31 - 05 - 2025

مقــام المبتدأ ... الخطوة الثانية

مقــام المبتدأ ... الخطوة الثانية

ا- الانتظــار

قال مولانا.... كنت انتظر الاتوبيس الذى سيقلنى مع آخرين إلى بلد لم نكن بالغيه إلا بشق الأنفس حين غمر المكان عطر فواح وأظلته امرأة ملائكية. اقتربت شيئاً فشيئاً. ما إن وقعت عينى عليها حتى سحبتها سريعا ورحت اتمتم مستغفراً ... فقال لها أحد الواقفين:

- اتق الله ... ألا تخشين النار .... إن عذاب الله شديد ...!!

- (فردت عليه فى أدب جم وهدوء بالغ) الله جميل يحب الجمال ....

- إذا استريه عن الغرباء ....

- سترته ..... فجائنى من يتهمنى بالغواية

- اتخذى ستراً أكثف ؟!!

- سترته فشف .............

- ........

فقلت فى نفسى ..... "إن الله بالغ أمره....."

ب- كلمــة

سألت مولانا ...

- لمَ تُقصِر فى الصلاة؟

- كنت فى شرخ الشباب أبحث عن معنى "كلمة" ... فأوصانى معلمى بالرحيل إلى الشيخ الأكبر ... قضيت سنوات فى سفر طويل حتى بلغته وعندما وقفت بين يديه سألنى ....

   - عم تبحث؟

   - معنى كلمة ...

   - ماهى؟؟؟

- ......

 

وعندما غادرت كلمتى اعتاب شفاهى نظر إلىَّ مشدوها، ثم صاح فى عصبية "لستُ أنا ؟! ... لستُ أنا ؟! .... عليك بالقطب ...." فطأطأت رأسى وتمتمت "أين أجده ...؟" فأشار إلى بعيد وقال: هناك، هناك وراء البحر والجبل ... ومن يومها وأنا على سفر ...

ت- البعــد

سألت مولانــا ...

- كيف تحملت أن تقضى حياتك فى سفر دائم ؟...

- يابنى .. ومن منا على غير سفر !! ...

- ألا تشتاق إلى أرضك؟

- "منها خلقناكم وإليها ترجعون" ... فصبر جميل ...

- فكيف الصبر ... ؟

- فارق نفسك بخطوة !!!

.........

ث- أدب المجلس

أخذنى مولانا من يدى ودخلنا قاعة رحبة يعُبق أرجائها رائحة خشب الصندل ويتردد فى جنباتها صدى الذكر. جلس فى الصدارة وتربعت اتابعه من أحد الأركان. دارت كاسات القرفة والشاى الأخضر المعطر بالنعناع، والأحمر المُزكى بالقرنفل، مع ماء مثلج يتنفس فيه عطر ماء الورد.

بعد قليل، قربنى شيخى من مجلسه حتى صرت أُلاصق يسار كُرسيه بينما الشيخ "تيسير" يجلس عن يمينه. وما إن انتهى من درسه حتى وضع كفه على كتف تيسير، وقال (حين أغيب يجلس تيسير مكانى). زام صدرى بضيق، ورفعت عيناى أتسائل متوسلاً، جالت عينيه الزرقاوان في وجوهنا فسبحت حيرتنا في مياهها، ثم سألنا ...

- هل لاحظتم شيئا غير عادى فى درسنا اليوم؟

- (فقلنا جميعا) ... لا يا مولانا

- يا أبنائى ... أخطأت فى الحديث وصوبنى "تيسير" ... فهل شعر أحدكم ؟

- لا ... يا مولانا

- هذا "أدب العلم" (ثم أردف) لعلكم وعيتم الدرس

ومن يومها وأنا اتعلم أدب مجالس العلم

-------

ج- طــرب

سألت مولانــا ........

- ما يطربك؟

- القــــرآن ...

.................

ح- الناصر

- هل ما زلت تحكى للأطفال قصة الناصر صلاح الدين يا مولانا؟ ....

- نعم ... ربيتك عليها وأربيهم أيضا ...

--------------

بقلم: د.محمد مصطفى الخياط

mohamed.elkhayat@yahoo.com

 

مقالات اخرى للكاتب

نوتردام.. تولد من جديد