عادل العمدة: زمن الاعتقالات انتهى.. وجماعة الإخوان تستقطب وتجند من له مصداقية من الشعب المصري لخدمة أهدافها
أيمن عقيل: أفكار مشروعة بطرق غير مشروعة وراء توجيه الاتهام
« وتم توجيه الاتهام للمذكور بأنه ينتمي لجماعة إرهابية» تلك العبارة التي أصبحت تتصدر التهم لسجناء الرأي بشكل عام والسياسيين بشكل خاص٬ فكل من يختلف يتم وضعه في خانة الإرهاب ويجب تقييده ومحاربته٬ ويتساوى في هذا الاتهام شيوخ الأحزاب السياسية والانتماءات الفكرية التي لم تعرج يوما على بوابة المرشد٬ وشباب الصحفيين والمصورين والشعراء٬ وبينهما محامون وباحثون وحقوقيون٬ وقبل العام 2014 لم يكن الانتماء لجماعة الإخوان تهمة يجرم عليها القانون٬ حتى أصدر رئيس الوزراء إبراهيم محلب وقتها قرارا وزاريا يقضى بمحاكمة المنتمين لجماعة الإخوان٬ وأثار ذلك القرار حفيظة القانونيين والدستوريين كونه مجرد قرار وزاري.
رأى المستشار د. محمد عطية، وزير الشئون القانونية والنائب الأول لرئيس مجلس الدولة سابقا، أن وصف واقعة الانتماء لجماعة الإخوان بأنها جريمة يجب تطبيق العقوبة عليها «هو أمر يتطلب إصدار قانون وليس قرارًا من رئيس الحكومة» مشددًا على أن القرار استند إلى حكم صادر من محكمة غير مختصة هي محكمة الأمور المستعجلة، أصدرت حكما اعتدى على اختصاص محاكم مجلس الدولة"، على حد قوله.
قبل القرار
قال المستشار عادل فرغلي، الرئيس الأسبق لمحاكم القضاء الإداري وقسم التشريع، إن «مجرد الانتماء لجماعة الإخوان قبل صدور هذا القرار لا يعتبر جريمة، لأن الجريمة لها أركان معينة بموجب القواعد القانونية العامة، ولا يجوز تجريم فعل الانضمام لجماعة أو حزب بدون اشتراك الشخص في جريمة إرهابية، لأن العبرة في التجريم الوارد في قانون العقوبات ليس على مجرد الانضمام، بل العلم بأن الجماعة تمارس الإرهاب، أو المشاركة في عمليات إرهابية».
وأضاف فرغلي إن «القرار له طابع سياسي أكثر من القانوني لأنه غير قابل للتطبيق لاستحالة إثبات أن شخصا معينا ينتمي للإخوان».
قانون منظم
ولكن بعد سنوات من هذا القرار تم تفعيل القانون مع زيادة وتيرة العمليات الإرهابية وقتل الأبرياء٬ وعقوبة الانضمام لجماعة إرهابية أو محظورة وفقا لبنود القانون (مادة 86 و86 مكرر)٬ يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من تولى زعامة أو قيادة ما فيها أو أمدها بمعونات مادية أو مالية مع علمه بالغرض الذي تدعوا إليه.
ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من انضم إلى إحدى الجماعات المحظورة، أو شارك فيها بأية صورة، مع علمه بأغراضها.
ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من روج بالقول أو الكتابة أو بأية طريقة أخرى ضد مؤسسات الدولة أو عارض القانون والدستور، وكذلك كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات أو تسجيلات، أيا كان نوعها، تتضمن ترويجًا أو تحبيذا لشيء مما تقدم إذا كانت معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها، وكل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية، استعملت أو أعدت للاستعمال الإرهابي.
كما يعاقب بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة كل من أمدها بأسلحة، أو ذخائر أو مفرقعات، أو مهمات أو آلات أو أموال أو معلومات مع علمه بما تدعو إليه.
يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة كل شخص قام بأقناع شخص على الانضمام إلى جماعة محظورة، أو منعة من الانفصال عنها٬ وتكون العقوبة بالإعدام إذا ترتب على فعل الجاني موت المجني عليه.
كيف نختلف
وأمام الموجات الحقوقية التي تنادي بالحرية لسجناء الرأي٬ وضبابية أسباب الأحكام٬ وتعاطف وجداني ونخبوي أحيانا مع من توجه إليهم الاتهامات٬ نفى اللواء عادل العمدةالمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية أن يكون هناك معتقلا بمصر٬ وقال: « لقد انتهى عصر الاعتقالات السياسية منذ عصر صلاح نصر»٬ واطلاق مسمى "معتقل" من قبل الإعلام على من توجه لهم تهم قانونية٬ يضع مصر في موضع تساؤل دولي٬ وكأن مصر دولة مصادرة للحريات٬ في حين أن الحقيقة وبدقة غير ذلك تماما٬ فأرجو من الإعلام والإعلاميين توخي الدقة في إطلاق المسميات٬ وبالإضافة لما تحدثه من ردة فعل سلبية في الخارج٬ تثير الاستفزاز الداخلي أيضا فكلمة واحدة يمكن أن يكون لها الأثر البالغ على الأمن القومي٬ فلا نستهين بالكلمة.
غير أن مخالفة الرأي ليست جريمة ولا توجد عقوبة لمن يخالف الرأي العام للدولة٬ ولكن من يدعون بأنهم معارضة تخرسهم الانجازات والطموحات التي تبنى عليها مصر الحديثة الآن٬ فيلجأ إلى البلبلة وإلقاء التهم٬ وبمسح بسيط لمن تم توجيه التهم إليهم نجد أنهم إما كانوا طامعين في منصب أو نفوذ أو لعب دور لم يحصل عليه فيبدأ في توجيه الانتقادات٬ فالمشكلة أن من يعارض عليه أن يعارض في إطار قانوني دقيق، وقال:« مصر يعيش عليها حوالي 107ملايين نسمة بين مواطن ومقيم ولاجئ» فلو أثر صاحب الرأي المخالف في 1%فقط في الناس فهذا يعني تأثيره جغرافيا وسكانيا وفقا للأعداد على ما يعادل محافظتي سيناء ومدن القناة٬ وفعليا هذه نسبة لا يستهان بها.
وأوضح أن جماعة الإخوان تستقطب وتجند كل من له أرضية ومصداقية من الشعب المصري لخدمة أهدافها٬ فهي تنفذ أجندتها بأيدي غيرها٬ لذلك نجد أن من تم توجيه التهم لهم شخصيات ذات شعبية وكلمة مسموعة سواء بين النخبة أو على المستوى الشعبي٬ وهو أمر من شأنه إثار القلاقل وزعزعة الأمن العام.
وتم الرد سابقا على تهم الاختفاء القسري وتم الاثبات بالأدلة أن ما يزيد عن 5000 شخص ممن ادعوا اختفائهم قسريا كانوا منتمين لداعش وتمت تصفيتهم من قبل قادة داعش٬ وما يتم الآن من محاكمات طال أمدها لقيادات الجماعة في مصر أكبر دليل على اتخاذ كافة الإجراءات القانونية للمحاكمة وكفالة حق النقض والاستئناف للأحكام٬ ولا تصدر أحكام دون إجراءات نيابية وقضائية وفقا للقانون المصري.
فارق الشفافية
وفيما يتعلق بإتاحة المعلومات وشفافيتها أكد العمدة على أن كل الكيانات الرسمية والحكومية لها صفحات تواصل اجتماعي رسمية ومتحدث رسمي٬ ينقل عنها البيانات والمعلومات٬ وقال: نتطلع ألا تترك هذه الصفحات الرسمية أية ثغرة في توضيح المعلومة للكيانات المضادة لتبث فيها سمومها ومعلوماتها الخاطئة والشائعات التي تروج لها بسبب الفارق الزمني بين الحدث وصدور البيان الرسمي.
مطالب مشروعة
ومن جهته أوضح د. أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان٬فيما
يتعلق بالشخصيات الأكثر عرضة للمساءلة من قبل الأمن القومي٬ أن أي مواطن يمكن أن توجه إليه هذه الاتهامات المنصوص عليها في قانون العقوبات 86 المادة 102فأي مواطن يرتكب جريمة تمس الأمن القومي توجه إليه هذه التهم.
وأضاف عقيل: الإرهاب هو التهمة٬ ولأن الجرائم التي ارتكبتها جماعة الإخوان المسلمين وضعتهم في مصاف الجماعات الإرهابية٬ ولأنها كلها كانت جرائم منها القتل وقلب نظام الحكم وتلقي تمويلات خارجية والتجسس٬ كلها جرائم تمس الأمن القومي.
والفترة التي شهدتها مصر والعديد من الدول العربية خاصة بعد ثورات الربيع العربي حتى إذا كان هناك مطالب مشروعة للشباب ولكن للأسف جماعة الإخوان استغلت هذه المطالب المشروعة٬ وتحولت المطالب المشروعة إلى فوضى وتخريب وتدمير ودعوات لسقوط الدولة.
الجماعة الإرهابية
وأضاف: لذلك نقول إنه للأسف فإن الشخصيات التي قد تكون أكثر عرضة لهذه التهم هم الأكثر تعاملا مع الخارج وهم من يحاولون التعبير عن رأيهم ولكن بطرق غير مشروعة٬ فحتى إذا كان الهدف الذي تسعى إليه هدفا مشروعا لكن للأسف الوسيلة تكون غير مشروعة وهو الخلط الذي يقع فيه كثير من الناس٬ وعلى سبيل المثال الحق في التظاهر٬ الحق في حرية الرأي والتعبير٬ الحق في التجمع السلمي٬ هي كلها حقوق مشروعة٬ لكن المشكلة في ممارسة هذه الحقوق بطرق ووسائل غير مشروعة٬ وهو ما يضع البعض تحت طائلة القانون.
وأكد "عقيل" الذي يتابع أعمال الدورة 39 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف،على الدور الذي يمكن أن تلعبه منظمات المجتمع المدني في تحسين أوضاع حقوق الإنسان وفتح حوار دائم بين جميع الأطراف وصولا إلى تبنى الحكومات لأجندات إصلاحية تكون متوافقة مع المعايير الدولية لاحترام حقوق الإنسان، مؤكدا على أهمية تبنى المجتمع المدني للحوار والإصلاح وعدم الخلط بين القضايا الحقوقية والتنموية بالقضايا السياسية.
--------------
تقرير - آمال رتيب