تناقض الخبراء حول كونها جاذبا للاستثمار وموردا للنقد الأجنبي
عاطف مغاوري: تمرير القانون دون حسابات واضحة للعوائد الإقتصادية
فؤاد عبد النبي: انتهاك للدستور المصري وادعاء مكاسب اقتصادية لا أساس لها
شريف الجبلي: قرار صائب وسيزيد عائد الضرائب ويشجع للاستثمار
أبوبكر الديب: تدفق مليارات الدولارات.. ومحمد بدوى: دعم لاقتصاد مصر
وافق مجلس النواب برئاسة الدكتور علي عبد العال قبل أيام على تعديلات بقانون دخول وإقامة الأجانب في أراضي مصر والخروج منها، وتعديلات القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية.
وجاءت الموافقة على مشروع القانون، بالوقوف، بينما رفضه 11 عضواً من المشاركين في الجلسة.
ينص المشروع على إضافة فقرة في تقسيم الأجانب من حيث الإقامة، وهم "أجانب ذو إقامة بوديعة"، وتمنح لهم الجنسية بعد 5 سنوات من إيداعها، على ألا تقل عن 7 ملايين جنيه أو ما يعادلها بالعملة الأجنبية.
تفاوتت آراء الخبراء في تصريحات لـ"المشهد" حول الجدوى الإقتصادية للقانون، وأثره على جذب الاستثمارات، البعض رآه لا يحمل جديداً، وليس بديلاً عن التنمية، فيما رأى فيه آخرون أنه سيعزز من استقطاب الاستثمارات، ويوفر للدولة مخزونا من النقد الأجنبي في حدود 100 مليار دولار، في حال منح الجنسية لنحو 250 ألف أجنبي.
عاطف مغاوري نائب رئيس حزب التجمع يرى أن القانون تم تمريره دون دراسة كافية، ودون حسابات واضحة للعوائد الإقتصادية منه، موضحاً أن القانون سيصب في صالح الاقتصاد كلام مشكوك فيه، وإن كان صحيحاً فهو مردود عليه.
وأضاف: تحقيق التنمية لا يأتي ببيع الجنسية المصرية، وإنما بتوفير مناخ عادل ومميز للاستثمار، سواء من المستثمر المحلي أو الأجنبي، مشيراً إلى أن الدول الأخرى التي طبقت هذه السياسة لها أهداف غير التي نريدها، فلسنا بحاجة إلى كثافة سكانية، بينما نريد تنمية.
ويري الفقيه الدستوري فؤاد عبد النبي، إن قانون منح الجنسية المصرية للأجانب المقيمين في مصر مقابل وديعة 7 ملايين جنيه به انتهاك صريح للدستور المصري، وفكرة أنه يحقق مكاسب اقتصادية، ليس له أساس من الواقع، وإن كان ذلك مرحلياً وبشكل مؤقت، وليس له دور في التنمية.
وأضاف عبد النبي، أن الدستور أبدع عندما تكلم عن الجنسية المصرية، وأكد أنها حق لكل من يولد لأب وأم مصرية، مضيفاً أن الخروج عن ذلك يعني خروجاً عن النص الدستوري في المادة السادسة.
وتابع: هناك انتهاك لنصوص الدستور المصري المتمثلة في مادة حقوق الأجيال القادمة، موضحاً أن الدستور في مادته 92، 99 الخاصتين بالحقوق والحريات بالإنسان ومنها الجنسية لا تقبل تعطيلاً أو انتقاصاً ولا يجوز لأي قانون أن يمسها.
وقال النائب عمرو الجوهري، وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن القانون لن يساعد في حل أزمة الاقتصاد المصري باعتبار أن منح الجنسية ليست ميزة للمستثمر الأجنبي الذي يرغب في الاحتفاظ بجنسيته حتي يستطيع اللجوء للتحكم الدولي حال حدوث أي نزاع مع الدولة المصرية مقترحاً حلولاً بديلة كزيادة رسوم الاقامة للأجانب داخل مصر.
وأضاف الجوهري، أن التعديل يتعارض مع بعض نصوص قانون الاستثمار الجديد الذي يمنح الإقامة مجاناً للمستثمرين الأجانب ونسبة 20% من حجم العمالة المتقدمة من بلدانهم، مؤكدا أهمية النص علي منع المتحصل علي الجنسية من مباشرة حقوقه السياسية حتي لايصل إلي منصب هام في الدولة كنائب في البرلمان أو عضو في الحكومة.
لا داعي للتخوف
على العكس من ذلك يقول محمد بدوى، عضو مجلس النواب، أنه لا داعى للتخوفات من منح الجنسية للأجانب مقابل وديعة دولارية في البنوك المصرية لمدة 5 سنوات، لأنه سيكون وفق ضوابط أمنية بالإضافة إلى أنه يدعم الاقتصاد المصرى ويوفر العديد من فرص العمل.
وأضاف بدوى، أن منح الجنسية مقابل وديعة دولارية أمر معمول به فى الكثير من دول العالم، كما أنه يحقق استثمارا مباشرا عن طريق جذب رجال الأعمال من القادمين من الدول العربية بحثاً عن الأمن والأمان فضلاً عن الاستثمارات غير المباشرة الناتجة عن الوديعة البنكية، مشيراً إلى أن مصر أمنة وما يحدث بها من عمليات إرهابية، ظاهرة باتت منتشرة فى العالم أجمع ومصر تبذل جهودها من أجل دحر الإرهاب.
وأكد أن الودائع الدولارية فى البنوك لمدة 5 سنوات تحقق زيادة في معدلات النمو فضلاً عن الاستثمارات المباشرة التى سيقدمها المتقدمون من أجل الجنسية سواء من أخواننا العرب أو الأجانب، مضيفاً أن المستثمرين يطلبون الجنسية من أجل الاستثمارات وليس العكس.
من جانبه قال الدكتور شريف الجبلي، رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، إن القرار صائب لأنه سيتم الاستفادة منه من ضرائب وتشجيع للاستثمار، موضحاً أن دول العالم تسير على هذا النهج، ومنها دول الاتحاد الأوروبي والدول العربية، مشيرًا إلى أن ذلك يشجع جميع القطاعات لتلبية احتياجات السوق للمستثمرين الجدد فى مصر.
وأشار إلى أنه لابد من اختيار الذين يتم الموافقة على إتاحة الجنسية لهم، وعدم السماح لأشخاص مجهولي الهوية في مجال الاستثمار.
ومن جانبه قال اللواء سلامة الجوهري، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، إن الحصيلة المتوقعة من أول تطبيق لمشروع قانون منح الجنسية المصرية للأجانب مقابل وديعة، تتجاوز 10 مليارات دولار تقريبًا، مشيرًا إلى أن أعداد الأجانب من مختلف الجنسيات المقيمين فى مصر تتراوح بين 4 و5 ملايين، وجميعهم يستفيدون من كل الخدمات الحكومية ودعم السلع والطرق والكهرباء والبنزين، ومن الطبيعى أن تستفيد منهم الدولة.
وأضاف، أن القانون ينص على جواز منح الجنسية للأجانب بعد مرور خمس سنوات على منح الإقامة، وذلك بعد التقدم بطلب والتأكد من عدم وجود ملاحظات أمنية بشأنه، متابعاً أن الوديعة، ستؤول بعد ذلك إلى خزانة الدولة.
أما أشرف العربي، خبير اقتصادي، فيؤكد إن قانون منح الجنسية المصرية مقابل 7 ملايين جنيه، والذي وافق عليه البرلمان، يعمل على زيادة إيرادات الدولة بشكل غير مباشر، والمبلغ المحدد بقيمة 7 ملايين جنيه سيتم دفعه بالعملة الصعبة، بما يوفر عملة صعبة للقطاع المصرفي، وخاصة أن المبلغ سيتم إيداعه كوديعة بالبنوك.
وأشار العربي إلى أنه مع زيادة حجم تلك الودائع، وبمرور المدة التي تبلغ 5 سنوات ستؤول أرباحها للخزانة العامة للدولة تلقائياً، بما يعمل على زيادة الإيرادات.
ومن جانبه قال الخبير المصرفي أحمد سليم، إن المبلغ الذي أقره مجلس النواب مقابل الجنسية سوف يعمل على زيادة إجمالي حجم العملة الصعبة بالبنوك، بما يساهم في زيادة إيرادات الدولة من العملات الأجنبية، موضحاً أن الوضع يشبه الوديعة التي يتم ربطها مقابل حصول الأجانب على إقامة في مصر.
ويعتبر أبوبكر الديب، خبير اقتصادي، إن منح الجنسية المصرية للمستثمرين الأجانب الراغبين في العمل بمصر، يعد تيسيراً لهم ولزيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية، متوقعاً أن يؤدي لتدفق مليارات الدولارات لمصر.
وأضاف: هناك دول كثيرة تقوم بمنح جنسيتها للمستثمرين الأجانب، مثل النمسا، وسنغافورة، التي يمكن الحصول على جنسيتها كمستثمر بعد قضاء سنتين على أراضيها، وإنفاق مليوني دولار، وأستراليا، التي يمكن الحصول على إقامة دائمة فيها كمستثمر، بعد إنفاق حوالي 5 ملايين دولار، وبعدها يسمح بالتقديم على طلب الحصول على الجنسية، فيما تمكن "هونج كونج" المستثمرين، من الحصول على إقامة دائمة في حال استثمار مليون دولار فأكثر في الدولة.
وقال محمد ممدوح، رئيس مجلس الشباب المصري، إن موافقة مجلس النواب، على منح الجنسية للأجانب بوديعة أكثر من 7 ملايين جنيه، يعد تشجيعًا لمناخ الاستثمار، ولكن يجب وضع شروط دقيقة ومدروسة، تجنبًا لأي عقبات أو أزمات من الممكن أن تواجهنا مستقبلًا مثل تملك الأراضي في المناطق الحدودية أو وصول مكتسبي الجنسية إلى مناصب حيوية داخل الدولة المصرية أو مراكز صناع القرار، حيث إن الأمن القومي المصري يأتي في المقام الأول.
وأضاف، يجب أيضاً النظر إلى تجارب الدول الأخرى والحالات المماثلة من التشريعات التي تنظم منح الاقامة والجنسية مقابل الاستثمار، مشددًا على أن ممكن أن تنص اللائحة التنفيذية للقانون أن تكون مقابل استثمار حد أدنى في قطاعات اقتصادية رئيسية.
--------------
تقرير: رامي الحضري