قال الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب، الخبير الاقتصادي، إن على الدولة أن تجتهد في تحصيل الضرائب المستحقة، قبل حرمان ملايين الموظفين من العلاوة الدورية. وأشارت بيانات الموازنة العامة للدولة إلى أن إجمالي الأجور وما في حكمها مثل "المكافآت والحوافز والعلاوات" وتبلغ نحو 270 مليار جنيه مقابل نحو 240 مليار دولار عام 2017 /2018.
وأكد الخبير الاقتصادي في تصريح لـ"المشهد"، أي أن إجمالي الزيادة في هذا البند هي فقط نحو 30 مليار جنيه، وبعد استقطاع ما يحصل عليه المستشارون والخبراء، ومن يعملون بعد سن الستين، ومكاتب كبار الموظفين في الجهات والهيئات، نستطيع أن نقول أن أفضل ما يمكن أن يحصل عليه الموظف في الدولة لن يزيد بأى حال من الأحوال على 350 جنيه شهرياً، أى 10.5 جنيه يومياً، وهو مبلغ لم يعد يكفى لشراء سندوتش فول أو طعمية، بل حتى لم يعد هذا المبلغ قادراً على شراء كيلو طماطم أو كيلو بطاطس.
وأضاف، أن اعتمادات الأجور وتعويضات العاملين في الموازنة لا تزيد بأى حال عن 18.9% من إجمالى المصروفات بمشروع الموازنة العامة للدولة البالغ مقدارها تريليون و424 مليار جنيه، كما تمثل نسبة 15.7% من إجمالي الاستخدامات لمشروع الموازنة العامة للدولة والمقدر بمبلغ تريليون و724 مليار و700 مليون جنيه.
كما يلاحظ أن المكافآت تستوعب وحدها نحو 31.8% من إجمالى الأجور بمشروع موازنة 18-2019، بتقديرات بلغت نحو 84.5 مليار جنيه تليها بند الوظائف الدائمة والذى يستوعب نحو 25.7% منها، بتقديرات بلغت نحو 68.5 مليار جنيه ويشمل هذا البند المرتبات الأساسية بتقديرات بلغت نحو 23.4 مليار جنيه، والأجر الوظيفى بتقديرات بلغت نحو 44.8 مليار.
وأرجح عبدالمطلب، إذا كانت الدولة في حاجة إلى نحو 130 مليار جنيه لتطوير التعليم أو بناء المدارس، فهى تحتاج إلى حرمان الموظفين من أى زيادة في الدخل لمدة تزيد عن أربع سنوات على الأقل، وحتى إذا فعلت ذلك فلن تتمكن من تدبير المبلغ المطلوب، نظراً لزيادة أسعار مستلزمات البناء، وتجهيزات المدارس وغيرها، وسوف تكون النتيجة هي نفس نتيجة رفع الأسعار، وتطبيق سياسات الإصلاح التي أفقرت المصريين ولم ينتج عملها أى تحسن فى أى من مؤشرات جودة الحياة.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن الدين الداخلي والخارجي في ارتفاع مستمر وبتالي تعتبر نسبة مخيفة. وأضاف، أن معدل التضخم في ارتفاع مستمر، وأسعار الفائدة تحلق عند مستويات طاردة للاستثمار، وسعر صرف الجنيه المصرى منخفض بشكل كبير.
وعلى الجانب الآخر تشهد الأسواق المصرية ارتفاعات متتالية في أسعار السلع الغذائية الأساسية، والأدوية، وأسعار النقل والمواصلات والاتصالات. وأوضح عبدالمطلب، فى ظل هذه الظروف لم تجد الحكومة أى حرج في زيادة اقتراضها من الأسواق المحلية والخارجية على السواء، رغم تتزايد المخاوف يوماً تلو الآخر من ارتفاع حجم "ديون مصر"، ورغم اعتقادنا أن حجم الدين الخارجي الذي قفز إلى 92.64 مليار دولار بنهاية يونيو 2018 يعتبر خطراً كبيراً، حيث تبلغ العوائد المستحقة على السندات الدولية باليورو نحو 5.625%، وهو سعر مرتفع بمقاييس مؤشرات الاقتراض الدولي.
وأضاف، أن الخطورة لا تكمن فقط في حجم الديون، لكن الخطر الأكبر يتمثل في فوائد وأقساط تلك الديون، والتي ارتفعت بمقدار 160.4 مليار جنيه خلال عام واحد، أكثر من خمسة أضعاف الزيادة السنوية في دخول كافة موظفي الدولة ووصلت مدفوعات فوائد الديون إلى 541 مليار جنيه، ومن هنا فإننا نعتقد أن حرمان الموظفين من ملايين العلاوة الدورية لن يسمن الحكومة، ولكنه قد يهوى بالكثير من المواطنين في براثن الفقر المدقع.
وقد يكون من الأفضل أن تبحث الحكومة عن استرداد حقوقها المنهوبة من التهرب الضريبي والإعفاءات الجمركية، والحصول على مقابل الانتفاع بأراضيها، وتحجيم حجم الفساد الذى يضيع مليارات الدولارات على الاقتصاد المصرى بدلاً من دفع المواطن المصرى إلى براثن الفقر.