نقيب صيادلة مصر ينتقد التدهور الحادث في قطاع الدواء رغم مساسه بالأمن القومي
- لاتسجيل لمستحضرات جديدة والمنافسة فى السوق الدوائى المصرى غيرعادلة
- صيادلة مصر يستطيعون تقديم خدمات لمليار شخص.. ومع ذلك يوجد دخلاء على المهنة
- نصيب الشركات متعددة الجنسية 70% من سوق الدواء المصري مقابل 4.8% لقطاع الأعمال
- رفع أسعار الدواء يخدم المواطن في المقام الأول وهناك من يتعمد القضاء على شركات الأدوية وتفريغ القطاع من محتواه
أكد د.محيي عبيد نقيب الصيادلة أن هناك حاجة ملحة لفصل ملف الدواء عن وزارة الصحة وتكليف هيئة مستقلة تتبع مجلس الوزراء به للقضاء على سياسة الجزر المنعزلة.
وقال عبيد إن الدواء جزء من الأمن القومي وانحسار إنتاج شركات قطاع الأعمال إلى 4.8% منه فقط مقابل 24% لشركات استثمارية وأكثر من 70% لشركات متعددة الجنسية يكشف أن هناك من يتعمد القضاء على الشركات العامة التي تراجعت تغطيتها للسوق المصري من 74% إلى أقل من 5%.
وأوضح نقيب الصيادلة أن الدواء لايوجد فيه فرز أول وفرز ثان وأن إنقاذ شركات الدواء التابعة لقطاع الأعمال يتطلب إعادة الهيكلة الإدارية للشركات وتحسين نظم المعلومات وتطوير العمالة البشرية والاستفادة بالطاقة الإنتاجية ، حيث أن هناك 50% عمالة زائدة وسياسة تسعير غير عادلة
وهذا نص الحوار:
* أكدت في مداخلة تليفزيونية أن الدواء أمن وفعال بينما يلجأ الكثيرون خاصة من الطبقة العليا في المجتمع لشراء الأدوية من الخارج وأحيانا بناء علي نصيحة من أطبائهم أليس هذا موجودا في الواقع ؟
- الدواء لايوجد فيه فرز اول وفرز ثان، المنتج كله واحد وعلي حسب رغبة المشتري قد يشتري من الخارج أو من مصر.
* ما مصير شركات الدواء التابعة لقطاع الأعمال وما الذي جعل إنتاجها ينهار من حوالي 80% من استهلاك المصريين الي نحو 4%؟
-عدم وجود سياسة للشركة أدى إلي التدهور، ولايوجد تسجيل مستحضراتآ جديدةآ واكتفوا بالأدوية القديمة المسجلةآ لقطاع الأعمال، لم يكن هناك بحث وتطوير وبالتالي أدى ذلك إلي الاستمرارعلي أدوية قديمة، فأصبحآ الاحتياجآ قائما لوجود شركات مصرية وشركات متعددة الجنسيات
فشركات الأدوية التابعة لقطاع الأعمال العام عانت على مدار سنوات طويلة من أزمات كبيرة رغم أن هذا القطاع كان يحتوى على مجموعة من الشركات العملاقة التى تتصدر إنتاج الدواء وتصديره واحتكاره فى منطقة الشرق الأوسط، وهناك الآن فى مصر 154 مصنع دواء ينتجون 14 ألف و 250 منتجا دوائيا، بخلاف 60 مصنعا تحت الإنشاء و 1200 شركة تول أى الشركات المصنعة لدى الغير ويبلغ عدد شركات القطاع الاستثمارى 127 شركة من أصل 154 تابعين لأفراد أو مسثمرين بواقع 12 ألف و500 منتج دواء من أصل آ 14ألف 250 صنفاً، أما الشركات متعددة الجنسية فيبلغ عددها 16 شركة تنتج حوالى 1250 صنف دواء، أما الشركة القابضة التابعة لقطاع الأعمال فتنتج 1500 منتج دوائى منها 800 صنف تقل أسعارها عن 5 جنيهات.
وشركات قطاع الأعمال عبارة عن 11 شركة منها 8 شركات إنتاج، وشركة الجمهورية لتجارة الأدوية التى تستورد المواد الخام والشركة المصرية لتجارة الأدوية والتى تستورد الأشكال الدوائية .
وتدرج كيان قطاع الأعمال من قوته فى السبعينيات والثمانينيات، حيث سيطرت الشركة القابضة على معظم محركات السوق الدوائى المصرى من تداول المواد الخام والإنتاج والاستيراد والتصدير والتسويق والتخزين والتوزيع وذلك من خلال شركاتها التابعة، ونجحت وقتها فى تغطية أكثر من 74% من حجم السوق الدوائى المصرى المتداول فى تلك الفترة، لكن اليوم وبسبب تدنى أوضاع شركات الأدوية للقطاع العام وصل حجم التجارة من 85% إلى 4,8%..
* ما سبب كل هذا الانهيار؟
- هذا القطاع تم تفريغه من محتواه، وقطع علاقته بمنتجات ذات تكنولوجيا عالية، بدأ ذلك بغلق خط إنتاج المستخلصات الطبية والتى كانت موجودة بشركة ممفيس وكانت تنافس على أكثر من منتجين ومنها مادة الميلانين وكانت الشركة الوحيدة التى تنتج هذا المستخلص المستخدم فى علاج حصوات المجارى البولية، وكان لا يوجد منتج يضاهيه بالعالم أى المنتج الجوكر.
فلدينا مثلا الريفو الذى يرفع قيمة الشركة العربية للأدوية والفلورست هو الذى تعتمد عليه شركة جلاكسو والكونجستال الذى يرفع العبء عن شركة سيجما ويرفع قيمتها ، ووجود منتج جوكر نفقده يعني أن هناك من يتعمد القضاء على قطاع الأعمال بعدما لعب دوراً كبيراً وقت الحروب والأزمات
* هل دخول القوات المسلحة مجال انتاج الأدوية تم لمنافسة شركات قطاع الأعمال أم لتعويض النقص في إنتاجها وما حجم إنتاج مصانع القوات المسلحة؟
- دائما القوات المسلحة لها دور وطني لاشك في ذلك، ودخولها في مجال الادويةآ لأنها تريدآ أن تحقق لمصر الاكتفاء، وبالتأكيد تدخل في إنتاج بعض الأصناف التي تكون مصر في احتياج لها، وعندما يحدث نقص في الأدوية تكون القوات المسلحة آ هي منقذنا من تلك الازمات.
* ماهي الجهة التي تتحكم الآن في تسعيرالدواء؟ ولماذا تبدو شركات الادوية ووزارة الصحة ووزارة قطاع الأعمال ونقابة الصيادلة كأنها تعمل في جزر منعزلة وفق تعبيرك؟
وزارة الصحة هي الجهة المسئولة ويكون لديها توجه مالي لزيادة أسعار الأدوية، ولكن من المفترض مناقشة النقابة في ذلك بما اننا المعنيين، فلسنا جمعيات خيرية ولكننا طرف محايد.
حجم صناعة الدواء فى مصر تقدر بـ60 مليار جنيه والكارثة الكبرى فى أن الشركات الاستثمارية تأخذ من السوق المصرى نحو 24% من قيمة صناعة الدواء أما قطاع الأعمال فيبلغ نصيب شركاته 4.8%، فى حين يصل نصيب الشركات متعددة الجنسية لـ70% من حجم صناعة الدواء رغم قلة عدد الأدوية التى تنتجها، ورغم أن الأدوية الخاصة بهذه الشركات يتم تصنيعها فى مصر بنفس شروط صناعة الدواء المحلى ونفس المادة الخام، ومع ذلك فإن سعرها مضاعف، لذا فإن هناك بعض الحواجزالتى حالت دون تطوير القطاع، وتسببت فى انحدار مستواه أهمها سياسة التسعير التى تزيد بها أدوية شركات قطاع الأعمال، وتختلف كثيرا عن تسعير الشركات الخارجية لإنتاجها، مما يهدر قيمة الدواء المحلى.
هناك أيضا خلل وعدم تناغم بين الوزارات المسئولة عن ملف الدواء وتعامل بسياسة الجزر المنعزلة بين وزارة الاستثمار المسؤولة عن تراخيص المصانع والتجارة الخارجية المسئولة عنآ قطاع الجمارك فى التصدير والاستيراد ووزارة الزراعة التابع لها المعهد المسئول عن تراخيص المكملات الغذائية ووزارة الصحة المسئولة عن التسعير والتسجيل.
*هل تعتقد أن رفع أسعار الدواء خلال السنوات الماضية يصب في مصلحة شركات الدواء المصرية أم يخدم مافيا الأستيراد ؟
- يخدم المواطن أولا، لأنه كان هناك دواء بجنيهين أو3 جنيهات، وحالياآ المريض يبحث عن الدواء ولا يجده، فيضطر انه يشتريه مستوردا مثلا بستين جنيها، لكن حينما أجعل الدواء بـ 4 جنيهات وأجده متوفرا، أفضل من أن يكون تكلفته غالية أو لا أجده.
إرتفاع سعر الدواء يرجع إلي ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه، ومصر دولة تستورد نحو 95% من المواد الخام للأدوية من الخارج، ولدينا 7 شركات قطاع أعمال مملوكة للدولة تُنتج الأدوية الرخيصة ولديها خسائر تقدر بنحو 138 مليون جنيه سنويا، وهناك إحدى شركات توزيع الأدوية تسيطر على 77% من حجم توزيع الأدوية فى مصر بأيدي خفية وهذه المصانع دمرت لمصلحة كبار المستثمرين.
ولزيادة إنتاج الأدوية الرخيصة، نحن مع زيادة متوسطة لهذه الأدوية بما يضمن إعادة السيطرة على السوق ويحافظ على استمرار شركات قطاع الأعمال العام بدلا من توقفها، والأفضل أن يزيد سعر علبة الدواء من 1 جنيه إلى 5 جنيهات لتكون بديلاً للدواء المستورد الذى تبلغ قيمته ضعفي هذه القيمة، بدلا من غلق الشركات والمصانع، فالدواء أمن قومى وحجم الاستثمار فيه يبلغ 30 مليار جنيه سنوياً ومع تطبيق صرف الدواء بالاسم العلمى وإجبار الأطباء قانونا على كتابة هذا الاسم فى روشتات العلاج للمرضى، مع الاهتمام بتطوير شركات قطاع الأعمال المملوكة للدولة، يقضى على الأزمة.
* تكررت في الأونة الأخيرة نشرات سحب الأدوية أو عدم تداولها، ماهو السر في ذلك هل هناك مصادر جديدة تورد أدوية رخيصة للسوق المصري؟
- هذا لا يحدث في مصر فقط ولكن يحدث في معظم الدول، ومصر من أقلها في السحب.
جهاز حماية المستهلك حذر من التعامل مع المستحضرات المصنعة من مادة فالسارتان بناء على التقارير الصادرة من الوكالة الأوربية التى تفيد بوجود شوائب مضرة قد تكون مسرطنة بمادة الفسارتان وتستخدم هذه المادة لعلاج ضغط الدم المرتفع واختلال عضلة القلب.
والشركات الوطنية وشركات قطاع الأعمال والشركات المملوكة للمصريين هي من تورد أدوية رخيصة للمصريين.
* كثيرا مانصادف في الصيدليات باعة أدوية وليس صيادلة هل هناك طريقة لاحكام الرقابة علي الصيدليات لئلا توظف غير الصيادلة لقراءة الروشتات وصرف ادوية بديلة للجمهور؟
مصر تعاني من وجود دخلاء علي المهنة، وهؤلاء الباعة ليسوا صيادلة، هذا أمر يتعلق بـالضمير، فجهات التفتيش لا تستطيع وضع مراقب على كل صيدلية لمراقبتها.
صحيح أن الصيدليات المخالفة تتعرض للغلق من جهات التفتيش بعد محضر إداري، لكن المريض عليه الامتناع عن صرف الدواء في حالة عدم وجود صيدلى مؤهل فى الصيدلية، مفروض أن يسأل أولا من يقف فى الصيدلية، واذا لم يجده صيدليا يمشى، ويقدم شكوى ليساعدنا فى غلق الصيدليات المخالفة.
وأشير إلى أن عدد أعضاء الجمعية العمومية للنقابة العامة والفرعيات يبلغ 213 ألف عضو، وهذا العدد يكفى لتقديم خدمات إلى مليار و50 مليون مواطن وفق النظم العالمية التى تحدد صيدليا لكل 5 آلاف مواطن، وهناك نحو 71 ألف صيدلية فى مصر تستطيع تقديم الخدمة لعشرة أضعاف عدد المصريين.
* أدوية الجدول أو الادوية المقررة تثير الجدل دائما في الدول الأخري لابد من روشتات طبية تحدد الأصناف والكمية أما في مصر فهناك تساهل نوعا ما خاصة في المناطق الشعبية ، من الجهة المسئولة عن مراقبة ذلك؟
- صرف هذه الأدوية يكون بروشتات مختومة من الإدارة المركزية أو الصحة وعليها ختم النسر، ووزارة الصحة هي الجهة المسئولة ويشترط أن تباع هذه الأصناف بدفتر معتمد ومرقم من إدارة الصيدلة بمديرية الشؤون الصحية تبين به الكميات الواردة والمنصرفة، وتحصل المستشفيات الخاصة المرخصة بناء على خطاب من إدارة الصيدلة بمديرية الشئون الصحية المختصة وفقًا للقواعد التي يتم تحديدها على أن تكون هذه الأصناف عهدة بـصيدلية المستشفى
ولكن هناك مواقع متخصصة تبيع تلك الأدويةعلى مواقع الإنترنت وتقوم بترويجها على مواقع التواصل الاجتماعي وبمقابل مادي من الدولارات دون أي رقابة.
* ماهو الخطر الذي تمثله سلاسل الصيدليات علي المهتة ..وهل نتوقع ان تتحول قريبا الي مراكز قوي سعيا لاحتكار أصناف معينة من الادوية؟
- المشكلة تزداد تعقيدا بسبب عدم وجود خطة واحدة نسير عليها، مما يهدد استمرار الشركات فى الإنتاج بسبب السيطرة علي صناعة الدواء في السوق المحلي مما ساعد على تدهور الأوضاع بها بشكل كبير وتحقيق أرباح فادحة من خلال ضرب الشركات الحكومية وإفساد خططها للتطوير وإعادة الهيكلة، وأؤكد أن المنافسة فى السوق الدوائى المصرى غير عادلة وصناعة الدواء فى أسوأ حالاتها خلال هذه الفترة، وهناك شركات أدوية فى قطاع الأعمال تعتمد على صنف أو اثنين فقط فى إنتاجها بسبب ارتفاع الأسعار
* هل هناك تصور لكيفية إنقاذ شركات قطاع الأعمال وتطويرها؟
- خطة تطوير هذا القطاع لابد وأن تعتمد على إعادة الهيكلة الإدارية للشركات وتحسين نظم المعلومات وتطوير العمالة البشرية والاستفادة بالطاقة الإنتاجية لديها خاصة مع وجود 50% من العمالة زائدة عن احتياجات الشركات وعمل نحو ٢٠ ألف عامل فى قطاع الأعمال.
مشاكل شركات قطاع الأعمال تراكمية عبر السنوات وحلها يحتاج إلى وقت طويل مع إعداد خطط وبرامج تسويقية وفتح أسواق جديدة خارجية ومواكبة نظم الإنتاج الحديثة لرفع صادرات مصر من الدواء للخارج مما يزيد من حجم الصادرات. صناعة الدواء المصرية تحتاج إلى تحقيق مكاسب لتضمن استمرارها، وهناك حاجة لفصل ملف الدواء عن وزارة الصحة لأن مشاكل الدواء لا تنتهي إلا بقيادة شبابية متخصصة على غرار جميع دول العالم.
على أن يوكل ملف الدواء لهيئة تابعة لمجلس الوزراء، تكون لها الاستقلالية التامة فى اتخاذ القرارات المتعلقة بالقطاع وتنظيمه ولابد من دعم الدولة لهذا القطاع من خلال ضخ استثمارات وتحديث خطوط الإنتاج
هناك مجموعة متراكمة من أسباب الخلل فى المنظومة الدوائية لغياب الإستراتيجية وعدم وجود سياسات هادفة بالإضافة إلى ضرورة تحقيق التوازن بحيث يتم توفير الدواء بأسعار مناسبة ووضع هامش ربح مناسب للشركات حتى تتمكن من الاستمرار فى أداء دورها والمحافظة على الدواء المحلي، خاصة وأن تسعيرة أدوية شركات قطاع الأعمال ثابتة منذ عام ١٩٩٥ ومن المستحيل أن تنافس هذه الشركات إلا بوضع تسعيرة خاصة بعيداً عن التسعيرات العشوائية التى توضع كل عام ولا تأتى بأى نتيجة.
--------------------------------
أجرت الحوار: آمال عبدالله