29 - 06 - 2025

الغرب يترك أغلب أعضاء "الخوذ البيضاء" لمصيرهم .. ويذكر بمصير أنطوان لحد وجيشه

الغرب يترك أغلب أعضاء

تركت الجهات الغربية التي كثيرا مانفخت في أتون الحرب السورية أغلب عناصر "الخوذ البيضاء" يواجهون مصيرا أسود، بعدما وافقت على إجلاء أعداد قليلة منهم ، وذلك في استعادة تاريخية لمصير جيش لبنان الجنوبي العميل لإسرائيل وقائده أنطوان لحد.

فبعد أن اضطرت سلطات الاحتلال عام 2000 إلى الانسحاب من الشريط الأمني الذي أقامته في جنوب لبنان، تحت ضربات المقاومة اللبنانية، تفكّك جيش لبنان الجنوبي الموالي لها، وفرّ أعضاؤه إلى إسرائيل، وكان من بينهم أنطوان لحد نفسه، الذي فر إلى باريس ومنها إلى تل أبيب، حيث أقام مطعمًا بأموال قدّمتها له أجهزة الأمن الإسرائيلية، ولكنّ المطعم سرعان ما أغلق أبوابه، وعبّر في أحاديث صحفيّة عن ألمه الشديد من تخلّي إسرائيل عنه، وعن طريقة انسحاب جيش الاحتلال بشكلٍ مباغت من جنوب لبنان.

 في تحقيق نشرته وكالة رويترز يبدو وكأن الزمن يكرر نفسه !!

فخوفا على حياته، سجل ضامن عايد اسمه مع مئات آخرين من أفراد”الخوذ البيضاء“ لإجلائه من سوريا يراوده الأمل في حياة جديدة في كندا.

لكن عايد (20 عاما) لم يكن ضمن بضع مئات نقلوا في مطلع الأسبوع عبر مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل إلى الأردن لإخراجهم من جنوب غرب سوريا. فعندما جاءت قائمة أسماء الأفراد الذين تمت الموافقة على إجلائهم، لم يكن اسمه مدرجا فيها.

ويقول ”أخبرونا في منتصف الليل أن الأسماء أتت، حيث دهشنا أن هناك الكثير من الأسماء لم تتم الموافقة عليها“.

كان اثنان فقط من العاملين في مركز "الخوذ البيضاء" الذي يعمل عايد فيه في القائمة. وبدلا من ذلك، انضم عايد إلى آلاف الأشخاص الذين استقلوا حافلات إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة شمال غرب سوريا بموجب اتفاق استسلام المعارضة للحكومة.

وقالت ”الخوذ البيضاء“ إن كثيرا من العاملين فيها وأسرهم الذين كان يفترض أن يشملهم الإجلاء إلى الخارج غير قادرين على الوصول إلى الحدود بسبب القتال.

ومن بين نحو 800 شخص، منهم نحو 250 من "الخوذ البيضاء" بجانب 550 من أفراد أسرهم تشملهم الخطط، تمكن فقط نحو 100 من أفراد الخوذ وحوالي 300 من أقاربهم من المرور عبر مرتفعات الجولان والأردن.

غير أن أعضاء آخرين في ”الخوذ البيضاء“ ومنهم عايد، لم يحصلوا على الموافقة على الإجلاء. وقال عمار السلمو، وهو من عناصر ”الخوذ البيضاء“ ويعمل في مقرها بتركيا، إنهم أرسلوا القوائم وإن بعض الأسماء قُبلت بينما رفض البعض الآخر.وبريطانيا وكندا وألمانيا من الدول التي عرضت إعادة التوطين وساعدت في ترتيب الإجلاء إلى الخارج.

وردا على سؤال عن سبب استبعاد عناصر من الدفاع المدني من خطط الإجلاء، قال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية ”كان هذا استجابة لوضع عاجل ومحدد“.

وأضاف ”عملنا، مع شركائنا، لاستخدام قنواتنا الدبلوماسية لإجلاء الحد الأقصى من عناصر الخوذ البيضاء وأسرهم بحسب الإمكان، في سياق أمني مقيد للغاية“. ورفض المسؤولون الألمان التعليق.

وقال عايد، الذي وصل إلى شمال غرب سوريا ومعه والداه وشقيقه الأصغر، إنه ما زال يعتبر أن مغادرة سوريا هي أفضل آماله للنجاة .وقال ”بالنسبة لإخراجنا باتجاه كندا فأنا أعتبره الحل الوحيد للحفاظ على حياتنا“.

وقال عايد إن أفراد الخوذ البيضاء، التي تعمل فقط في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، يواجهون خطرا شديدا إذا أمسكت بهم الحكومة. وقال ”مصيرنا أبشع من مصير المنشقين عن الجيش“.

واتهم الأسد فرق الخوذ البيضاء بأنها واجهة لتنظيم القاعدة. وتقول حكومته إنهم اختلقوا قصص الهجمات الكيماوية لإعطاء ذريعة للضربات الجوية الغربية. وتدعي الخوذ البيضاء التي تتلقى تمويلا من دول غربية إنها منظمة إنقاذ مدنية تعمل تحت القصف لسحب الضحايا من بين الأنقاض.

ويقول عايد إن ما يزيد شعوره بالخوف من أن تمسك به قوات الأسد، أن الجيش السوري عندما سيطر على المنطقة التي كان يقيم فيها في جنوب غرب سوريا هذا الشهر صادر بطاقات هوية العاملين. وقال ”يوجد في المديرية الكثير من المعدات ولكن الأهم هي الهويات وأسماء المتطوعين وبطاقات التعريف الخاصة بنا، وهذا أكثر الأمور التي أضرت بنا. لم يتم إتلاف الأوراق والأسماء وإنما بقيت مثل ما هي وأصبحت بيد النظام“.

كان عايد، الذي يقول إنه يعمل مع الخوذ البيضاء منذ 16 شهرا، يتمركز في اللجاة وهي أول منطقة للمعارضة في درعا تعرضت لهجوم الجيش السوري. وقصف الجيش مركز الخوذ البيضاء وهو يطبق على المنطقة وفر العاملون في المركز قبل أن يسيطر عليه الجيش. وقال عايد إن العاملين في المركز وعددهم 30 توزعوا بين المناطق التي بقيت تحت سيطرة المعارضة.ولجأ بعضهم إلى بلدات سيطر عليها الجيش في وقت لاحق. وقال عايد ”تمت محاصرتهم حيث يعتبر مصيرهم مجهولا بالنسبة لنا“.

انتهى المطاف بعايد وأسرته في القنيطرة قرب الحدود مع مرتفعات الجولان. كانت القنيطرة آخر أرض للمعارضين تستسلم للحكومة في جنوب غرب البلاد.

وعمل عايد في "الخوذ البيضاء" هناك لعدة أسابيع. وقال إن جميع العاملين في المركز دُعوا إلى اجتماع طارئ ذات مساء. وتم إبلاغهم بتسجيل أسمائهم لإجلائهم عبر إسرائيل والأردن واحتمال توطينهم في كندا. وعندما أتت القوائم لم يكن اسم عايد مدرجا فيها.
------------------
رويترز والمشهد