يالهوى يامستهوى ..يانهار مطين بطين ..عبارات وصرخات مدوية أطلقتها فى فضاء نفسى المضطربة التى لم تعد تقوى على مجابهة مايحدث فى الساحة المصرية من أحداث جسام تكاد تصل بالمصريين إلى مرحلة الهذيان والجنون.
الخبر : رسوب أكثر من 40% فى مدارس المتفوقين!! قلت لنفسى لعلها كتائب السوشيال ميديا الملعونة هى التى عمدت لتسريب هذه الشائعة، فهى لاتريد سوى تشويه صورة مصر وتدمير كل شيئ جميل بها، لابد أنهم أولئك الأوغاد الذين يريدون تحطيم إنجازاتنا على صخرة الشائعات الموبوءة المحفوفة بالحقد الدفين.
رحت أقلب المواقع الموثوق بها؛ فقد أجد بها ما يثلج صدري الذى ضاق ذرعا بالأحداث المتتالية التى أوصلتنى إلى مرحلة الاكتئاب.. لابد أن الخبر كاذب بكل تأكيد، لكننى سرعان مالتقطت عيناى تصريحا للدكتور رضا حجازى وكيل أول وزارة التربية والتعليم يؤكد صحة الخبر ..نعم 42% من خيرة عقول مصر ومن صفوة شبابها النابغين النابهين المتفوقين راسبون فى الثانوية العامة!
أصبت بدوخة ودوار.. لكن كدت أصل إلى مرحلة الإغماء التام عندما قرأت تفاصيل الخبر والذى أكد فيه الدكتور حجازى أن أسئلة امتحانات الطلبة المتفوقين ترد إليهم من بنك المعلومات وأن التصحيح يتم إلكترونيا دون أى تدخل بشري!
تساؤلات سريعة متتالية حائرة دارت فى عقلى الذى كاد يتوقف عن التفكير: أليس ذلك النظام التعليمى هو الذى سيطبق على أبنائنا وبناتنا فى مرحلة الثانوية العامة خلال العام الدراسي القادم؟ إذا كان هذا النظام الذى طبق على أبنائنا المتفوقين والمفترض بهم أنهم قد اجتازوا كل اختبارات القدرات والذكاء للالتحاق بمدارس الصفوة، قد حقق هذه النسبة غير المسبوقة من معدلات الرسوب.. فهل يمكن تطبيقها على الطلاب العاديين والذين تتفاوت قدرات ذكائهم؟ أليست هذه التجربة مؤشرا خطيرا على أن هناك خللا كبيرا فى هذا النظام التعليمى الجديد يجب علينا تداركه وتقييمه تقييما موضوعيا قبل أن تقع الفأس فى الراس؟
نعترف بأن النظام التعليمى الحالى المعتمد على الحفظ والتلقين يفرز لنا خريجين غير قادرين على التأقلم مع سوق العمل، فكثيرون منهم لايمتلكون ملكات الابتكار والإبداع، ولسنا بأى حال من الأحوال ضد تطوير النظام التعليمى فى مصر بما يسمح بإعداد أجيال واعية بمتطلبات تكنولوجيا العصر، لكن على الجانب الآخر كان لابد للنظام التعليمى الجديد أن يشهد نقاشا مجتمعيا على كافة المستويات، وليس صحيحا على الإطلاق بأن أولياء الامور لايعرفون مصلحة أبنائهم، بل أؤكد أنهم سيتشبثون بأى نظام تعليمى يحقق المنفعة والخير لفلذات أكبادهم .
ليس لدينا رفاهية الوقت.. نتفق تماما مع وزير التعليم فى كلامه، لكن ليس معنى ذلك أن نتعجل عجلة الشيطان فى تطبيق نظام تعليمى جديد لم يشهد نقاشا مجتمعيا علنيا جادا.. نظام يتعلق بمستقبل أبنائنا وبناتنا.
على الاقل فى المرحلة الحالية على وزارة التعليم أن تكشف للرأى العام المصري وبكل شفافية النتائج التى توصلت إليها فيما يتعلق برسوب هذه النسبة الكبيرة من الطلبة فى مدارس المتفوقين.
هل السبب فى بنك المعلومات؟ أم يكمن السبب فى عدم كفاءة نظام التصحيح الالكتروني؟ وهل الكوادر البشرية من معلمين وفنيين فى حاجة إلى مزيد من التدريب والتأهيل؟
ومع ذلك فأنا بكل تأكيد لست مثبطا لهمم وعزائم القائمين على تطوير التعليم فى مصر، بل أشد على أيديهم وأدعو كل فئات المجتمع لتقديم كل انواع الدعم المعنوى لهم.