خلال العامين 1913 و1914، قام العالم الإنجليزي جون دي مونينزجونسون، بالبحث في مكب للنفايات بمدينة أنتينووبوليس الرومانية المصرية القديمة، وتعرف حالياً باسم الشيخ عبادة، والواقعة على الضفة الشرقية لنهر النيل، جنوب ملوي بمحافظة المنيا، وذلك خلال عمله مع جمعية التنقيب المصرية، حيث كان مغرماً باكتشاف ما تحويه المهملات من معلومات، وخلال عمله عثر على جورب ملون خاص بالقدم اليسرى لطفل، وتم إيداع الجور بالمتحف البريطاني منذ ذلك الحين.
وبعد مرور 104 أعوام ، نجح علماء من المتحف البريطاني في معرفة أسراره، بعدما طوروا تقنية جديدة سمحت لهم بالكشف عن الطريقة التي استخدمها الفراعنة في حياكة أول جورب لحماية أصابع قدم الأطفال، ونشروا أمس، بحثاً علمياً عن نتائج ما توصلوا إليه في دورية "PLOS ONE" الأميركية.
ووفق البحث المنشور بالدورية، فقد استخدم علماء المتحف البريطاني تقنية للتصوير متعدد الأطياف، سمحت لهم باكتشاف أن الجورب كان يحتوي على 8 ألوان، وأن هذه الألوان الثمانية تم إنشاؤها باستخدام مزيج من 3 أصباغ طبيعية فقط، هي الأحمر والأزرق والأصفر.
وتضمن البحث بالتفصيل الألوان الثمانية التي تم إعدادها من الأصباغ الثلاثة، وكيفية حياكة خيوطها في الجورب، وهي الأخضر الداكن، والبرتقالي، والأرغواني، والأخضر المزرق، والأحمر الداكن، والأخضر، والأصفر، والأزرق الداكن.
وقدم الباحثون وصفاً لكيفية توظيف كل لون في حياكة هذا الجورب، حيث كانت أصابع القدم مصنوعة من الصوف الأخضر الداكن 10 صفوف، واستخدمت في إعداد وجه الجورب ألوان البرتقالي، 4 صفوف من الأشرطة، والأرجواني 4 صفوف، والأخضر المزرق 4 صفوف، والأحمر الداكن 6 صفوف، والأخضر صفان.
وأما ظهر الجورب، النعل، فقد استخدمت في إعداده أشرطة برتقالية 3 صفوف، وأرجواني 3 صفوف، وأزرق داكن صفان، وبرتقالي 8 صفوف، وأرجواني 4 صفوف، وأصفر 4 صفوف.
ويقول الخبير الأثري، الدكتور وائل شوكت، إن "ما توصل له البحث يضيف إلى عبقرية الفراعنة عبقرية جديدة، فإذا كنا نقول في الماضي أن المصريين القدماء هم أول من حاكوا الجوارب، فإنهم في هذا البحث أظهروا براعة تُضاف إلى الحياكة، وهي استخدام الأصباغ وتوظيفها في إعداد الألوان المختلفة".