أنهت تركيا استعداداتها لشن هجوم واسع في شمال سوريا للقضاء على وحدات حماية الشعب الكردية التي تدعمها واشنطن وتعتبرها أنقرة إرهابية، بحسب ما أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أمس الثلاثاء.
وتسيطر وحدات حماية الشعب، الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، على مناطق مهمة في شرق نهر الفرات، بعد طرد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية الذي انحصر وجوده في بعض الجيوب بمحافظة دير الزور حيث يخوض هناك معركة مصيرية.
وصرّح أردوغان في مداخلة أمام نواب حزبه العدالة والتنمية في البرلمان قائلا "سندمّر الهيكل الإرهابي في شرق الفرات، لقد أكملنا استعداداتنا وخططنا برامجنا بهذا الشأن".
وكان الجيش التركي قد استهدف الأحد مواقع لوحدات حماية الشعب الكردية شرق الفرات وتحديدا في منطقة عين العرب ،كوباني، التي تسيطر عليها الأخيرة منذ العام 2015.
وأضاف الرئيس التركي "في الحقيقة بدأنا منذ بضعة أيام تدخلات حقيقية ضد هذه المنظمة الإرهابية، وسنهاجم هذه المنظمة بعملية شاملة وفعالة قريبا، وكما قلت دائماً يمكن أن نهاجم فجأة في ليلة ما".
وأصدر أردوغان الأسبوع الماضي ما قال إنه "التحذير الأخير" لمن يهددون الحدود التركية، مشددا على أن تركيا ستركز انتباهها على شرق الفرات بدلا من منطقة منبج التي اتفقت حولها القوات الأميركية والتركية في يونيو على تنظيم دوريات مشتركة.
ويرى مراقبون أن تصريحات أردوغان المتواترة والواثقة بشأن شنّ هجوم واسع على مناطق سيطرة الأكراد في شرق الفرات، توحي بإمكانية عقد أنقرة لتفاهمات مع الجانب الأميركي.
ويلفت المراقبون إلى أن تركيا لا يمكنها أن تغامر بشنّ عملية عسكرية في شرق الفرات دون ضوء أخضر من الإدارة الأميركية، في ظل وجود عسكري مباشر للولايات المتحدة في تلك المنطقة الاستراتيجية بالنسبة لجميع أطراف الصراع السوري.
وتعتبر الوحدات الكردية العمود الفقري لتحالف قوات سوريا الديمقراطية الذي شكلته الولايات المتحدة في العام 2014 لمقارعة تنظيم الدولة الإسلامية.
ويرى المراقبون أن أنقرة استغلت أزمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي لإبرام اتفاقات مع الولايات المتحدة كان من ثمارها إطلاق القس أندرو برانسون في مقابل تعهد أميركي برفع العقوبات عن تركيا، غير مستبعدين أن يكون من ضمن سلسلة التفاهمات تسوية الخلاف بشأن أكراد سوريا.آ
ويلفت هؤلاء إلى أن أردوغان ضغط على الإدارة الأميركية بالمعلومات التي بحوزته بخصوص مقتل الصحافي السعودي والتي عرضها على مديرة وكالة الاستخبارات الأميركية الـ"سي.آي.إي" جينا هاسبل خلال زيارتها لأنقرة في 22 أكتوبر الجاري- للتوصل إلى اتفاقات من بينها وضع نهاية للطموحات الكردية شمال سوريا، بينما يسعى الرئيس دونالد ترامب، على إغلاق ملف خاشقجي قبل انطلاقة انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.
ويستغل أردوغان الوضع بالإسراع من عملية القضاء على الوجود الكردي لإدراكه أن هذه الفرصة لن تتاح له مجددا بعد الانتخابات الأميركية.
ومن جهته، أكد وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار في وقت لاحق أنّ مواقع الإرهابيين شرقي الفرات ستكون ميدان عمل الجيش التركي، بعد الانتهاء من منبج، مشيرا إلى إنتهاء "التدريبات المشتركة بين الجيشين التركي والأميركي، وسيبدأ قريبا تسيير دوريات مشتركة".
هذا ويذكر أن اتفاق إدلب الذي تم بين روسيا وتركيا في سبتمبر الماضي من شروطه ضمان أنقرة لدعم موسكو في مواجهتها للوحدات الكردية في شرق الفرات، وأكد الكرملين امس الثلاثاء أن اتفاق إدلب ليس مهددا بالفشل.آآ
وأوضح المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف "للأسف لا يسير كل شيء وفقا لما هو مخطط.. ولكن لا نرى تهديدا حتى الآن"، ىفتا إلى أن موسكو ستبلّغ المسؤولين السوريين بنتيجة القمة التي انعقدت في إسطنبول بين ألمانيا وفرنسا وتركيا وروسيا هذا الشهر.
وبدت تصريحات الكرملين محاولة لطمأنة النظام السوري الذي أبدى انزعاجا من سير تنفيذ اتفاق إدلب.
ونقلت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام السوري عما أسمتها بمصادر موثوقة داخل المعارضة والإدارة الذاتيةآآ أن تركيا أوعزت للفصائل المسلحة في إدلب وريف حلب الغربي والشمالي بالاستعداد للتوجه إلى شرق الفرات في الشمال السوري لمواجهة القوات الكردية.
وكانت روسيا قد أبدت في الفترة الأخيرة هي الأخرى اهتماما واضحا بشرق الفرات، محذرة من مسعى أميركي لتقسيم سوريا عبر دعم الأكراد.