إسقاط الجنسية الأصلية شرط الحصول على المصرية
د. محمد الذهبي: لا غبار على دستورية القانون ولكن يحتاج إلى ضوابط
حسين أبو الوفا: الوديعة للحد من الطلبات.. وخطوط حمراء لبعض الدول
«نحن لا نجيد التسويق الإعلامي لقراراتنا أو مشاريعنا»٬ عبارة موجزة لخص بها أحد نواب البرلمان حالة التخبط التي يعيشها المجتمع المصري سواء بين العامة أو أهل الاختصاص من قانونيين وحتى برلمانيين.
قانون الجنسية الجديد جرى عليه تعديل أدخل فئة جديدة من الإقامة تحت اسم "إقامة الأجنبي بوديعة"، وذلك بالإضافة إلى ثلاث فئات يشملها القانون بالفعل، وهي: إقامة الأجانب المؤقتة، والعادية، والخاصة.
ويمنح التعديل لوزير الداخلية سلطة منح الجنسية المصرية للفئة الجديدة من المقيمين بوديعة قيمتها سبعة ملايين جنيه (350 ألف دولار أمريكي)، بعد نصف المدة المنصوص عليها سابقا (خمس سنوات بدلا من عشر سنوات)، شريطة أن تؤول قيمة الوديعة للخزانة العامة للدولة.
وإن كان الحال كذلك بين أهل الرأي فما الحال بين عامة الشعب٬ العامة تستهدفهم الأرقام والملايين التي يظنون خيرا أنها ستصب في صالح مشاريع يعملون بها أو استثمارات تفتح لهم أبواب رزق جديدة٬ فهل ستأتي عليهم الجنسية المرهونة بوديعة 7 مليون جنيه أو ما يعادلها من العملات الأجنبية بما يظنون؟ أسئلة كثيرة يطرحها قانون منح الجنسية المصرية والتعديلات التي أجريت عليه٬ خاصة بعد امريره بإعادة التصويت عليه في البرلمان، لعدم حضور ثلثي الأعضاء في التصويت الأول.
حقوق
يوضح الدكتور محمد الذهبي أستاذ القانون الدستوري أن فكرة منح الجنسية لغير مواطني الدولة أمر متعارف عليه عالميا٬ وهي جزء من حقوق الإنسان٬ وكل دولة تحدد شروطها وفقا لظروفها واحتياجاتها٬ واعتقد أن القانون تأخر إصداره في مصر.
وقال: هناك نوعان من أساليب التجنيس٬ الأول خاص بالدول الحديثة والتي تحتاج لكوادر بشرية مثل أمريكا وكندا٬ وهناك نظام الدول القديمة مثل بريطانيا التي تمنح الجنسية وفق شروط استثمارية٬ ومصر أقرب للنظام الثاني٬ فالاقتصاد المصري في أشد الحاجة لرؤوس الأموال٬ في ظل الأوضاع الإقليمية المتردية٬ والزيادة السكانية الكبيرة٬ والأعداد المتزايدة من البطالة٬ فمن الممكن أن يكون قانون الجنسية قاطرة لتحريك سوق العمل وفتح مجالات عمل جديدة للشباب المصري.
وأضاف د. الذهبي: القانون ليس كما يظن البعض بأنه سيفتح المجال لدخول جنسيات دول معادية أو يكون بابا للتجسس كما تنشر بعض المواقع٬ فالتحريات الأمنية مشددة٬ ولا يتم منح الجنسية إلا بعد عديد من التحريات داخليا وخارجيا.
اشتراطات
ويؤكد أن أي قانون من حق البرلمان مناقشته واقراره بموجب التوكيل العام للنواب من ممثليهم، وفقا للشروط المتعارف عليها٬ وإن كان القانون بشكله الحالي ينقصه تحديد الحالات وتصنيفها٬ وعرض النظم الدولية الأخرى بشكل واضح للمفاضلة بينها واختيار ما يناسب الحالة المصرية٬ فهناك دول تمنح جنسيتها للكفاءات أو الخبرات العلمية.
ويقترح د. الذهبي عدة اشتراطات ضمنية للقانون منها الاستثمار التنموي وليس العقاري٬ وتأمين عدد محدد من العمالة المصرية بمرتبات ثابتة لسنة على الأقل.
انقسام
ورفض 11 نائبا تعديل القانون الذي أقره مجلس النواب الذي يضم 596 نائبا٬
من هؤلاء النائب سيد عبد العال رئيس حزب "التجمع"، الذي يرى أن هذا القانون يمثل "خطورة على الأمن القومي المصري"، وأن اشتراط إيداع هذا المبلغ يمثل تمييزا بين المقيمين الأجانب.
وقال عبد العال "مصر تخوض حاليا حربا ضد الإرهاب، فكيف تمنح الجنسية بموجب هذا الشرط السهل في ظل هذه الظروف؟ وفي مصر الآلاف من المقيمين السوريين مثلا، فكيف نمنح الجنسية لمن يملك قيمة الوديعة منهم وغيرهم لا؟".
لكن اللواء يحيى الكدواني، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، رأى أن الموضوع تحت السيطرة الأمنية الكاملة وسيكون تحت رقابة سلطات الدولة التي لن تسمح لأي شخص ذي توجهات معادية بالحصول على الجنسية المصرية، فضلا عن كونه معمولا به في دول عديدة. وقال: أتوقع أن يعزز هذا التعديل من حوافز الاستثمار للأجانب المقيمين كما يوفر للبلاد العملة الصعبة".
وأضاف الكدواني "عدد الأجانب المقيمين في مصر يتراوح بين ثلاثة ملايين إلى أربعة ملايين نسمة، وهذا القانون يعالج مشكلة وجود أجانب مقيمين يتمتعون بكافة حقوق المواطنين بما فيها الدعم الذي توفره الدولة".
لنقرأ
وعلق الفنان نبيل الحلفاوي، عبر حسابه الشخصي بموقع تويتر، على قانون منح الجنسية المصرية للأجانب الموجودين بمصر٬ قائلًا:" معظم من يدلون بدلوهم في موضوع الجنسية، لم يقرأوا قانون الجنسية الحالي، وغالبًا لا يعرفون بوجود قانون يتضمن شروط منحها أصلا".
وتابع قائلا: "ياريت نقرا الموجود ونقرا المقترح ونشوف هل التعديل أخل بالشروط والضمانات الضرورية أم لا، وهل ستباع بالوديعة فعلا، وعند توافر الشروط هل اكتسابها تلقائي أم يجوز".
تعديل
ورأى النائب حسين فايز أبو الوفا أن التجنيس قانون معمول به دوليا٬ وحتى "الوديعة" التي نص عليها القانون كثير من الدول تشترطها لمنح الجنسية٬ وقال: يشترط القانون الإقامة في مصر لمدة خمس سنوات قبل أو أثناء أو بعد الوديعة لتقرر بعد ذلك وزارة الداخلية والأمن الوطني منح الجنسية للمتقدم من عدمه٬ وهناك دول معادية لا يمكن منحها الجنسية المصرية بأي حال من الأحوال٬ وكذلك وفقا لقرار جامعة الدول العربية لا يتم منح الجنسية العربية لأي فلسطيني حفاظا على الهوية الفلسطينية وحق العودة.
وأوضح أبو الوفا أن الزيادة الكبيرة في أعداد المتقدمين لطلب الجنسية هو ما دفع البرلمان لتعديل القانون واشتراط الوديعة.
تسويق
وأضاف أبو الوفا: القانون ما هو إلا استكمال لقانون الاستثمار٬ كمسلك تكاملي بين قرارات مؤسسات الدولة٬ وأكد أن قانون الاستثمار قد تم تعديله والعمل به٬ ولكن هناك قصور في التسويق للقانون وامتيازاته٬ والمفترض أن تعمل سفاراتنا في الخارج على توضيح ونشر القانون باللغات الأجنبية وفي وسائل الإعلام المختلفة لتنمية وجذب الاستثمارات.
أما فيما يتعلق بالامتيازات التي سيحصل عليها المتقدم للحصول على الجنسية المصرية بعد تنازله عن جنسيته الأصلية – حيث لا يسمح القانون المصري بازدواج الجنسية- قال: إن الدولة بصدد إعداد كتيب تفصيلي لهذه الامتيازات لتوضيح الحقوق والواجبات للحاصل على الجنسية.
-------------
تحقيق- آمال رتيب