01 - 07 - 2025

ماذا فعل الصندوق السيادي الإماراتي في الولايات المتحدة

ماذا فعل الصندوق السيادي الإماراتي في الولايات المتحدة

بدأت فكرة الصناديق السيادية، تلمع مع تزايد تشابك العلاقات الدولية، والتأثير القوي للعامل الاقتصادي على مسارات وتوجهات السياسة، وتهدف فكرة الصناديق إلى المحافظة على حقوق الأجيال المقبلة من تغوّل الأجيال الحالية على ثروات البلاد، وتنشد تحقيق مبادئ الاستقرار من باب العدالة الاجتماعية، ويتم تأسيسها وتكوين رأسمالها من فوائض الثروات إيثارا لحقوق الأجيال المقبلة.

وكان العام 2006 نقطة الانطلاق الحقيقية للصناديق السيادية، بعد انتفاضة الكونغرس الأميركي، ضد إعلان شركة موانئ دبي العالمية، عن صفقة شراء عمليات إدارة الموانئ في ست محطات بحرية كبرى في الولايات المتحدة، وسرعان ما أدى ذلك إلى نقاش واسع بشأن أدوار ومسؤوليات هيئات الاستثمار السيادية التي تمتلك تلك الصناديق، ومدى تأثيرها على القرارات السياسية.

ورفض الكونغرس الأميركي في حينه الصفقة، وغض الطرف عن أن نفط وغاز الخليج العربي لعبا دورا مهما في تشييد أبراج مانهاتن، التي تنطلق منها الحرب الاقتصادية لتكسير العظام السياسية لأي نظام أو قوة إقليمية منافسة تستهدفها واشنطن، وباتت حركة أموال صناديق الثروة السيادية التي تبحث عن اقتناص الفرص تحت المجهر، وأصبحت الأبعاد السياسية لها محل مراقبة دقيقة.

 

وأفردت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرا حمل عنوان "الأمن أم التجارة في الموانئ الأميركية" واستهلته بأن "العالم لم يعتد أن يرى الأميركيين يتعاملون مع الاستثمارات الأجنبية في بلادهم بقدر كبير من الشكوك"، في إشارة واضحة إلى المضامين السياسية التي تحملها الصناديق السيادية، صحيح أن الاقتصاد الأميركي يعتمد بشكل أساسي على تدفق رؤوس الأموال الأجنبية كي يحافظ على قوة الدفع لديه، لكن رغم ذلك شاهدنا معركة سياسية عنيفة بين الدوائر السياسية في واشنطن بشأن صفقة انتقال إدارة ستة موانئ أميركية إلى شركة إماراتية، وهي مجموعة موانئ دبي العالمية.

وتفجّر جدل كبير بعد نجاح موانئ دبي في التوصل إلى اتفاق لشراء شركة "بي.أند.أو" البريطانية لإدارة الموانئ وهي الشركة التي تدير موانئ في 16 دولة منها ستة موانئ في الولايات المتحدة.

وشهدت دوائر صناعة القرار الأميركية انقساما حادا بشأن القضية، وكان الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش ومعه مسؤولو إدارته يؤيدون الصفقة باعتبارها لا تشكل تهديدا للأمن القومي الأميركي، لكن في الوقت نفسه فإن رفضها يهدد مصداقية الولايات المتحدة، لأن الموانئ كانت خاضعة لإدارة شركة بريطانية ثم ستنتقل إلى إدارة شركة إماراتية.

وتمتلك الدول العربية حوالي 12 صندوقا سياديا، وفق تقرير منتدى الصناديق السيادية العالمي، منها تسعة صناديق في الخليج العربي، وتحتل الإمارات المرتبة الأولى  حيث تملك وحدها أربعة صناديق،مكنت حكومتها من التحرك بمرونة في قضايا إقليمية كثيرة، عبر قوتها الاقتصادية التي لا تخلو من أهداف سياسية، بينها الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين، اللذين تعتبرهما الإمارات من أولويات سياستها الخارجية.