06 - 05 - 2025

د. عبد الخالق فاروق يروي للمشهد تفاصيل حبسه: الوزراء "بورصجية" والرئيس "يكرهني"

د. عبد الخالق فاروق يروي للمشهد تفاصيل حبسه: الوزراء

الخبير الاقتصادي الشهير يعرض رؤيته بشكل مستفيض لكيفية خروج مصر من المأزق

قرار جمهوري واحد في غيبة مجلس النواب حرم خزانة الدولة من 70 مليار جنيه

سياسة "بث الخوف" قد تنجح لفترات قصيرة .. لكنها تنتج حكما ديكتاتوريا مهما كان حسن نية الحاكم

هل مصر تحتاج لـ"طباخ الرئيس" حتى يخبره بمعاناة الشعب، فإخفاء المعلومات خطير على الحاكم

المحققون كانوا متفهمين وقدمت دفاعا مستفيضا عن نفسي وقيل للمحامي "هو يعلم القانون أفضل منك ومنا"

السيسي أتيحت له جماهيرية لم تتح لعبد الناصر لكنه بددها وإدارة معسكر حربي تختلف عن "إدارة دولة"

شيكة الطرق وأنفاق سيناء وتوسعة القناة مشاريع لوجيستية ليست محل خلاف .. الخلاف في التوقيتات

علاء وجمال لا يمثلان خطرا .. وإذا جرت انتخابات وتم اختيار أي منهما يكون الشعب مريضا نفسيا

حبسي الأخير كان الأسوأ في حياتي.. عشت 9 أيام في مقبرة، مرت كأنها 9 سنوات


بعد حبس دام تسعة أيام بسبب كتابه الأخير، تحدث الخبير الإقتصادي د.عبد الخالق فاروق، للمشهد في حوار ساخن جدآ أوضح من خلاله، ما حدث معه أثناء التحقيقات، وحقيقة كره الرئيس (الذي يصفه دوما بالجنرال) له، وتأكيده علي ان إعتقاله الأخير كان من أسوأ المرات التي أعتقل فيها علي مر العصور.

يؤكد عبدالخالق فاروق علي أن اختلافه مع السيسي كان بسبب حديثه حول انه لم يحصل على جنيه واحد من ميزانية الدولة للعاصمة الإدارية الجديدة، بالرغم من إنه قام بالاستيلاء على أراض،وحرم الموازنة والخزانة العامة من 70 مليار جنيه على الأقل

وأوضح أن ملفي الصحة والتعليم ليس فى جدول أولويات السيسي ، وإنه يعتمد علي "بورصجية"في ادارة شئون البلاد. وأكد فاروق علي ان سياسة إسكات المنتقدين لن تستمر كثيرآ، ونخشي من إنفجار الشعب ضد الحاكم.

وإلي نص الحوار 

* قلت ان القبض عليك كان جزءا من سياق سياسات عامة تمر بها مصر تجعل من ينتقدها يدفع ثمنا يجبره على القبول إما صمتا أو جهرا بهذه السياسات التي قد تخالف المصلحة الوطنية .. إلى أي مدى نجحت هذه السياسات في إسكات المنتقدين ؟ وهل تعتقد أن هذا الحال يمكن أن يستمر طويلا؟

- هذه السياسات قد تنجح لفترة قصيرة وتعتمد على أنها تبث حالة من حالات الخوف، والرعب لدى بعض المثقفين، والكتاب، والسياسيين، والصحفيين، وهذا البعض يصمت تجنباً للمشاكل أومحاولة للمواءمة، لكنها على المدى المتوسط بعد عامين أو ثلاثة، تصبح عقيمة، ولا تنتج سوى ديكتاتور جديد يصبح خارج نطاق النقد، والحساب والمناقشة.

هذا النوع من الديكتاتوريين ضرره على مصير بلده أكثر من فائدته مهما كان حسن النية، لأنه فى إدارة شئوون الدول، وفى مصائر الأمم، كلما كان الحاكم مفتوح الفكر تجاه الأفكار الأخرى يأخذ ويعطي، وكلما تعمقت رؤيته واتسع مجال بصيرته، يستطيع أن يري مالا تتضمنه المذكرات، والتقارير التى ترفع إليه.

كنت أعمل فى مكتب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور فؤاد محى الدين، وأعلم جيداً كيف يدار دولاب الجهاز الحكومى من خلال التقارير، والمذكرات التى تخفى حقيقة الأوضاع الحقيقية لمشاعر الناس وأرائها، فالتقارير دائماً وأبداً التي تقدم للرئيس من قبل رجاله بها صورة لإنجازاته، ولا يتعرضون كثيراً لمواطن الثغرات، أو مشاعر وأراء الناس التى قد تضر بمستويات معيشتهم كما هو حادث الأن عبر سياسات على مدار أربع سنوات.

الآن أصبح مستوى معيشة الناس فى تدهور مستمر، وهناك تضخم كبير وارتفاع للأسعار، وبالتالى لا يستطيع الحاكم أن يعلم بأحوال الناس ويصحح فى بعض السياسات والأجراءات الخاصة به، لأن ذلك  الإخفاء خطير على الحاكم وعلى الدولة.

كان هناك فيلم بعنوان " طباخ الريس" أيام الرئيس السابق مبارك، وكان مجمله إن الوزراء، وحاشية الرئيس لم يخبروه بمعاناة الشعب والذى كان يحكى له طباخه الخاص، فهل مصر تحتاج حالياً لطباخ رئيس جديد يحكى معاناة شعبه؟ المصريون لا يحتاجون لطباخ رئيس جديد،لأنه فى الفيلم كانت هناك محاولة للمداهنة، وإخفاء حقائق أساسية. ومخرج الفيلم حاول أن يجنب الرئيس، ويحول مسئولية الأخطاء على كل المحيطين به، مع العلم ان عليه مسئولية كبيرة، وهو ان يطل بشكل مباشر على شعبه، خاصةً وأن لديه وسائل متعددة. وأود أن أقول أن إغلاق القنوات الفضائية، والصحف، والمواقع الإلكترونيه لم يمكن الحاكم من التعرف بدقة على مشاعر، وإتجاهات رأي الناس الحقيقية.

* كيف تفسر إختلاف محضر التحريات الذي كتبه ضابط في الأمن الوطني وأورد فيه واقعة ضبطك بشكل يخالف حقيقة ماجرى فعلاً معك؟ وهل تعتقد أن هناك تبرير لذلك .. أم دليل على إعتماد التحريات لوقائع غير صحيحة؟

- هو ضابط صغير، ويبدو إنه أراد أن يثبت إنه قام بعمله بصورة توصله للقيام بإلقاء القبض علي، لكن الوقائع جميعها عملت على تكذيبه، ونحن إعتدنا على محاضر التحريات المماثلة، سواء كانت من مباحث أمن الدولة سابقاً، أو للأسف فى الأمن الوطنى حالياً، فنحن كنا لا نريد أن يبقي هناك درجة من درجات الفبركة وعدم الدقة فى كتابة محاضر التحريات.

هذا دليل على عدم كفاءة الضابط الذى قام بتحرير هذا المحضر، ومع الأسف لم يتم إتخاذ أى إجراء ضده، ويدل ذلك على ان هذا جهاز مصمت يغطى على الوقائع التى قد تكون أخطاء، ويحمى رجاله بشكل أو بأخر، وهذا تكون أضراره على المدى البعيد أكثر من فائدته فى اللحظة الراهنة.

*سئلت في النيابة عن بعض المعلومات التي في الكتاب .. هل المحققون قادرون على تمحيص معلومات أم كان يفترض إرسال الكتاب إلى خبير اقتصادي متخصص لكتابة تقرير علمي حول صحة ماورد فيه ومناقشتك إن لزم الأمر لتحقيق العدالة ؟

- المحققون أولاً كانوا على مستوى مهنى من الناحية القانونية، ولاأريد أن أقول إنهم كانوا متعاطفين معى لكن على الأقل متفهمين.

الأسئلة كانت تركز على مصادرالمعلومات، لأن هذا الكتاب كان يتضمن عدداً من المقالات المنشورة فى الصحف، والمواقع الإلكترونية، التى لا تستدعى أن نزيلها بالهوامش المرجعية بخلاف الدراسات، فبالتالى كانت المراجع، والمصادر، والمعلومات فى متن المقال نفسه.

فعلى سبيل المثال "جهازالتعبئة العامة والإحصاء" حينما أشار أن هناك 17 مليون وحدة سكنية خالية وشاغرة،هذا البيان صدر منهم، إضافةً الى ذلك "الجهاز المركزى للمحاسبات" الذى أصدر تقريراً كاملاً عام 2012 حول هدايا المؤسسات الصحفية وضخامتها، وتقرير "لجنة القوي العاملة" فى مجلس الشعب عام 2012 التى قامت بكتابة تقرير شامل وواف عن الإنحرافات والجرائم، التى ترتكب فى منجم السكرى.

وقلت للمحققين سأقدم جميع المستندات والدلائل للمحكمة، إذا كانت القضية محل محاكمة،لأنها ليست فى قبضة يدي الآن. وقد أخذت جميع إحتياطي وقمت بإخفاء المستندات والأدلة، حتى لا تطولها أيدي التخريب أو العبث من قبل الأجهزة الأمنية.

*هناك سؤال أخر طرحه المحققون حول دراسة إقتصاديات السجون وماهي الوثائق أو المستندات التى أستندت إليها فى تقدير تكلفة إنشاء 20 سجنا جديدا بعد ثورة 25 يناير من 2011 وحتى 2017؟؟

- أشرت لهم إن هذه الدراسة من مستويين الأول "هى دراسة قامت بها إحدى منظمات حقوق الإنسان فى مصر من واقع حصر القرارات الجمهورية بإنشاء سجون جديدة".

والمستوى الثانى" الجزء الخاص بالتقدير الإقتصادى لتكلفة تلك السجون، حيث إننى قمت بها بإعتبارى خبيرا إقتصاديا لدي نماذج للمحاكاة يتبعها الإقتصاديون فى الدراسات الإقتصادية، أو نماذج للسيناريوهات، وهذه نتعامل معها حينما تكون الظاهرة محل للدراسة، ليس لها معلومات خاصةً، وأن الجهات تحرص على أن تخفي هذه المعلومات

الإقتصاديون دائماً يتبعون مجموعة من السيناريوهات تستطيع أن تقربنا من القيمة التقديرية من تكلفة إنشاء أى شيء، وهذا ماقمت بإستخدامه فى تقدير تكلفة هذه السجون، وجاء فى كتابي الضخم الذى أخذت عليه جائزة أفضل كتاب صادر فى"علوم الإجتماع" عام 2015 والذى يحتوى على " إقتصاديات جماعة الإخوان المسلمين فى مصر والعالم ".

هذا الكتاب كان مبنيا بأكمله على أسلوب السيناريوهات، لأن هذا تنظيم سري لا أحد يعلم بالتفصيل مصادر إيراداته وأوجه الإنفاق، لكننى توصلت من خلال هذا الإسلوب إلى تقدير قريب للواقع، وبالتالى كانت هذه الدراسة فريدة من نوعها.

* هناك سؤال أخر تم طرحه من قبل المحققين وهو" لماذا وصفت الرئيس بأنه الجنرال عبدالفتاح السيسي؟

- لعدة أسباب أولها أن هذا الرجل فخور بكونه جنرالا فى الجيش المصري، وهو لايخفى ولعه بذلك، والسبب الثانى إنه يدير الدولة بمنطق الضابط أوالجنرال العسكرى، وليس بمنطق الرئيس المدني الديمقراطي سواء على المستوى السياسي، أو الإقتصادى فهو يمارس سياساته بشكل عسكرى.

بمعنى إن إدارة معسكر حربي يختلف جوهرياً عن إدارة مجتمع ودولة، فهناك سياسات متناقضة، وأحياناً مصالح متصارعة، ومهمة السياسي أو من يحكم الدولة إن يقوم بعمل مواءمة بين المصالح المختلفة، وذلك حتى لا تتصادم المصالح وينفجرالمجتمع، ويتبع فى ذلك مجموعة من الأساليب الأقرب الى الحوارات الديمقراطية، مثل جمعيات رجال الأعمال، وإتحاد الصناعات والغرف التجارية، والعمالية الى أخره....

نمط الإدارة هذا مختلف تماماً عن النمط الذي اعتاد عليه، وهو تلقي أو إلقاء أوامر لتنفيذها، والنمطان مختلفان تماماً عن بعضهما.

بعد تنازل الجنرال عبد الفتاح السيسي عن " تيران وصنافير" أخذت موقفا عن صحة "رئاسته للدولة" لأن الجميع يعلم جيداً أنهما مصريتان. والسيسي ليس مقياسا لإدعائه إن الجزيرتين سعوديتان، لسبب بسيط جداً وهو، إن السياق العام التى تمت فيه صفقة التنازل عن تيران وصنافير كانت مصحوبة بوعود بـ25 مليار دولار إستثمارات سعودية فى مصر، آ ولا يجوز التنازل عن أرض مصرية مهما كان الثمن، وذلك مخالف للدستور، ويستجوب المساءلة، ومحاكمة من قام بها أياً كان مستواه السياسي فى الدولة. وهناك تزامن بين الموقفين، الأول إعلان تيران وصنافير سعودية من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، والثانى الوعود ب 25 مليار دولار إستثمارات من جانب السعودية، يعنى ذلك ببساطة ان هناك صفقة أقرب للبيع والشراء، وليس إنصاف السعودية.

ليس هناك دولة تتنازل عن جزء من أراضيها على الأطلاق، حيث إننا لم نشاهد على مدار مئة عام ماضية ذلك، بالإضافة الى ان تيران وصنافير موجودتان قبل إنشاء مملكة الحجاز ومكة والمدينة، وهذا دليل على ان أراضي تلك الجزر تابعة للدولة الفرعونية المصرية، لأنها أقدم فى السيادة على الجزر من إدعاءات المملكة العربية السعودية.

*هل من الممكن أن تتم مساءلة السيسي عن قرار كهذا بعد إنتهاء فترته الرئاسية؟

- بالطبع سيتم مساءلة السيسي، فى ظل أن تأتى سلطة تحترم الدستور والقانون، لأن فى ذلك التوقيت لن تمر الوقائع مرور الكرام، وإذا كان مبارك تمت التغطية عليه والتعامي عن جرائمه، لأن من أدار الدولة بعد ثورة 25 يناير، كانوا ينتمون الى نظام مبارك، الذى كان ولى نعمتهم، وقائدهم مما دفعهم إلى عدم تقديمه للمحاكمة على كثير جداً من الجرائم، لكننى أظن إنه فى الأيام القادمة ستأتى سلطة وطنية، تحاكم وتسائل كل من تصرف وأساء للشعب المصري أو تنازل عن جزرها.

فشعبية السيسي تدهورت، وأصبح ليس لديه شعبية فى الشارع، وهذا من أكبر كبائر أخطائه، لأن الرجل حاز على ما لايمتلكه حاكم فى تاريخ مصر الحديث.

فعلى سبيل المثال، عبد الناصر لم يحصل علي حب، وشعبية بين المصريين إلا بعد تأميم قناة السويس سنة 56 لكن عبد الفتاح السيسي، من اليوم الأول عند ظهوره على المسرح السياسي كوزير للدفاع، والملابسات المتعلقة بمخاطر تنظيم الإخوان المسلميين، حاز على ثقة وحب المصريين وتصوروا أنه قائد مخلص.

لم يستمر هذا أكثر من عامين ثم اكتشف الشعب المصري حقيقة عبدالفتاح السيسي، وتأكدوا من أن كل حديثه حول إن المصري لم يجد من يحنو عليهم، وأنهم "نورعينيه"، لم يكن سوي محاولة للوصول للسلطة، واللعب بعواطف الشعب المصري لإنه يعلم جيداً إنه شعب عاطفي بطبعه.

* هل السيسي متخوف من عودة جمال وعلاء مبارك ومحاولة وصولهم للحكم بعد تدهور شعبيته في الشارع المصري؟آ  

- لا أظن ذلك، لأن جمال وعلاء مبارك أصبحا من الماضي، وإذا تم إختيار أي منهم من قبل الشعب حتى يصبح رئيساً للجمهورية، فهذا يدل على أن الشعب مريض نفسي لأنهم سيأتى بحاكم هو حرامي رسمي.

الجميع يعلم جيداً أن مبارك هو من تسبب فى تدهور الدولة خلال الـ 30 عاماً الماضية، وكان يتاجر فى السلاح، وهناك واقعة شهيرة ترتب عليها أن الأمريكان قاموا بعمل قضية عام 83 وكان معه حسين سالم، وأبو غزالة وغيرهم، تم التستر على هذا الموضوع، وهذا يعنى أن مبارك وأولاده كانوا شبه تشكيل عصابي، ومعه بعض رجال الأعمال والمسئولين بالدولة.

وهناك بعض الناس يرددون مقولة "ولا يوم من أيام مبارك" وهذا خطأ فادح، لأنه يعبرعن مستوى من الوعى المتدنى، حيث إنه لايمكن المقارنة بين الشيطان وإبليس، لأن الاثنين وجهان لعملة واحدة.

* هل تمكن أحد المحامين المدافعين عنك من الحصول على نسخة من التحقيقات .. وهل يمكن أن تذكر لنا أغرب مافيها من الذاكرة؟

- حتى الأن لم يتمكن أحد من الحصول على نسخة من التحقيقات، لكن هناك متابعة حثيثة من جانب عدد كبير من المحامين. محضر التحريات كان عبارة عن صفحتين، حيث إنه يعتبر محضرا ضعيفا جداً، لكن التحقيقات إستغرقت من أربع إلي خمس ساعات،شملت حوالى 60 صفحة.

قمت –خلال التحقيقات- آ بالدفاع عن نفسي بشكل جيداً جداً، وقدمت إجابات كاملةً عن الموضوع، وذلك بحكم إننى قانونى حاصل على ليسانس حقوق ودبلوم فى القانون العام، مما دفع المحققين أن يقولوا "مازحين" لمحامى حاول أن يتدخل "هو يعلم القانون أفضل منك ومنا" وكان ذلك تأدباً منهم.

* بشكل صريح ما تقييمك لمشاريع العاصمة الإدارية؟ وشبكة الطرق وأنفاق سيناء وتفريعة القناة الجديدة؟

- سأتحدث فى البداية عن العاصمة الإدارية الجديدة، خاصةً، وأن الكتاب يشتمل على حوالى 15 صفحة حول هذا الموضوع، وهذا الجزء من الكتاب يعتبر ردا على مقولة الجنرال عبدالفتاح السيسي، بإنه لم يأخذ جنيهاً واحداً من الموازنة العامة للعاصمة الإدارية الجديدة،.

هذا الكلام غير صحيح لعدة أسباب، أولها إن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التى تقوم بدورها بكل الأعمال "اللوجستية" فى الموقع الخاص بالعاصمة الإدارية الجديدة، وبالأخص "تجمع الشيخ محمد بن زايد" هي هيئة إقتصادية حكومية، تحصل على أموال سنوية من الموازنة العامة للدولة.

بالإضافة الى أن قانون إنشائها 59 لسنة79 وتعديلاته، سمح لها بأن تضع كل مبيعات الأراضي التى تقوم ببيعها، فى صناديق، وحسابات خاصة بإعتبارها فوائض مالية من المفترض إنها سنوياً تحيل تلك الفوائض للخزانة العامة، وهذا لم يحدث بعد.

وأكد على أن حينما يتم ترحيلها يكون هناك عدة مليارات من الجنيهات فى هذه الحسابات الخاصة، وبالتالى حرمت منها الخزانة ،والموازنة العامة العامة للدولة، ويتم إستخدامها فى الإنفاق على الأعمال "اللوجيستية" بالعاصمة الإدارية الجديدة، مع العلم أن هذه الأموال عامة مخصومة من الموازنة العامة للدولة، وهذا أول سبب يؤكد على أن حديث الجنرال عبد الفتاح السيسي غير صحيح.

السبب الثانى هو إن السيسي، أصدر بصفته رئيساً للجمهورية، القرار الجمهورى بقانون رقم 57 لعام 2016، هذا القرار الجمهورى اتخذ آ قبل مجلس النواب الجديد بشهرين، وهذا القانون يشمل ثلاث مواد فقط.

المادة الأولى، حدد فيها " إحداثيات منطقة مساحتها 700 مليون متر، مخصصة للعاصمة الإدارية الجديدة، 

والمادة الثانية " قام بأخذ هذه الأراضي، وأعطاها لجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، وهيئة أراضي القوات المسلحة، وهيئةالمجتمعات العمرانية الجديدة، بإعتبارها حصتها فى شركة مساهمة غير حكومية قاموا بإنشائها، والشركة خاصة بالإنشاء، والمبانى، وتقسيم الأراضي وخلافه، وتلك الشركة أصبحت مشرفة على كل ذلك، وبالتالى حرم السيسي الخزانة العامة من ثمن هذه الأرض".

إذا قلنا أن هذه الأرض سيتم بناء 10% منها فقط فهذا يعنى أن هناك 70 مليون متر، سيتم بناؤه وهو عبارة عن طرق، وخدمات عامة وخلافه، وهذا أقل تقدير فمن الممكن أن يتم البناء على 15 أو 16% من مساحتها، لكننا سنفترض إنه 10% فقط ، هذه الأرض ليست ملك القوات المسلحة، لكنها ملك لمصر الأكبر من القوات المسلحة، ولو حصة الخزانة العامة من تلك الأرض1000 جنيه لكل متر مربع، هذا يعنى أن حق الخزانة العامة سيكون عبارة عن 70 مليار جنيه، ستدخل الخزانة العامة، وبالتالى سيتم تخفيض العجز فيها.

لقد أخذوا الأرض، ولم يعطوا شيئاً للخزانة العامة، وقاموا ببيع المتر فى الوحدة السكنية بحوالى 11 ألف جنيه للوحدة، وللفيلات فى الكومباوند بحوالى 18 ألف جنيه، والسؤال الأن أين حق الدولة، وحق الخزانة العامة، وحقنا كمجتمع، حتى نأخذ تلك الأموال لحل أزمة التعليم والصحة؟

هذه الأموال ستكون إيرادات هذه الشركة، وأرباحها ستذهب لصناديق، وحسابات خاصة تابعة للقوات المسلحة، ونحن حتى الأن لا نعلم هل هذه الشركة سيتم محاسبتها ضريبياً أم لا، وغالباً سيتم إعفاؤها من الضرائب، وهذا يدل على أن هناك غياب تام من المعلومات ويتحدث الرئيس عن أنه مكسب حتى لانسمع لغيره، لكن المصريين ليسوا عبيداً لأحد فنحن شعب محترم ولا نقبل بتضليلنا.

أما بخصوص شبكة الطرق وأنفاق سيناء وتفريعة القناة، فكل الأعمال اللوجيستية التى تتم مطلوبة فى أى إقتصاد، لكن الخلاف مع الرئيس على التوقيتات الزمنية، وهذه البنية اللوجيستية لن تعمل على جذب الإستثمار، حيث تم إنفاق حوالى 80 مليار جنية، ومن عام 74 حتى خلع مبارك، قمنا بمد 25 ألف كيلومترا من الطرق فى عهد السادات ومبارك، بغض النظر عن كفاءتها لأنه كان هناك فساد وعمولات، عكس الطرق التى تقوم بها القوات المسلحة حالياً حيث إنها أفضل بمراحل.

وغير المطلوب، هو وضع عشرات المليارات من الجنيهات مرة واحدة فى شبكة طرق خاصةً، ونحن لدينا شبكة طرق، مع العلم ان بإمكاننا أن نقوم بعمل على مدار 10 سنوات خطة لطرق عرضية، وإضافية، وهذا مطلوب لكنه غير مطلوب بهذه الطريقة.

وعلم التخطيط يحدد ثلاثة أسس للإدارة الإقتصادية، وهي: - التوقيتات الزمنية للمشروعات - ماهى الجدوى الزمنية للمشروعات - ماهى فترات التفريغ الإقتصادى، والذى يكون معناه متى سيتم جلب العائد لكل المشروعات الأساسية ماعدا الكهرباء التى كان من المفترض حلها، لكننا حتى الأن لا نعلم مدى تكلفة التعاقد مع "سيمينز" ونقوم بدفع ذلك من خلال إرتفاع أسعار الكهرباء.

التعاقد مع سيمينز، مقابل ان يتم إنشاء محطات فى فترة قصيرة خلال عام أو أثنين، فبالتالى تكلفتها تكون أعلى، وعلم التخطيط يقول" ان لابد ان يكون هناك توازن فى الإنفاق الإستثمارى، حيث تم وضع 450 مليار جنيه فى البنية الأساسية، وربما أكثر من ذلك فى مشروعات الطرق والكبارى.

كل المشروعات مطلوبة لكن متى؟ فلا يعقل أن نضع كل أموالنا فى قطاع ونهمل أهم قطاعين وهما الصحة والتعليم، فلن يكون هناك أفق فى المستقبل للشعب المصري، إلا إذا أعدنا بناء منظومة التعليم والصحة مرةً أخرى، ومع الأسف هذا ليس محل إهتمام من قبل رئس الجمهورية الحالى.

أنفاق قناة السويس مطلوبة وهي صحيحة ومفيدة فى سهولة حركة التجارة والتنمية فى محور القناة، والظن بأن توسيع القناة سيؤدي لزيادة حصيلة إيراداتها، فهذا غير صحيح لأن حصتنا من التجارة التى تمر بحرياً فى القناة لم ولن تزيدعن 10% لأن حركة التجارة الدولية محسوبة جيداً، بالإضافة إلى الخط التى تقوم بيه الصين حالياً، والذى سيمر فى العديد من المناطق، وسيتسبب فى نقص سير السفن فى القناة. الشيء الوحيد الذى يمكن أن يميز قناة السويس هو وجود خطة إستراتيجية لتنمية محور القناة بأكمله، وسيساعد ذلك على إنتاجها. ونحن مقبلون على 2019 ولم ترتفع إيرادات القناة بالرغم من إفتتاحها منذ ثلاث سنوات.

تم تحميل القناة عبء تسديد الديون بسبب المئة مليار جنيه، التى قدمها المصريون فى أول حديث للرئيس عن هذا المشروع، فكثير من المصريين ذهبوا لشراء شهادات إستثمار وهم الأن يأخذون فوائدها، ومطلوب من القناة تسديد أكثر من 120 مليار جنيه. والرئيس يجب أن يعلم جيداً ان الإنفاق الضخم على مشروع واحد فقط يعتبر ضارا بالإقتصاد ككل.

*قبل الثورة كنا نصف ما يجري على أنه زواج بين الثروة والسلطة وأنجب فساداً .. كيف توصف الواقع الآن بشكل مستفيض؟

- لايوجد طلاق بين الثورة، والسلطة فهناك حالة من حالات التعاون المشترك بين السلطة الأن، ونفس طبقة رجال الأعمال القديمة للرئيس السابق مبارك، ونضيف عليه أن هناك من يأخذ حصته من تلك الثروة، وهي المشروعات التى تقوم بها القوات المسلحة. حيث إنها أصبحت طرفا فى المعادلة الإقتصادية المصرية، وهذا من الممكن أن يكون مفيدا فى لحظة لكن إستمراره لفترة أطول مضر، لأنه يصيب قطاعات أخرى بالضمور, وكان يجب على الرئيس أن يقوم بتشجيع شركات القطاع العام، وعدم بيعها وتدخل القوات المسلحة لمساندة تلك الشركات إذا لزم الأمر لكن كونها تتفرغآ  لأشياء أخرى مثل"بيع البطاطس، والجمبري، والفراخ وغيرها من المأكولات " فهذا غير صحيح.

* هل يمكن أن يستمر خنق حرية الرأي والتعبير ، وإلى أي نتائج يمكن أن يقود؟

- خنق حرية الرأى والتعبير، يقود لخراب لأن الحاكم الذي لا يعطى الفرصة لناقديه، خاصةً إذا كانوا يتفقون معه على الخطوطآ  المتعلقة بمعركة أساسية اسمها "المعركة ضد الإرهاب" ويختلفوا معه فى إستراتيجيته للنشاط الإقتصادى أو التنمية، وكونه لايستمع لوجهات النظر هذه فإنه يقوم بحرمان نفسه من فرصة لوجود بدائل متعددة، وإذا افتقر الحاكم الى سياسات بديلة تسمح له بالحركة وإتخاذ القرارات بصورة أكثر كفاءة فهو يذهب إلى منطقة ربما تكون خطرة على كل شيء بالدولة.

منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي رئاسة الجمهورية طلب بأن يعطى له الشعب فرصة لعام واحد ثم بعد ذلك أصبح العام عامين ثم ثلاثة أعوام، وبهذا الشكل يحتاج الجنرال خمسين عاماً لإثبات نفسه وفى النهاية لن تتحقق نتائج. هناك بعض الإستثمارات المفيدة لكن ليست جميعها كذلك، والرئيس حالياً أصبح يعتمد على "البورصجية" وليس رجال الاقتصاد، وأبتعد كل البعد عن نظام التخطيط والإدارة،والمؤشرات الأساسية. وكل المؤشرات الإكلينيكية لأداء الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الخمس سنوات التي مرت من حكمه، تصل بنا الى ماهو أسوأ.

على سبيل المثال، حينما تولى الحكم فى يونيه 2014 كان الدين الخارجى46 مليار دولار، والآن يقترب من 100 مليار دولار، وكان الدين الداخلى 1.8آ  تريليون جنيه أصبح الأن يقترب من 4 تريليون جنيه، كل ذلك دين ضخم يمتص جزءا كبيرا كل عام من الموازنة العامة للدولة، لفوائد هذا الدين وليس تسديده, وبالتالى يحرم الموازنة العامة من المخصصات المالية التي يمكن أن تذهب للتعليم والصحة، وتنمية المجتمع وخلافه.

بالإضافة الى الإنصياع لتوصيات صندوق النقد الدولى، والبورصجية المحيطين به الذين دفعوه الى هذا الطريق، مما جعل الإقتصاد المصري تحت الوصاية الدولية، لصندوق النقد الدولى، حيث ان كل ثلاثة شهور يأتى فريق يقوم بمراجعة ما حدث في تلك الأشهر.

مصر أكبر من كل ذلك وبها إمكانيات، وقدرات تستطع أن تستغنى بها عن كل مؤسسات التمويل الدولية، إذا عملت على إدارة مواردها بكفاءة عالية. والسيسي وضع الإقتصاد المصري في موقع غير تنموى، وبالتالى نحن لا نري أفق لتنمية حقيقية، حيث إننا نرى إنفاقا، والدليل على ذلك ان الرئيس فى أحد المؤتمرات قال وكأنها دعابة بضحك، ولكنها حقيقية "لقد قمنا بصرف حوالى 2 تريليون جنية فى الأربع سنوات الماضية ، بس محديش يسألنى إحنا جبنا الفلوس منين". ولا يوجد رئيس جمهورية يقول ماقاله السيسي، لأنه ليس فوق المسألة فالجميع سواسية، لكن السؤال الأن اين الـ 2 تلريون جنيه خاصةً وان لم يظهر لهم أثر على معيشة المصريين.

* ماذا دار في ذهنك وأنت محتجز .. ماهي الافكار التي وردت في خاطرك خصوصا وأنها ليست المرة الأولى التي تعتقل فيها ، من تذكرت ؟ من أحسست أنه ناصرك ومن أحسست أنه خذلك؟ * هل تعتقد أن إخلاء سبيلك نهاية المطاف للقضية ؟ أم تتوقع استهدافا جديدا لشخصك ، ومحاولة معاقبتك ولو بوسائل غير الاعتقال والسجن؟

- الذى جاء فى ذهنى فى ذلك التوقيت ان مصر تراجعت للخلف على الأقل 40 عاماً، وتذكرت الرئيس الراحل أنور السادات بعد إنتفاضة 18 يناير عام 77 كان دائم الهجوم على من قاموا بهذه الإنتفاضة وكان يطلق عليها "إنتفاضة الحرامية".

لكن فى السجون كان مأمور السجن فى أبو زعبل يأتى ويلعب معنا كرة طائرة، وكنا ننزل الى الملعب ونتريض فى الشمس، لكن فى عهد السيسي رأيت 9 أيام فى قسم دار السلام، كأني في مقبرة بمعنى الكلمة، زنزانة تحت الأرض، لا تدخلها الشمس على الإطلاق، الحمام "حفرة" وصنبور من المياه، والزنوانة مغلقة ال 24 ساعة، وممنوع الزيارات، وجميع من حولى جنائيون ، وداخل حجز قسم الشرطة يقومون بالنداء على المخدرات والبرشام من الزنازين المجاورة.

الزنزانة التى كنت بها كان بها خمسة شباب، متهمين بالتعاطف مع الجماعة الإرهابية جماعة الإخوان المسلمين، وحسب الروايات التى سردت لى من هؤلاء الشباب، أن الإخفاء القسري مازال موجودا، بالرغم من أن جهاز الشرطة ينكره، لكن هناك تكنيك فى الموضوع ربما يحتاج الى تفاصيل.

لقد شرعت فى كتابة قصة ماحدث معى، مثلما فعلت سنة 89 بعد الضرب المبرح والتعذيب داخل السجن، أيام وزير الداخلية زكى بدر، وخرجت وكتبت" رواية أبو زعبل 89 "وتم نشرها سنة 2000، وأنا الأن بقوم بكتابة "سوق المساجين" وسأروى فيه ماحدث معى بكل التفاصيل.

أجمل مافى الموضوع زوجتى نجلاء سلامة حيث انها كانت بطلة قامت بإخبار الجميع وتعاملت بجرأة وقوة، والناس اللى غمرونى بحبهم وعواطفهم فى كل شبكات التواصل الإجتماعى.

* ما صدى مصادرة الكتاب وإلقاء القبض عليك، ألم ينتشر، وتركز عليه صحف العالم؟

- الجهات الأمنية قالت لى قمنا بعمل دعاية لكتابك بأكثر من مليون جنيه، وهذا ما جعلهم يحرصون على التكتم ومحاولة غلق هذا الموضوع.

لكنى أعتقد أن من قام بالتنفيذ هو الأمن الوطنى لكن هناك جهة أخرى مخفية أظن انها المخابرات وهى التى ضغطت من خلال مكتب رئيس الجمهورية لأنهم يحاولون أن يؤمنوا الرئيس ضد أي محاولة لانتقاده، والكتاب بعنوانه كان ردا مباشرا على رئيس الجمهورية بشكل علمى.آ  

الدكتور أسامة الغزالى حرب أخطرنى بعدما خرجت، أنه تم منع مقاله من النشر فى جريدة الأهرام لأنه كان عن كتابي، واتصلوا برئيس التحرير، الذى كان فى برلين مع الرئيس السيسي فأخطرهم بعدم نشر أى شيء يخص عبدالخالق فاروق،آ  وهذا ليس له تفسير سوي أن السيسي أصبح يكرهنى على المستوى الشخصي، لكننى لا أكرهه على المستوى الشخصي، وإن كنت ضدد سياساته على طول الخط، كما كنت أنتقد سياسة مبارك.

هذا الحبس الرابع لي، وأسوأ حبس عشته، آ مع العلم انها أقصر مدة قضتها داخل السجن لكن الأيام التسعة مرت على كأنها 9 أعوام.

* في عهد مبارك الذي كنا نصفه بالفساد والإستبداد ، لم تكن حملات القبض على المعارضين تمر ببساطة .. كانت أعداد – ولو قليلة – تتظاهر وكتاب يكتبون منتقدين حتى في الصحف القومية ، الآن لم يعد أحد ينطق ، حدث ذلك مع آخرين غيرك بينهم سامي وهشام جنينة وعبد المنعم أبو الفتوح ومعصوم مرزوق ويحيى القزاز ورائد سلامة .. هل تعتبر ذلك إستسلاماً تاماً للنظام؟

- من وجهة نظرى كل تلك تجاوزات وإنتهاك للحقوق السياسية لهؤلاء الأشخاص، خاصةً وأنهم وطنيون، سواء كان المستشار هشام جنينة أو السفير معصوم أو رائد سلامة أو غيرهم، وتم حالياً استدعاء المهندس يحيي حسين عبد الهادى الى محكمة مدينة نصر، ولا نعلم ما الموضوع لكن هذا يعد نوعا من المطاردة، لأنه يقوم بكتابة مقالات ينتقد فيها بعض الأوضاع الخطأ، والتجاوز على الحريات العامة وحرية التعبير.

والشعوب لا تنتفض بلا سبب، بل تقوم بأخذ وقتها، حتى يفيض بالمواطنين "الكيل"، من الممكن أن يكون الصمت فى المرحلة الأولى خوفا، وفى التعامل مع السيسي تحديداً كان الشعب يقبل منه أى شيء، لكن حالياً بدأت لدى الناس حالة من حالات الريبة تجاه سياساته، تليها حالة رفض مقنع وصامت، ثم بدأ الناس يصيحون علنا فى الشوارع وفى وسائل المواصلات وفى كل مكان، كل هذه درجات من الغليان، نتمنى ألا تصل الى مستوى الإنفجار، لأنها خطيرة جداً، لكنه مسار طبيعي لو لم ينتبه من يحكمون أن هذا الأسلوب فى الحكم غير منتج وغير مقبول، وقام بتجريبه الحكام السابقون، ولم يصلوا الى نتيجة، مرضية بل انتهت الى ثورة 25 يناير، ونخشي من إمكانية تكرارها مرةً أخري.

* ما هي الأدوات والوسائل السلمية التي باستطاعة المصريين استخدامها الآن لتخفيف قبضة السلطة عليهم ، دون ان يتم اتهامهم بمشاركة جماعة ارهابية أو نشر أخبار كاذبة وتكدير السلم العام، هل هناك فرصة لعقد ندوات وتشكيل ائتلافات تمارس السياسة بشكل ينزع ذرائع السلطة في إستهدافها؟

- مصر الأن بسبب هذه السياسات على مدار الخمس سنوات، أصبحت تحت أعين ورقابة كل العالم فى الخارج، وجميع منظمات حقوق الإنسان، والحكومات أصبحت متشككة فى مدى سلامة السياسات من ناحية إنتهاكها للحقوق.

صحيح أن العلاقات الدولية تحكمها المصالح، لكن المصالح ليست الورقة الوحيدة، فأحياناً يمارس الغرب الضغوط التى قد توقف هذه الإنتهاكات، لأنها قد تعود عليهم بالضرر سواء بهجرة متزايدة أو بغيرها.

كل هذه العناصر من شأنها أن تجعل السياسة الراهنة، بشأن إغلاق المجال العام وأحياناً إغلاق الإنتخابات الرئاسية كما رأينا فى الإنتخابات السابقة، غير قابلة للاستمرار أو آ من الصعب إستمرارها، وتقديري السلمى الوحيد هو أن تكون هناك إنتخابات نزيهة فى الفترة القادمة ، يجد النظام نفسه وأجهزة أمنه مجبرين عليها، ويمكن إذا انتظمت قوى المعارضة الوطنية، وقدمت مرشحا مقبولا للشعب، ان تحقق مكاسب ويحدث تغيير للسلطة السياسية.

نعم هناك تضييق، وإذا توافرت لقوى المعارضة المشتتة والمجزأة الأن فرصة، آ يمكن أن تقبل التحدى وتقوم ببعض الأعمال التى بها أفق للتطور وتحسين الأوضاع بينها وبين قوى النظام، خاصةً إنه معروف عن هذه القوى معارضتها للإرهاب ولتنظيم الإخوان المسلمين، وبالتالى يستحيل اتهامها بدعم الإرهاب.

والسلطة حينما أدعت ان السفير معصوم مرزوق وغيره يدعمون الإرهاب وقاموا بإلقاء القبض عليهم بهذه الحجة، وضعت نفسها في موقف مضحك، ومؤسف.

* ما هي العبرة التي خرجت بها من هذه المحنة ؟.

- العبرة التى خرجت بها من المحنة هي اننى سأبدأ آ فى الأيام القادمة نشر كتبي السابقة واحداً تلو الأخر ، بنظام " بي دى أف" وأوزعها على جميع الصحف الإلكترونية,حتى يعلم الشعب المصري والقراء المتابعين إننى أمتلك رؤية متكاملة فى كل المجالات، وأننى لم أترك قطاعا فى الإقتصاد المصري لم أتناوله بالشرح والتحليل وتقديم البدائل.

* كيف ترى البرلمان المصري؟

- هذا البرلمان لايعبر عن الشعب المصري، ولا روحه، ويعلم الجميع انه جاء على مقاس الأجهزة الأمنية، وأصبح الجميع يعلم جيداً ان من أعد قوائم المرشحين هي ثلاثة أجهزة أمنية وبالإستثناء من مجموعة 25/30 وبعض الشخصيات الأخرى المستقلة، لكن الغالبية الساحقة من مجلس النواب الحالى هو مجلس مصنوع وليس منتخباً إنتخاباً حراً، ديمقراطياً بعيداً عن أجهزة الأمن الوطنى

والوزراء هم" بورصجية" بمعنى انهم رجال إقتصاد وفوضي السوق البورصة والأوراق المالية، وليس خبراء تخطيط وتنمية.
 ---------------------------

أجرت الحوار- بسمة رمضان