29 - 03 - 2024

"غزة أولا" والصهاينة وإستغلال الفرص

إنشغلت كل الأطراف منذ بدء الحرب الصهيونية على غزة بما في ذلك ايام الهدنة، في أن يلعب دور البطل وأنه المنقذ، فتركيا وقطر ليس همها سوى إفشال الدور المصري دون تقديم أي حل، وغابت المرونة في طرح القاهرة، وحماس تصر على دور البطولة وانها ستُخضع اسرائيل لرغباتها.

وفي المقابل تريد كل من السلطة وفتح إثبات أن إتصالاتها هي مفتاح النجاة، والعرب ربطوا انفسهم بالرغبة الأميريكية، منتظرين دور الاتقاذ والاعمار، وفي النهاية كان الفقراء من أهل غزة هم الضحايا، وليس الساسة المختبئين تحت الارض في مخابئ بنيت بأموال المساعدات، فهل هذا العدد من الضحايا كاف ليتخلي الجميع عن نرجسيتهم ويعلي الدور الوطني.

أعتقد أن الوضع العربي عامة في أسوأ مراحله، فالعراق تضيع، وفي طريقها للتقسيم، ولتصبح موطنا للمتطرفين تحت شعار إسلامي زائف، وليبيا بدأت الانهيار والضياع، وسوريا في مرحلة تآمر دولي، ومصر تلملم جراحها، ودول الخليج، تعمل من أجل الحفاظ على نموها الاقتصادي، وحماية مكتسباتها.

 والحرب التي فرضت على غزة وإستدرجت في جانب منها تحت غطاء دولي، جاءت في الوقت غير المناسب، وهو ما وظفته الدولة الصهيونية، والمؤكد أن تحرير أي وطن لن يتم بفصيل واحد، وكان من المهم ان نلتقط الانفاس، ولملمة جراح وخلافات الأطراف بين الصقور والحمائم، والتصدي لمحاولة إفشال الدور المصري الذي سيظل هو مفتاح الحل للقضية الفلسطينية.

والدخول في مفاوضات أحد أهم الحلول في المرحلة الراهنة، خصوصا في هذا الفراغ والشتات الذي تعيشه الأمة، لان النهاية خراب، وذلك رغم معارضتي لما فعله السادات منفردا في كامب ديفيد، فمازالت معادلة الحل السياسي بالتفاوض مع روح المقاومة أحد أهم الحلول المتاحة، خصوصا أن الاجابة صعبة جدا ومستحيلة بشأن السؤال الكبير والمهم "هل نحن فعلا مستعدين لحرب طويلة ضد الدولة الصهيوني؟ وأعتقد أ الاجابة لا وألف لا.!

أنا فعلا قلبا وقالبا مع مقولة الزعيم خالد الذكر عبد الناصر "ما أُخذ باقوة لا يُسترد إلا بالقوة" والسؤوال هل نمتلك القوة أم "أعدوا لهم ما استطعتهم من قوة" وساعتها سنرفع الأنفس جميعا قبل السلاح، وحتما تبقى المقاومة كسلاح وأداة قوة في المراحل الراهنة، ولكن بحكمة وعقل، على طريقة "حرب الاستنزاف".

ومن المهم أن ندرك وبوضوح أن العدو الصهيوني يستغل كل فرصىة ليواصل إرتكاب جرائم نازية ضد إخواننا في غزة، والصمت المستمر سيفتح شهيته نحو الضفة وكل ما هو عربي، فهذا العدو تزداد شراهة القتل عنده مستغلا ما يفسره بتأييد عربي وأخشى ان يكون صحيحا من مواقف الصمت، ولاشك أن الإجماع والتحرك العربي الصحيح تأخر كثيرا، فشعب فلسطين أهم من اي فصيل نختلف معه.

وبمجرد إنهيار الهدنة الثلاثاء الماضي، اغتالت الصهاينة  ثلاثة من القادة العسكريين من كتائب "القسام"  الجناح العسكري لحركة حماس، بقصف حي تل السلطان شرق مدينة رفح بالصواريخ، في واحدة من أعنف الغارات الجوية الإسرائيلية بمقاتلات "إف 16" الأمريكية، ومن هنا فان المراهنة من البعض أن العدو الصهيوني سيقبل يوما يحقوق الشعب الفلسطيني أمر أضحى من المحال، والاستسلام للمطالب الصهيوينة أمر مهين، وسيبقي محور إظهار القوة أحد أدوات الضغط، ولكن كيف فلاشك ان الامر بحاجة الى رؤى جديدة.

"حلف لمواجهة داعش"

المشاهد التي بثتها المواقع الإلكترونية حول حادث "ذبح" الصحفي الأمريكي "جيمس فولي"، على يد تنظيم "داعش الارهابي"، وبغض النظر عن خروج البعض ليشكك في الواقعة، لا نختلف على بشاعتها، ولكن فقد فسبقها حوادث مماثلة ومؤكدة إرتكبها أعضاء هذا التنظيم، وأكثر بشاعة، وللأسف جاء رد الفعل عليها أضعف كثيرا من رد الفعل على "ذبح جيمس".

وحملات الإبادة العرقية للطائفة اليزيدية في العراق، واحدة من أخطر جرائم هذا التنظيم، الذي يبدوا أن العرب لم يدركوا مخاطرة على المنطقة حتى الآن، فالأمريكيون والبريطانيون، ورغم إتهامهم بدعم هذا التنظيم وتاسيسه، أرادوا أن يضحكوا على العالم باستصدار قرار أممي بمنع دعم داعش، وأعلنوا خشيتهم من إنتقال جرائم التنظيم الى شوارعهم، بينما يظل العرب في حالة تردد، او إدانة كلامية.

الأمر برمته بحاجة الى تحرك لتشيكل حلف يواجه هذا التنظيم وأخواته من التنظيمات الأخرى، ومن يؤيدهم، ليس لوقف إمتداده لمناطق أخرى، بل للقضتء عليه، دون إنتظار رد الفعل من البيت الأبيض، وحلفائه، الذي لم يتحرك إلا عندما بدأ يضرب مصالحه الاقتصادية في أربيل – كردستان، والتي يدرك من زارها هذا الخوف والقلق الأمريكي.

 

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | هدر الغذاء والماء ورؤية علمية لأمننا الغذائي والمائي (2- 2)





اعلان