على 350 جنيه شهرياً، أي 10.5 جنيه يومياً، وهو مبلغ لم يعد يكفى لشراء سندويش فول أو طعمية، بل حتى لم يعد هذا المبلغ قادراً على شراء كيلو طماطم أو كيلو بطاطس.

وأضاف أن اعتمادات الأجور وتعويضات العاملين في الموازنة لا تزيد بأي حال عن 18.9% من إجمالي المصروفات بمشروع الموازنة العامة للدولة البالغ مقدارها تريليون و424 مليار جنيه، كما تمثل نسبة 15.7% من إجمالي الاستخدامات لمشروع الموازنة العامة للدولة والمقدر بمبلغ تريليون و724 مليار و700 مليون جنيه.

وأوضح عبدالمطلب، إذا كانت الدولة في حاجة إلى نحو 130 مليار جنيه لتطوير التعليم أو بناء المدارس، فهي تحتاج إلى حرمان الموظفين من أي زيادة في الدخل لمدة تزيد عن أربع سنوات على الأقل، وحتى إذا فعلت ذلك فلن تتمكن من تدبير المبلغ المطلوب، نظراً لزيادة أسعار مستلزمات البناء، وتجهيزات المدارس وغيرها، وسوف تكون النتيجة هي نفس نتيجة رفع الأسعار، وتطبيق سياسات الإصلاح التي أفقرت المصريين ولم ينتج عنها أي تحسن في أي من مؤشرات جودة الحياة، مؤكداً أن الدين الداخلي والخارجي في ارتفاع مستمر.

وأضاف عبدالمطلب، في ظل هذه الظروف لم تجد الحكومة أي حرج في زيادة اقتراضها من الأسواق المحلية والخارجية على السواء، رغم تزايد المخاوف يوماً تلو الآخر من ارتفاع حجم "ديون مصر"، ورغم اعتقادنا أن حجم الدين الخارجي الذى قفز إلى 92.64 مليار دولار بنهاية يونيو 2018 يعتبر خطراً كبيراً، حيث تبلغ العوائد المستحقة على السندات الدولية باليورو نحو 5.625%، وهو سعر مرتفع بمقاييس مؤشرات الاقتراض الدولي .

وبين أن الخطورة لا تكمن فقط في حجم الديون، لكن الخطر الأكبر يتمثل في فوائد وأقساط تلك الديون، والتي ارتفعت بمقدار 160.4 مليار جنيه خلال عام واحد، أكثر من خمسة أضعاف الزيادة السنوية في دخول كافة موظفي الدولة ووصلت مدفوعات فوائد الديون إلى 541 مليار جنيه.

وقال: من هنا فإننا نعتقد أن حرمان الموظفين من العلاوة الدورية لن يسمن الحكومة، ولكنه قد يهوى بالكثير من المواطنين في براثن الفقر المدقع، وقد يكون من الأفضل أن تبحث الحكومة عن استرداد حقوقها المنهوبة من التهرب الضريبي والاعفاءات الجمركية، والحصول على مقابل الانتفاع بأراضيها، وتحجيم حجم الفساد الذى يضيع مليارات الدولارات على الاقتصاد المصري بدلاً من دفع المواطن المصري إلى براثن الفقر.

بطالة مقنعة

من جانبه قال الدكتور مختار الشريف، خبير اقتصادي، الكلام عن إلغاء العلاوات كذبه ونفاه مجلس الوزراء وكذبه جميع المسؤولين، ولا يوجد له أساس من الصحة، موضحاً أن تخفيض أو إلغاء العلاوات السنوية ليس له علاقة بالأزمة الاقتصادية وعدد الموظفين 7 ملايين مواطن وهو أكبر نسبة من الموظفين علي مستوي العالم.

ويرى أن وجود 7 ملايين موظف لخدمة 100 مليون نسمة، يعتبر نسبة كبيرة جداً قياساً على دول أخرى، وبالنسبة لمصر فان الجهاز الحكومي كله نسميه "بطالة مقنعة" فالعمل الذي يقوم به شخص أو شخصان، يعمل عليه في مصر 5 أشخاص أو 7 أشخاص، لدرجة أن مصالح حكومية يوجد بها أشخاص زيادة يقولوا لهم "روح وما تجيش شوية" لعدم وجود مكان له داخل الجهة الحكومية !!.

وقال الشريف لـ"المشهد"، يجب أن نبحث عن البعد الاجتماعي الموجود في سياسة الحكومة من موازنة الحكومة للفقراء ولكن توجد اعانات للفقراء وجمعيات تعطي للفقراء مساعدات كبيرة جداً وكان في السابق 20% من السكان تحت خط الفقر والآن قلت هذه النسبة والمساعدات الاجتماعية تذهب إليهم. 

وأوضح، أن الحلول الاقتصادية لمواجهة زيادة الانفاق تبدأ من إيجاد فرص عمل للأفراد وفرص العمل لن تأتي إلا بزيادة الاستثمار والحكومة تحاول العمل على زيادة الاستثمار خاصة في القطاع الخاص من الخارج ولكن المشكلة أن الكل من حولك ينافسون بعضهم في جذب الاستثمار، حتى في دول النفط نفسها مثل السعودية والامارات.

العلاوة جزء من الحل

قال خالد الشافعي خبير اقتصادي، لـ"المشهد"، إن تخفيض أو إلغاء العلاوات السنوية جزء من حل الأزمة الاقتصادية وليس كل الحل، مشيراً إلى أن الرئيس السيسي كان يشير إلى أن توجيه جزء من تكاليف العلاوة إلى تطوير التعليم، الذي مازال يحتاج إلى ما يقارب 70 مليار جنيه لتصحيح العملية التعليمية سيعود بالفائدة بشكل أفضل من العلاوة نفسها.

وأشار إلى أننا في دولة يوجد بها عجز يفوق 500 مليار جنيه سنوياً ومازال يكبد الدين المحلي الميزانية العامة للدولة يفوق 541 مليار جنيه سنوياً وكل ذلك مؤشرات تصب أننا في دولة لديها عجز الموازنة ودين محلي ونقص في المبالغ المخصصة في التعليم ونقص في المبالغ المخصصة في الصحة ولابد من ايجاد موارد واعادة تخصيص مثل هذه المبالغ نحو هذه الخدمات التعليمية بما يصب في النهاية لصالح المواطن المصري.

وأعرب الشافعي عن أعتقاده بأن على الدولة أن تأخذ خطوات جادة في إصلاح منظومة الضرائب للوصول للهدف الأسمى للعدالة، موضحاً أن إصلاح منظومة الضرائب يحقق العدالة الضريبة بكافة الأنشطة وكافة المشروعات القائمة علي أرض الواقع، حيث إنه سيحقق العدالة ويوفر ما تحتاجه الموازنة العامة من أموال ويقضي على أنشطة السوق أو الاقتصاد الموازي الذي يقدر بأكثر من 2 تريليون جنيه. 

وقال: في هذه الحالة تستطيع الدولة أن تحصل المستحقات الضريبة من الاقتصاد الموازي بما لا يقل عن 500 مليار جنيه وبالتالي يقف تماماً العجز المزمن وفي هذه الحالة لن يتحمل المواطن محدود الدخل أو الموظف نتائج أي خطوات اصلاحية قادمة.
--------------------
تقرير - رامي الحضري