02 - 08 - 2025

"قالت العرب".. مختارات من شعر مظفر النواب

ترويسة صفحات هذا العدد من المشهد احتفت بالشاعر العربي الكبير مظفر النواب.. وهو شاعر عراقي معاصر ومعارض سياسي بارز، تعرّض للملاحقة وسجن في العراق، عاش بعدها في عدة عواصم منها بيروت ودمشق ومدن أوربية اخرى.

ينتمي باصوله القديمة إلى عائلة النواب التي ينتهي نسبها إلى الامام موسى الكاظم. وهي أسرة ثرية مهتمة بالفن والأدب ولكن والده تعرض إلى هزة مالية أفقدته ثروته.

خلال ترحال أحد اجداده في الهند أصبح حاكماً لإحدى الولايات فيها، قاوم الإنكليز لدى احتلالهم للهند فنفي افراد العائلة، خارج الهند فاختاروا العراق، وفي بغداد ولد عام 1934، اكمل دراسته الجامعية في كلية الآداب ببغداد. وبعد انهيار النظام الملكي في العراق عام 1958 تم تعيينه مفتشاً فنياً بوزارة التربية في بغداد.

في عام 1963 اضطر لمغادرة العراق، بعد اشتداد التنافس بين القوميين والشيوعيين الذين تعرضوا إلى الملاحقة والمراقبة الشديدة من قبل النظام الحاكم، فكان هروبه إلى الأهواز عن طريق البصرة، إلا ان المخابرات الإيرانية في تلك الأيام (السافاك) ألقت القبض عليه وهو في طريقه إلى روسيا وسلمته إلى الأمن السياسي العراقي، فحكمت عليه المحكمة العسكرية هناك بالإعدام، إلا ان مساعي بذلها أهله وأقاربه أدت إلى تخفيف الحكم القضائي إلى السجن المؤبد. وفي سجنه الصحراوي واسمه نقرة السلمان القريب من الحدود السعودية-العراقية، أمضى وراء القضبان مدة من الزمن ثم نقل إلى سجن (الحلة) الواقع جنوب بغداد.

في هذا السجن قام مظفر النواب ومجموعة من السجناء بحفر نفق من الزنزانة يؤدي إلى خارج أسوار السجن، وبعد هروبه المثير من السجن توارى عن الأنظار في بغداد، وظل مختفياً فيها ثم توجه إلى الجنوب (الأهوار)، وعاش مع الفلاحين والبسطاء حوالي سنة. وفي عام 1969 صدر عفو عن المعارضين فرجع إلى سلك التعليم مرة ثانية. غادر بغداد إلى بيروت في البداية، ومن ثم إلى دمشق، وراح ينتقل بين العواصم العربية والأوروبية، واستقر به المقام أخيراً في دمشق، حتى عاد إلى العراق عام 2011م.

في مايو 2018 شاع نبأ عن وفاته، إلا أن المقربين منه نفوا الخبر وأكدوا أنه بخير.

وهذه مقاطع مختارة من شعره

دوزنت عقوداً أربعة

وشددت على وجع المفتاح الخامس والسابع 

فاعترض النحو البصري عليَّ 

كذاك اعترض النحو الكوفيّ  

من لا أعرفه يعرف نحواً في الشعر

دع الريح يهدهدك الهدهدة الإهداء

-----------

وأوغلت كثيراً في البحر 

فأين البصرة ؟

صحيحٌ أين البصرة ؟

البصرة بالنِيّات 

لقد خلصت نِيّاتي 

وتسلق في الليل عمى الألوان عليها  

أين البصرة ؟ 

أين البصرة ؟ مشتاق  

بوصِلتي تزعم عدة بصرات

----------------

هذا هو الدرب فلتتبارى الفصائل 

جوا وبحرا وبرا فصيلا فصيلا  

جئت إلى فلسطين مهما انتماؤك  

دم الشهادة ليس بجير 

نحن نجير بالدم 

كل البلاد 

وهذا قليل .. قليل

----------

خذ لبيسان حكايا البشوات المستجدين 

لكي تصنع للسواح لعبات جريح عربي وهدايا

قل لها كل الحكايا

فإذا ما حزنت عند وجاق النار 

فارو من نكات الشعب في مصر

وخبرها بان النكت الآن مرايا

-------------

خل جبين الطائرة الفذة نحو الأرض 

تماما نحو الأرض

خذ سرعتك القصوى

انفجر 

دمر أي مكان في العاصمة الاسرائيلية واستشهد 

فاللّه سيلقاك قبيل وصول الأرض 

أو أنت وصلت احتضنتك فلسطين.

-------------

يا هذا البدوي المسرف بالهجرات 

لقد ثقل الداء  

قتر ريقك لليل 

فلابد لهذا الليل دليل 

يعرف درب الآبار 

ويقبع بالحذو الناقة بالصحراء 

يا هذا البدوي تزود وأشرب ما شئت 

فهذا آخر عهدك بالماء

--------------

فاستيقظت الخيل .. وروحي

كالدرع ائتلقت وعلى جسر البرق  

صرخت الهي هؤلاء الفلاحين كم انتظروا 

علمهم ذاك حسين الأهوازي من القرن الرابع للهجرة

علمهم علم الشعب على ضوء الظلمة

------------

ويسألني:من أنت؟  

خجلت أقول له : 

"قاومت الإستعمار فشردني وطني"

غامت عيناي من التعذيب  

رأيت النخلة .. ذات النخلة 

والنهر المتشدق بالله على الأهواز

وأصبح شط العرب الآن قريبا مني 

والله كذلك كان هنا

--------------

وجاء الشعب فقال : تحمل فتحملت 

والنخلة قالت .. و الأنهر قالت

فتحملت وشق الجمع 

وهبت نسمات لا أعرف كيف أفيق عليها 

بين الغيبوبة والصحوة 

تماوج وجه فلسطين 

فهذي المتكبرة الثاكل 

تحضر حين يعذب أي غريب