وجوه مقطبة الجبين.. علامات الإرهاق واضحة لاتخطئها عين.. خطوات مثقلة بفعل الهموم.. عيون فقدت بريقها، تمتد نظراتها إلى اللاشيء.. ساهمة حزينة، أيادى تتصافح على عجل، لم يعد للقائنا ولمتنا متعة، فالكل مثقل بأوجاعه.. لم يعد أى منا قادرا على تقمص دور الحكيم العاقل المهون للمشاكل الذى يملك مفتاحا سحريا لأى أزمة.. وصاحب العقل الراجح والكلمة الموزونة واليد الحنون التى تهون الألم وتفتح طريقا للأمل.
لم يعد أحد يمتلك الحكمة بعدما أطاحت همومنا بكل العقول، فبتنا اسرى لجنوننا نتماهى فيه مع واقع يدفعنا لمزيد من الجنون.. هذا هو حالنا، وهذه هى صورتنا.. وهكذا تبدو هويتنا البصرية للباحثين عنها.
لم استطع أن أطرد تلك الصورة القاسية وأنا أتابع حماس الشباب الذى أطلق مشروع "الهوية البصرية".. من الاقصر كانت البداية، عامان من الزيارات والجولات للولوج إلى قلب المدينة، لقاءات فى بيوت أهلها للإقتراب منهم والتعرف أكثر على سماتهم وتميزهم، رحلات للشوارع والمعابد وكل الأماكن الاثرية بها، ليصل الشباب فى النهاية لتصميم "لوجو" خاص بالمدينة، مستوحى من المعتقدات والرموز الفرعونية ومن حروف إسم المدينة بالإنجليزية، فكل حرف منها له دلالة معينة .. فحرف (L) يمثل الزاوية القائمة الغالبة على الهندسة المعمارية للأقصر .وحرف (U) مستوحى من الممرات المعابد وحرف (X) يمثل موقع المدينة مابين الشط الغربى والشرقى وإلتقائهما عند النهر، وحرف (O) هو رمز يمثل الشمس والنيل وحرف (R) يمثل عين حورس.
هذا عن الحروف، أما عن الالوان فقد إختاروا ألوانا معاصرة شبابية تعكس أيضا هوية المدينة.
قراءتنا للحروف بعين واقعية تعكس حال المدينة وأهلها التى لاتختلف كثيرا عن حال كل المدن المصرية، لها بالطبع وقع آخر، فمثلا حرف إل (L) نراه أشبه بعصا تطيح بكل أحلامنا وحرف يو (u) يمثل ظهورنا المحنية من كثرة الهموم وحرف إكس (X) يعبر عن متاهتنا فى طرق تنتهى لنقطة واحدة لاخروج منها أما حرف اوه (O) فيمثل الحلقة المفرغة التى ندور فيها من سنوات، ويمثل حرف الآر (R)عيوننا التى إنطفأ فيها بريق الحلم والأمل والشمس التي كانت تحمل لنا غدا مشرقا.
تبدو قراءتنا لحال الاقصر وعموم مدن مصر حزينة، عكس ذلك اللوجو المفعم بالتفاؤل والإشراق.. أى القراءتين هي الأصح؟ تختلف الإجابة بحسب إختلاف عيون وعقول وهموم من يرى.
من المؤكد أننا فى أمس الحاجة لكل مبادرة تدعم السياحة وترسخ الهوية المصرية لكن بالطبع حاجتنا أكثر وأشد لمبادرة تعيد آدمية حياة المواطن المصرى بعدما سحق الغلاء كل أمل فى تلك الحياة.
لوجو الهوية البصرية مطلوب لكن الأهم منه خلق واقع مشرق لصاحب تلك الهوية.
----------------
بقلم: هالة فؤاد