استفاد منه مبارك والظواهري.. وحرم على "شوكان"
تقرير دولي: 106 آلاف سجين خلال 2016.. والبرلمان: 65 ألفًا فقط
مارجرت عازر: الحبس الاحتياطي جرم في جبين الإنسانية
"المبادرة المصرية": عقاب سياسي دون محاكم
"خلاص كده هتخرجوا".. كلمات نطقها المستشار حسن فريد، رئيس محكمة جنايات القاهرة، بعد قراره بسجن 213 متهمًا بينهم المصور الصحفي محمود أبو زيد "شوكان" 5 سنوات، في قضية "فض اعتصام رابعة العدوية"، التي وقعت أحداثها في أغسطس 2013، لقضاء المتهمين العقوبة خلال فترة الحبس الاحتياطي منذ القبض عليهم في أغسطس 2013.
كشفت قضية "فض رابعة"، عن طول مدة الحبس الاحتياطي رغم أن القانون حدد مدة معينة لا يجب تجاوزها ففي قضايا الجنايات لا يجوز أن تتجاوز 18 شهرا حتى لو كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام، بينما في الجنح لا تتجاوز 6 أشهر.
سجن شوكان وزملائه لم يكن القضية الأولي التي امتد فيها الحبس الاحتياطي، بل سبقتها براءة الناشطة الحقوقية آية حجازي، في قضية تشكيل عصابة متخصصة للاتجار بالبشر، والاستغلال الجنسي للأطفال، ووصفتها وقتها عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب مارجريت عازر، بأنها جرم حقيقي في جبين الإنسانية.
وقالت إنها ستقدم اقتراح حول تعديل مادة الحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية، ليكون حد أقصى لمدة الحبس لا تتجاوز الثلاثة شهور، وبحد أدنى 15 يوما، وأوضح وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب علي بدر، أن طول مدة الحبس الاحتياطي يسيء للدولة خاصة أن 60% من الموجودين في السجون حاليا محبوسون احتياطيا.
وكشف تقرير "حبس بلا نهاية"، الذي أصدرته المبادرة المصرية لحقوق الإنسان، في مايو 2016، أن 1464 سجينًا في 4 محافظات، تعدت مدة حبسهم الاحتياطي المدة القانونية، بالمخالفة للمادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية، التي وضعت حدًّا أقصى للحبس الاحتياطي، يتراوح بين 18 شهرًا وعامين في الجنايات.
وقالت هدى نصر الله المحامية بالمبادرة المصرية، إن الحبس الاحتياطي تحول إلى أداة عقاب سياسي دون محاكمة أو حق في الدفاع، موضحة أن دوائر الجنايات اختلفت في الاعتراف بالحد الأقصى للحبس الاحتياطي، فرغم وضوح مواد القانون الخاصة بالحبس الاحتياطي في المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية فقد منحت بعض دوائر الجنايات نفسها الحق في مد حبس المتهمين أكثر من الحد الأقصى المنصوص عليه في هذه المادة، وتذرع قضاتها بنص المادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية التي لا تنص على حد أقصى للحبس، لكن هذه المادة نسختها وتلتها زمنيًّا المادة 143.
وفي 2013 عدل الرئيس المؤقت عدلي منصور، الفقرة الأخيرة من المادة 143 لإلغاء الحد الأقصى للحبس الاحتياطي للمحكوم عليهم بالإعدام أو المؤبد، في مرحلة النقض أو إعادة المحاكمة فقط، ولكن العامين كحد أقصى للحبس الاحتياطي يبقى ساريًا على كل المحبوسين احتياطيًّا، الذين صدرت ضدهم أحكام بعقوبة غير الإعدام والسجن المؤبد، والذين لم تصدر ضدهم أحكام بعد.
واستفاد الرئيس المخلوع حسني مبارك من تطبيق المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تطبق بشكل انتقائي، بحسب تقرير "حبس بلا نهاية".
وقضت محكمة الجنايات بإخلاء سبيل مبارك في 14 أبريل 2013؛ لأن مدة حبسه تجاوزت المسموح به قانونيًا، وحصل على الإفراج بضمان محل إقامته لقضائه مدة السنتين محبوسًا احتياطيًا، كما استفاد منها أيضًا أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط، في قضية كانت تنظرها محكمة الجنايات وأخلي سبيله في منتصف أغسطس 2015، لتجاوز مدة احتجازه أقصى مدة حبس احتياطي، لكن في بعض الحالات لا يلتفت القضاة لطلبات دفاع المتهمين بإخلاء سبيل موكليهم، بعد قضائهم مدة الحبس الاحتياطي، ويكتفي القاضي، عادة بإثبات طلب الدفاع في محضر الجلسة.
وأخلت محكمة جنايات القاهرة، في مايو 2016، سبيل المهندس محمد ربيع الظواهري الشقيق الأصغر لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري على ذمة التحقيقات التي تجريها نيابة أمن الدولة العليا في القضية رقم 318 والمتهم فيها بالانضمام لخلية إرهابية.
وقالت إنها أصدرت قرارها بإخلاء سبيل الظواهرى بسبب عدم وجود ضرورة تستدعى استمرار حبسه، موضحة أنه محبوس منذ 2013، واستمر تجديد حبسه على ذمة القضية بعد أن برأته، واستندت في قرارها لنص المادة 211 إجراءات جنائية لقضاء المتهم فترة الحبس الاحتياطي التي حددها القانون كاملة، ولم يتم التصرف في القضية بإحالتها للمحاكمة، وهو ما يستدعى إخلاء سبيله.
تنص المادة 129 من قانون الإجراءات الجنائية، على أنه لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي أو التدابير على ثلاثة أشهر في مواد الجنح، ما لم يكن المتهم قد أعلن بإحالته إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء هذه المدة، وأوجب على النيابة العامة في هذه الحالة أن تعرض أمر الحبس خلال خمسة أيام على الأكثر من تاريخ الإعلان بالإحالة على المحكمة المختصة، وفقا لأحكام الفقرة الأولى من المادة 140 من هذا القانون لإعمال مقتضى هذه الأحكام، وإلا وجب الإفراج عن المتهم، فإذا كانت التهم المنسوبة إليه جنائية فلا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي أو التدابير على خمسة أشهر، إلا بعد الحصول قبل انقضائها على أمر من المحكمة المختصة بالحبس أو التدابير مدة لا تزيد على خمسة وأربعين يوما قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة، وإلا وجب الإفراج عن المتهم أو إنهاء التدبير على حسب الأحوال، وفى جميع الأحوال لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا تجاوز ستة أشهر في الجنح، وثمانية عشر شهرا في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام.
ورغم أنه لا تتوفر أرقام رسمية لعدد المحبوسين احتياطيًا، لكن علاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب قال إن عدد السجناء في مصر يبلغ 65 ألفًا بينهم من 25 إلى 30 ألفًا محبوسين احتياطيًا، ومن 35 إلى 40 ألفًا محبوسين في قضايا أحكام نهائية.
وكشف تقرير للمعهد الدولي للبحث في السياسات الجنائية ببريطانيا، صدر في أوائل سبتمبر الجاري، عن أن عدد السجناء في مصر بلغ خلال عاما 2016 نحو 106 آلاف سجين، بينهم 90 ألفا في السجون، و16 ألفا في أقسام الشرطة، واحتلت المرتبة 16 عالميًا والأولي عربيًا من بين 223 دولة شملها التقرير.
-----------------
تقرير: علاء جمعة
من المشهد الأسبوعي