أراد "بانكسي" أن يقول بلوحته التي مزقت نفسها تلقائيا لحظة بيعها بمزاد في لندن الأسبوع الماضي، "الفنآآآ أداة لتغيير المجتمع"، ولكن منظرون كثر يرون أن هذه الفكرة مجرد "وهم"
فالضجّة الإعلامية التي أحدثها تمزيق لوحة بانكسي عقب بيعها في مزاد بأكثر من مليون دولار، أنه ربما تكون لهذا الفعل الذي تعمّده الفنان تبعات على سوق الأعمال الفنيّة.
ولوجة بانكسي تلك ليست العمل الأول من نوعه لفنانين أرادوا أن يعبروا عن ثورة بداخلهم عن طريق أعمالهم منذ حركة دادا، إذ عُرف الفنان البريطاني غوستاف ميتزغر بأنه اخترع في الستينات ما سُمّي بـ"الفن الذاتي التدمير".
وخطوة بانكسي تلك، ليست الأولى للتعبير عن ثورته، فقبل خمس سنوات قام بعرض أعمالا أصلية موقّعة منه للبيع في متنزه "سنترال بارك" في نيويورك بأسعار بخسة من دون أن يكشف عن نسبها، كما علّق على جدار القاعة التي تعرض فيها لوحة موناليزا في متحف اللوفر في باريس نسخة عن هذا العمل مرفقة برسم تعبيري لوجه باسم.
غير أن هذه الخطوة الجديدة التي شهدتها لندن الأسبوع الماضي شكلت سابقة من نوعها وقد تجعل من التمزيق التلقائي للأعمال الفنية أمرا رائجا بحسب خبراء.
ويقول رئيس شركة "آرت برايس" الفرنسية، تييري إيرمان، المتخصص في تثمين الأعمال الفنية، إن السعر الفعلي للوحة "فتاة مع بالون" التي تمزقت تلقائيا، قد يفوق مليوني يورو، ويؤكد أن "بانكسي يذكّر أنه حتى في المزادات الراقية، كلّ نتاجه الفني زائل".
ويقول مايكل فوجور، من مجلة "أرتنسيون" الفنية، إن بانكسي الذي ساهم في إدخال فنون الشارع إلى سوق الأعمال الفنية "يمكنه تمزيق عمله والاعتقاد بأنه يضر بالرأسماليين الذين يستحوذون عليه، لكنه يخطئ التقدير، هذا كله يجسد الوهم الكبير الذي يعيش فيه من ينظرون إلى الفن كأداة تغيير للمجتمع".
هذا ويعتبر خبراء أن هذه الظاهرة لن تؤدي إلى سقوط سوق الأعمال الفنية لكنها ترسي جوا من الاضطراب الدائم.
ويلفت أرنو أوليفيو، الخبير المكلف عن مزاد في 24 أكتوبر الحالي تنظمه دار "أركوريال" في باريس ويضم أعمالا موقعة من بانكسي، إلى أن "لم يكن بانكسي يريد أن يتمزق العمل بالكامل بل أن يصبح عملا مختلفا عن الأصلي".
وأكدت من جهتها دار "سوذبيز" المنظمة للمزاد الأسبوع الماضي أنها بوغتت بهذه الخطوة.
ويجمع العارفون في المجال على أن هذا التمزيق الذاتي كان "خطوة محضرة بعناية".
ويقول الخبير في صحيفة "لوموند" الفرنسية هاري بيليه، "لاشك أن أحد المقربين من بانكسي كان موجودا في الصالة، كما قد يكون الفنان البريطاني الغامض هو بائع اللوحة وشاريها أيضا أو ربما كلف أحد أصدقائه بيعها بحسب أخصائيين آخرين"