11 - 05 - 2025

ترحيل الفلسطينيين من وطنهم لصالح إسرائيل

ترحيل الفلسطينيين من وطنهم لصالح إسرائيل

تجـدّد الحديث عن ترحيل الفلسطينيين من وطنهم.. وتوزيعهم على بعض الدول العربية مثل الأردن.. وتمكين سكان غزة من سيناء.. وذكرتْ وكالة خبر للصحافة الفلسطينية أنّ شركات خليجية تعمل لإنشاء مدن صناعية فى سيناء.. وأنّ هذا يدخل ضمن المخطط الأمريكى لمشروع (صفقة القرن) وأنه تـمّ عقد لقاء فى البيت الأبيض بحضور عدد من أصحاب الشركات الخليجيين.. وأحد أبناء ملوك الخليج (لم تذكر اسمه) بحضورنائب الرئيس الأمريكى (مايك بينس) لوضع جدول زمنى لبناء المدن الصناعية فى سيناء.. وأنّ مصر تنازلتْ عن720 كم مربع من مساحة سيناء لصالح الدولة الفلسطينية المُـقترحة التى سيتم ضمها لغزة. 

وفى تحقيق صحفى حذر مصطفى البرغوثى من محاولات إسرائيل الأخيرة (مثل هدم بيوت الفلسطينيين) وقال هذا الفعل (نوع من التطهير العرقى) وقال صلاح خوجا (عضوالحملة الشعبية لمقاومة الاستيطان) أنّ الاحتلال يريد من خلال هدم قرية الوادى الأحمر فرض الأمر الواقع على الأرض.. وأكد شيوخ وأبناء عشيرة أبو داهوك القاطنون فى قرية الخان الأحمر شرق القدس، أنهم سيبقون صامدين فوق أراضيهم.. ولن يرحلوا عنها حتى ولو قامت قوات الاحتلال بهدم منازلهم.. وأنّ إسرائيل لن تــُـرغمنا على الرحيل من أراضينا (أهرام 14 سبتمبر 2018- ص9)  

بعد أنْ قرأتُ ما ذكرته وكالة خبر للصحافة الفلسطينية..والتحقيق الصحفى فى الأهرام، تذكــّـرتُ ما قرأته فى مجلة العصور التى أصدرها إسماعيل مظهر سنة 1927عن رغبة الصهاينة فى تنازل مصر عن سيناء للفلسطينيين.. والمغزى أنّ المشروع الأمريكى/ الصهيونى فى عام 2018 سبق وتردّد فى عام 1927.  

ففى عدد أمشير/ فبراير1929 من مجلة العصور مقال للأستاذ عمر عنايت بعنوان (المدنية اليهودية المُستقبلة) بدأ برصد ظاهرة سيطرة المال اليهودى الآخذ بخناق العالم والمسيّرلأموره، وأكــّـد على أنّ اليهود هم الذين استفادوا من القلق الاقتصادى الذى نتج عن الحرب العالمية  الأولى.. ومن ربح الحرب هونفوذ اليهود دون سواهم.. ويُـفاجأ القارىء (اليوم) بنبوءة تحقــّـقتْ بالفعل إذْ كتب ((يشعرالصهيونيون أنهم فى حاجة إلى حماية أقوى دول العصرحتى تثبت أقدام مدنـيّـتهم الجديدة..وعندئذ يكون من أيسر الأمورعليهم إزالة تلك الحماية بفضل مالهم ونفوذهم. وبريطانيا نفسها تشعربنمو الصل (= حربة أوسكين) اليهودى تدريجيًا بين أحضانها..وعبثًــًا تــُحاول أنْ تــُـزيل عنها ويلاته المستقبلة..مع علمها بأنّ امبراطوريتها ستكون أول من يتحمّـل صفعات اليهود المُميتة))    

وهكذا كانت بصيرة عمرعنايت الثاقبة، وتحقــّـقتْ نبوءته: حيث أنّ اليهود اعتمدوا على بريطانيا.. وحصلوا منها على وعد باغتصاب أرض الشعب الفلسطينى المستقر، لشعب رفض الاستقرارمن خلال منظومة الولاء الوطنى.. وفضّـلوا منظومة الرابطة الدينية ذات المرجعية التوراتية.. ومنذ وعد بلفورعام 1917 وحتى قرار التقسيم عام 1947 ظلــّـتْ بريطانيا تــُـساند اليهود الذين أعطوا ظهرهم لها.. وإتخذوا من واشنطن قِـبلة الولاء الجديدة، بعد أنْ تأكــّـدتْ حقيقة أنّ أمريكا هى الدولة العظمى الأولى فى العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانيـــة.  

ومن خلال متابعة عمرعنايت لما يُنشرفى الصحف العالمية، فإنه يذكّر القارىء ببعض المشروعات التى يتم التخطيط لها.. ومدى تأثيرها على المنطقة العربية فى المستقبل، فكتب ((هناك مشروع لمد أنابيب النفط من الموصل إلى ثغر حيفا الفلسطينى..ومن يدرى ما يُـخبئه الغيب من المخترعات والمكتشفات الغربية)) وبعد الكلمة الأخيرة..وبدون أية فواصل أضاف ((فإنّ فلسطين– ولوأنها لم تصـــــر بعد– فستكون يومًا ما ملكــًـا لبنى إسرائيل..وإذا قلنا بنى إسرائيل..فنحن نتكلم عن أمة موحدة المرمى.. كثيرة المال، لها رأس يفكر، لذلك ستــُـصرعلى أنْ يكون لها الفصل فى الهيمنة على مركزفلسطين الاقتصادى أولا، ثم سيأتى الوقت الذى يلتفتْ فيه اليهود إلى الهيمنة السياسية والتوسع أيضًا))   

وفى نبوءة أخرى (كأنما يمتلك آلة سحرية، مثل بللـورات ألف ليلة وليلة) كتب عن مصرومستقبلها إذا لم تنتبه لخطورة المخطط الصهيونى..فنصّ على ((يجب أنْ نتطلّع إلى ذلك اليوم.. فإنه سيكون الحد الفاصل بين عهدين: عهد مصرالذهبى وعهدها المُـظلم..فبعد ذلك اليوم ستكون مصر كمية مهملة وستكون عضوًا أثريًا فى مملكة داود الجديدة))  

ولأنّ الثقافة المصرية فى تلك المرحلة الليبرالية من تاريخ مصرمُـزدهرة.. وفى حالة نشاط وتفاعل دائميْن.. كتب أ.عبدالحكيم الجهنى مقالا فى العدد التالى مباشرة (برمهات/ مارس 1929) بدأه بتحية رئيس التحرير لأنه نشرمقال أ.عنايت..ورأى أنْ يُضيف بعض المعلومات عن المخطط الصهيونى.. ومنها اقتراح مستر(ود جوود) العضو بمجلس العموم البريطانى الذى طلب فيه من مصر((أنْ تتنازل عن شبه جزيرة سيناء لفلسطين)) (وهى دعوة يردّدها سياسيون وعسكريون وكتاب إسرائيليون منذ سنوات وحتى كتابة هذه السطور) وأشار الجهنى إلى أنّ اليهود يُرسلون بعض الأساتذة والأحبار إلى طورسينـاء ((ليقوموا بتنقيبات عن التركة الموسوية هناك حيث كان التيه.. وكان المن والسلوى..وحيث يُـقال أنّ بعض المُهندسين اليهود تمكنوا خلال الحرب العظمى (الأولى) من استكشاف أنّ الجدب فى سيناء ليس إلاّ أكذوبة قارحة..وأنه توجد تحت الطباق الرملية مجارللمياه ومنابـع للخصوبة))   

بعد ذلك تكلــّـم عن أهمية الموقع الجغرافى لفلسطين..وعن إمكانية إقامة مشروعات صناعية وزراعية بها. ثم أشارإلى المعلومات التى تتناقلها الصحف العالمية عن خطط اليهود فى المنطقة مثل ((مشروع (روتنبرج) الكهربائى العظيم ومشروع البحرالميت الكيمائى الزاخر ومشروع ميناء حيفا واقتراح بإنشاء قناة جديدة تــُـقرّب قناة السويس بين البحرالأبيض المتوسط وخليج العقبة)) ثم ربط بين الفاشستية والصهيونية..وإذْ يؤكد الكاتب إتفاقه مع أ.عنايت، فإنه أضاف ((إنّ المُـخططات الصهيونية والفاشستية تضع مصرأمام امتحان دقيق))  كان ذلك للتذكرة عام 1927.  
-------------

بقلم: طلعت رضوان

من المشهد الأسبوعي

مقالات اخرى للكاتب

أين الدول العربية من التنافس الأمريكى الروسى؟