09 - 05 - 2025

يا أنا يا كيكى!!

يا أنا يا كيكى!!

شفت كيكى ..؟

- دى أكلة جديدة دى يابنى ؟ 

يابابا : هو أهم حاجة عندك الأكل.. كيكى ..كيكى ..قالها ابنى الصغير مستنكرا ومندهشا كيف لى ألا أعرف المحروسة كيكى وهى ملء السمع والبصر ويعرفها القاصي والدانى، ولما رأى الواد المفعوص جهلى باللى (تنطس فى نظرها) كيكى اردف قائلا : شكلك عايش فى العصر الحجرى يابابا!! ثم أشاح فى وجهى بكلتا يديه ليولى مدبرا متمتما بكلمات غير مفهومة، ولكنها بدت لى وكأنها امتعاض من جهلى وعدم متابعتى لما أحدثته كيكى على شبكات التواصل من ضجة كبيرة.

لم يكن ملائما بأى حال من الأحوال أن أبدو فى نظر ابنى المفعوص جاهلا لهذه الدرجة، فى الوقت ذاته أصبحت متشوقا لكشف اللثام عن كيكى ..وتولد لدى قدر كبير من التحدى : ياانا ياكيكى!!

لم أتأخر كثيرا .. ضربت غطس فى أعماق الشبكة العنكبوتية لأتعرف على أسرار ست الحسن والجمال التى شغلت العالم لهذه الدرجة.

كيكي هل تحبيني؟.. هل تركبين السيارة ؟.. قولي إنك لن تتخلي عني....الله ..الله.. أول القصيدة كفر..من أولها كده !!.. دا احنا لسه بنستفتح ياجدعان .

المهم أقول لإخوتى من الجهلة أمثالى غير العارفين ببواطن قصة كيكى: أن كلمات أغنية " my feelings " للمغني الكندي دريك - اللى معرفوش والله ولاعمرى سمعت عنه ولا أنا من الآخر بفهم ولا اسمع الأغانى الأجنبية - تحولت إلى تحد اجتاح العالم .

إلى هنا وكل واحد حر.. لكن كمية الهطل والعبط اللى شفتها أصابتنى بصدمة ..رجال وشيوخ نساء وعجائز.. أطفال وشباب.. رياضيين ومطربين وممثلين يرقصون ببلاهة تؤدى للغثيان على أنغام الأغنية فاتحين أبواب سياراتهم تسير بلا قائد وبلا فرامل - وهذا هو التحدى العبيط - ثم يقفزون داخلها مرة أخرى بعد أن يكونوا قد انتهوا لتوهم من الرقصة العبيطة !! معرضين حياتهم وحياة الآخرين لخطر شديد من جراء تقليد أعمى لأمر أراه تافها.

الحمى المجنونة التى اجتاحت قطاعا كبيرا فى عالمنا العربي لرقصة كيكى تعكس حجم الدمار النفسى والاكتئاب الشديد الذى تتعرض له الشعوب العربية لأسباب عديدة يأتى على رأسها: قمع الحريات، الفقر، المرض، الغلاء الشديد، وما كيكى وغيرها من وسائل التخدير إلا تنفيس عما تعانيه الجماهير من اكتئاب حاد، بعد أن كانت تتطلع إلى حياة العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، فإذا بأحلامها وآمالها تذهب أدراج الرياح، وإذا بكل تطلعاتها تنفلت من بين أياديهم بعد أن كانت حتى وقت قريب فى قبضتهم ويعضون عليها بالنواجذ.

لن أتحدث هنا باستفاضة عن ضعف الوازع الدينى والانفلات الأخلاقى والإعلامى الذى ضرب أمتنا العربية والاسلامية فى مقتل، وظهور وجوه تزعم أنها مجددة للخطاب الدينى فإذا بها تضرب فى ثوابت الدين الإسلامى، وإذا بها تنفر المسلمين من كثير من الأمور العقائدية التى أجمع عليها علماء المسلمين ناهيك عن الطعن فى أصحاب وزوجات رسولنا الكريم، وحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ذاته .

ولن القى اللوم على هؤلاء الذين يزعمون زورا وبهتانا أنهم يهدفون إلى تجديد الخطاب الدينى فى وصول قطاع ليس بالقليل لكيكى وغيرها من وسائل التخدير والإلهاء لمحاولة نسيان هذا الواقع المرير، بل كل اللوم يقع أيضا على أولئك الشيوخ الذين تفرغوا لمناقشة مسائل فقهية عقيمة وأمور فرعية لاتغنى مناقشتها نفعا ولا فائدة تاركين شبابنا وبناتنا نهبا لكل من هب ودب ينخرون كالسوس فى عقولهم.

ياامة كيكى..الاقصى يغتصب .. فلسطين تضيع من بين أيدينا .. بلادنا تدمر وثرواتنا تنهب .. وملايين اللاجئين من سوريا والعراق واليمن وليبيا والعراق والصومال بلا مأوى وبلا طعام أو شراب .. فأين أنتم من كل ذلك أيها الراقصون.

مقالات اخرى للكاتب

فتيات البحيرة واللغز المحير!