09 - 05 - 2025

رابعة والنهضة وغياب التحليل الموضوعى

رابعة والنهضة وغياب التحليل الموضوعى

استغلّ الإسلاميون ذكرى فض اعتصامىْ رابعة والنهضة، فى شهر أغسطس 2013 للترويج لأكاذيبهم بتجميل صورتهم.. والتركيز على أنهم (ضحايا وشهداء) إلخ.. وإذا كانت الصحف والفضائيات الإسلامية العديدة، هى التى تولــّـتْ مهمة (تمجيد بطولاتهم) فهذا شيء طبيعى ومفهوم، لكن ماهو غير طبيعى هو انضمام وكالة الأنباء الفرنسية.. والإذاعة البريطانية.. وشبكة سى. إن. إن الإخبارية الأمريكية.. ووكالة رويترز للأنباء..إلخ إلى الإسلاميين وترديد وجهات نظرهم والدفاع عنها.. وأعتقد أنّ ماحدث من تكاتف بين الإسلاميين ووكالات الأنباء الأوروبية والأمريكية، يؤكد أنّ أميركا ومعظم دول أوروبا.. وراء تشجيع التنظيمات الإسلامية المؤمنة بالعودة إلى عصور الظلم والظلمات.. لأنّ تلك العصور هى التى شهدتْ النور الذى أتى به الإسلام.. وخلــّـص البشر من (ظلمات الجاهلية) التى عادتْ فى العصر الحديث..وأعتقد- ثانيـًـا- أنّ وقوف أميركا وبعض الدول الأوروبية مع الإسلاميين الأصوليين، سببه أنْ تظل الدول العربية (ومصر) فى (سجن التخلف) ومع توالى السنين تكون النتيجة المزيد من التخلف.  

ومن بين الأدلة المُـؤيدة لاستنتاجى ما كتبته هيلارى كلينتون فى كتابها (خيارات صعبة) حيث قالت ((نحن (فى الإدارة الأمريكية) من صنع تنظيم داعش.. وأنّ ذلك كان بهدف تقسيم الشرق الأوسط.. وسوف تعترف أميركا وأوروبا بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وأنّ الصهاينة هم الذين اختاروا هذا الاسم.. وكان ذلك فى يوم 5 يوليو 2013..ولكن ثورة 30 يونيو فى مصر دمّـرت هذا المخطط))    

وجاء فى مانشيت صحيفة الأهرام (27أغسطس2013) ((مؤامرة بين السفيرة الأمريكية (آن باترسون) والإخوان المسلمين بالسماح لـ300عضو من حماس لدخول مصر ومعهم أسلحة والاستيلاء على مبنى محافظة المنيا وإعلان تشكيل الحكومة.. وهذا المانشيت سبق أنْ أكدته الكاتبة سكينة فؤاد التى كتبت ((الفيديوهات تؤكد دور حماس خلال انتفاضة يناير 2011 فى فتح السجون وإطلاق سراح محمد مرسى (صحيفة التحرير 22 فبراير 2013) وقالت السفيرة الأمريكية (آن باترسون) إنّ ((نظام الإخوان المسلمين أكثر من صديق.. وإننا (فى الإدارة الأمريكية) لم نتوقع من الإخوان هذا التعاون السلس)) (نقلاعن د. غادة الشريف- المصرى اليوم 6 نوفمبر 2012) وبالرغم من مساندة المجلس العسكرى للإسلاميين.. والسماح لهم بإنشاء أحزاب (دينية) فإنهم- نظرًا لمساندة أميركا لهم تبجـّـحوا وشبـّـهوا أعضاء المجلس العسكرى ((بكفار مكة)) (نبيل عمر- أهرام17/4/2012) ونتيجة هذا الصلف والغرور قال محمد مرسى ((سنعيد الفتح الإسلامى لمصر)) (صحيفة وطنى 6 مايو 2012) وهذا (الفتح الإسلامى لمصر) سبق أنْ أكده طارق البشرى.. ولكن بصياغته الخاصة فكتب إنّ ((مصر بحاجة لإستكمال إسلامها)) (المصرى اليوم 12يوليو 2011) وفى ذكرى فض الاعتصام عام 2014 كتب مقالا بعنوان (جرحنا المفتوح- جريدة الشروق- 14أغسطس2014) وقال خيرت الشاطر إنّ الجماعة تستعد للحكومة الإسلامية بهدف الوصول إلى مرحلة سيادة العالم (المصرى اليوم 23/4/2011) وقال: إنّ الإخوان المسلمين لايقبلون أنْ يشغل منصب رئيس الدولة مسيحى أو امرأة (حتى ولو كانت مسلمة) (المصرى اليوم 24/4/2011) ولأنّ أميركا وأوروبا ضد تمتع شعوب الشرق بالحرية، لذلك قال عبدالمنعم الشحات (المتحدث باسم الدعوة السلفية) إنّ الديمقراطية خطر لأنها تجعل التشريع للشعب (المصرى اليوم19/4/2011) 

***

بعد هذه النماذج (وهى قليلة جدًا قياسًـا على المادة الموجودة فى أرشيفى) وكلها تؤكد أنّ الإخوان المسلمين.. كما تعاونوا مع الملك فؤاد ثم مع ابنه فاروق.. وتعاونوا مع الإنجليز، تحوّلوا للتعاون مع ضباط يوليو1952(قبل الغدر بهم- خوفــًـا على كرسى عرش مصر.. وليس لأى سبب آخر) وتعاونوا مع المجلس العسكرى والإدارة الأمريكية.. فهل كان فض اعتصامهم (بواسطة الجيش والشرطة) من حق شعبنا؟ أم كان (مذبحة) كما يقول الأصوليون والأمريكيون وبعض الأوروبيين؟ 

أعتقد أنّ المسكوت عنه فى تحليل وقائع فض الاعتصام، هو مسئولية الشرطة التى تركتْ المُـعتصمين لأكثر من أربعين يومًـا.. وهنا يبرز السؤال الذى يتجنـّـبه كثيرون: لماذا كان هذا التخاذل؟ ومنذ متى كانت الشرطة بهذا التخاذل والعجز؟ ومن كان وراء قرار إطالة زمن الاعتصام؟ وهذه الأسئلة يجب أنْ تكون فى عقل المُـحلل وهو يبحث وقائع صرخات سكان رابعة والنهضة.. وهى الصرخات التى بثــّـتها بعض الفضائيات (المصرية) خلال أيام الاعتصام (وليس بعدها) ومن هذه الصرخات: أنّ المعتصمين كانوا يطلبون بطاقة الساكن - عند الدخول لمسكنه - ومنع الزوار.. والتضييق فى حالة الخروج لشراء لوازم البيت من طعام..إلخ.. وقد حكى لى أقاربى سكان حى رابعة، الذين شاء سوء حظهم أنْ يعيشوا أيام الرعب التى تجاوزتْ الأربعين يومًـا.. وقالوا لى: الاعتصام لم يكن مثل أى اعتصام، لقد حوّلوا المكان إلى (ثكنة عسكرية) فلماذ سكت النظام وهم  يقيمون (الدشم الخرسانية)؟ وهل كانت سيارات الرمل والزلط تتخفى وترتدى (طاقية الإخفاء)؟ وكان كثيرون منهم يفرضون أنفسهم (بالقوة) على السكان بهدف دخول الشقة (لقضاء الحاجة والوضوء)  

والأبشع- كما سمعتُ من أقاربى- أنهم كانوا يذبحون العجول فى الميدان.. فانتشر الذباب بسبب الدماء المُـتجلطة والمُـتراكمة يومًـا بعد يوم.. وترتب على ذلك انتشار الروائح الكريهة، لقد كنا فى أسوأ أشكال السجون.. والمسئولون لم يهتموا بصرخاتنا. 

سؤالى الأخير هو: أليس النظام هو المسئول عن تحويل المُـعتصمين المُـجرمين من مُـذنبين إلى ضحايا؟ لأنّ العنف فى فض الاعتصام كان يمكن تجنبه، لوأنّ قرار إنهاء الاعتصام فى الأيام الأولى.. وقبل توافد المزيد من مؤيدى الإسلاميين المجرمين.. ولماذا غاب عن الشرطة (سلاح خراطيم المياه) التى أسقطتْ (خط بارليف)؟ وأعتقد أنه لو أنّ الشرطة استخدمتْ هذا السلاح.. فإنّ المُـعتصمين كانوا سيفرون كالفئران خلال ساعة.. وبدون ضحاياهم الذين يُـتاجرون بهم الآن، ولسنوات قادمة، مع تجاهلهم عن جرائمهم فى حق شعبنا الرافض العودة إلى عصر الكهوف. 

-------------
بقلم: طلعت رضوان

مقالات اخرى للكاتب

أين الدول العربية من التنافس الأمريكى الروسى؟