المؤيدون: لا يضم مواد سالبة للحريات.. والمعارضون: يغتال الصحافة
تسبب قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد، في جدل كبير بين الأوساط الصحفية من جهة ومجلس النواب من جهة أخرى، لا سيما بعد موافقة أعضاء المجلس عليه خلال جلسة 15 يوليو الجاري بشكل نهائي، واتهام أعضاء بمجلس نقابة الصحفيين للبرلمان بتجاهل طلباتهم لتعديل بعض المواد، المنظمة لعمل المؤسسات القومية وحرية الصحافة والحبس الاحتياطي وغيرها.
ويتهم معارضو القانون، واضعيه، لا سيما المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وجناحيه الهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة، بالسعي للتغوّل على الحريات الصحفية، والسيطرة على صفحات منصات التواصل الاجتماعي، والاعتداء على الدستور فيما يخص مواد الحبس الاحتياطي في جرائم النشر.
وزاد من حدة الاتهامات إلغاء نقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة لاجتماع كان يفترض أن يعقده مجلس نقابة الصحفيين قبل ساعات من إقرار التعديلات المطلوبة على مشروع القانون، ليخرج ستة من أعضاء مجلس النقابة ببيان، يدينون فيه إلغاء اجتماع المجلس الذي حدد له 16 يوليو، نظرا لقيام البرلمان بالموافقة على القانون في جلسة علنية قبلها بيوم، ونشر صيغة القانون في عدد من الصحف والمواقع الصحفية.
وأكد سداسي أعضاء مجلس النقابة في بيان لهم بعد إقرار القانون، أنه يقيد استقلال الصحافة والإعلام ويعد حصارا لحرية الرأي والتعبير، مشددين على تجاهل مجلس النواب لمعظم ملاحظات نقابة الصحفيين على مشروع القانون، وكذلك ملاحظات مجلس الدولة التي أشارت إلى وجود عوار دستوري بعدد من المواد، والإبقاء على جوهر المواد المقيدة لحرية الصحافة والمخالفة لنصوص الدستور والمهددة لاستقلال وبقاء المؤسسات الصحفية القومية، إضافة للكاتب أبو السعود محمد، الذي أعلن استقالته من عضوية مجلس النقابة احتجاجا على مواد القانون.
وعدّد الموقعون على البيان وهم: محمود كامل ومحمد سعد عبد الحفيظ وجمال عبد الرحيم ومحمد خراجة وحسين الزناتي وعمرو بدر، مساوئ القانون، حيث أبقت لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب على صياغة البند 23 من المادة 5 من قانون الهيئة الوطنية للصحافة، الذي يعطيها الحق في "إلغاء ودمج المؤسسات والإصدارات الصحفية"، وهو ما يفتح الباب أمام خصخصة المؤسسات القومية وتشريد المئات من العاملين فيها والتي يستهدف القانون إلغاءها.
وتابع البيان: "تم الإبقاء على وضع رئيس الهيئة الوطنية للصحافة رئيسا للجمعيات العمومية لكل المؤسسات القومية، كما استمرت حالة التجاهل لتمثيل الصحفيين والعاملين بالمؤسسات داخل الجمعيات، بالتوسع في تعيين أعضاء هذه الجمعيات من خارج المؤسسات، وأبقت اللجنة على نص البند 17 من المادة 5 من قانون الهيئة الوطنية للصحافة والذي منح الهيئة الحق في مد السن للصحفيين بقرار منها وهو ما يفتح الباب للمحاباة، ويهدر كفاءات حقيقية بهذه المؤسسات".
وتعليقا على تمرير القانون، كتب الصحفي علاء العطار عبر صفحته على "فيسبوك": "البرلمان الذي وافق على اتفاقية تيران وصنافير، طبيعى يبيع الجنسية المصرية، وطبيعي أن يمرر قانون إعدام الصحافة وغيره وغيره". أما نقيب الصحفيين السابق يحيى قلاش فوصف القانون بأنه "قانون اغتيال مهنة الصحافة وهامش حرية التعبير"، واصفا من أسماهم "القتلة والمشاركون في الجريمة يستكملون دورهم بكتابة بيانات التهنئة والتبريكات!!". وأضاف قلاش: "حرية الصحافة معركة طويلة وممتدة وخسارة جولة ليست كلمة الختام. إنه يوم حزين وعار سيلحق بكل الذين باعوا ضمائرهم وخانوا مهنتهم".
ويؤكد المعترضون على القانون أنه يتيح صلاحيات للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بمنع تداول وسحب تراخيص وحجب مواقع عامة وشخصية، إضافة لتحايله على نص المادة 29 الخاصة بالحبس الاحتياطي للصحفيين؛ بحذف كلمة "الاحتياطي"، وترك نص المادة بشكل مطاط ويحتمل التأويل من جهات التحقيق، وهو ما يعد مخالفا لما جاء في القانون 96 لسنة 1996 الذي "حظر الحبس الاحتياطي في قضايا النشر" بشكل نهائي.
الحكومة تؤيد القانون
وعلى الجانب الآخر، أكد المستشار عمر مروان، وزير مجلس النواب، أن القانون الجديد بـ3 أرواح؛ حيث ينظم عمل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، كل على حدة، بعدما كان المشروع المبدئي المقدم من الحكومة يجمعهم في مواد واحدة.
ولفت مروان في تصريحات له، إلى أن مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام يستهدف التنظيم المهني والمؤسسي، ويلبي استحقاقات دستورية.
أما صلاح حسب الله، المتحدث باسم البرلمان، فقال إن قانون تنظيم الصحافة والإعلام "ترجمة حقيقية للإرادة السياسية لتعظيم حرية الرأي وتداول المعلومات، باعتباره استحقاقاً دستورياً واجباً".
كما أكد الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، أن "القانون تمت مناقشته بشكل موسع مع جميع الأطراف المعنيين، وليس به أي مواد سالبة للحرية".
وأوضح الكاتب الصحفي كرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، أن القانون جاء مطابقاً لنصوص الدستور، وليس مخالفاً له، نافياً وجود نصوص تؤدي إلى حبس الصحفيين.
يأتي إقرار القانون الجديد وسط ظروف صعبة تعيشها وسائل الإعلام بشكل عام في مصر، بدأت بحجب عشرات المواقع المصرية والعربية داخل مصر، إضافة للقبض على عدد كبير من الصحفيين والمدونين، والاستغناء عن عدد كبير من العاملين بالقنوات والصحف آخرهم مراسلي قناة "العاصمة" الذين استغنت إدارة المحطة عن معظمهم.
كما شهدت إصدارات "إعلام المصريين"، جملة من حالات الفصل التعسفي بإصدارات "صوت الأمة" و"عين" و"دوت مصر"، بعد أشهر من إعلان مجموعة "إيجل كابيتال" ورئيستها داليا خورشيد، الاستحواذ عليها بالاتفاق مع رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة.
-------------
تقرير ـ محمد سعد