سيدة مصرية من طراز خاص، امرأة حديدية بمعنى الكلمة، انفصلت عن زوجها منذ سبعة أعوام بعد ان انجبت منه ولدين الأول يبلغ الآن من العمر 15 عاماً والثانى 13 عاما، ولا تملك شيئا من حطام الدنيا فلم تقف الحياة بالنسبة لها بالطلاق وإنما تجلدت بالصبر.
رفضت تماماً أن تمد يدها لغيرها بالرغم من حالة "الحوجة" التى كانت تعيشها ووسط هذه الظروف القاسية فكرت أن تعتمد على نفسها وتحفر بأظافرها صخور الحياة الصلبة.
تجاهلت النظرات القاسية من المجتمع وقررت أن تزاحم الرجال فى مهنة صعبة حيث قامت بشراء صندوق "ورنيش" وجلست فى الشوارع تمسح الأحذية وأصبح "ميدان الدقي" "مكان أكل عيشها" حيث تجلس فيه بجوار قهوة وتعتمد على زبائنها والمترددين عليها فى الحصول على "رزق أولادها".
التقينا بأم أحمد البالغة من العمر 45 عاماً، سيدة بسيطة تحمل ملامح المصريين البسطاء سمراء الملامح لا تفارق الابتسامة وجهها نهائياً وتتحدث بقوة مؤمنة بكل حرف تنطقه متفائلة دائماً ولديها أمل أكبر فى الغد.
تقول أم أحمد: "أصولى صعيدية وأتيت الى القاهرة مع زوجى وكما تعلمون أن عادتنا فى الصعيد حينما نصل إلى سن الزواج لا نتزوج من خارج العائلة، كان زوجى قريب لى، هو ابن عمى، وحينما اكتشفت انه يشرب "الخمر والحشيش" طلبت الطلاق خوفاً على مستقبل أولادى، وبعد ان تم الطلاق قررت أن أعتمد على نفسي حتى أقوم بالصرف على أولادى ولا أحتاج لأحد".
واضافت: اسكن فى شقه بالمنيب غرفتين وصاله بمبلغ 500 جنيه فى الشهر والدولة تصرف لى معاش المطلقات 400 جنيه ، مع العلم ان هذا الراتب لايكفي ايجار الشقة فقط.
وأستطردت قائلة : فى ظل ارتفاع الأسعار المستمر أصبحت أطعم أولادى بأعجوبة، حيث اننى كل يوم من الساعه السابعة صباحاً حتى الساعة التاسعة مساءً لا أحصل إلا على 30 جنيها، فكيف أطعم أولادى بهذا المبلغ، خاصةً وأن هناك أيام لم أحصل على أى شيء نهائياً.
وقالت أم أحمد: هناك سيدات كثيرة يأتين ويتحدثت معى لأنهن يردن منى أن أعمل فى شققهم، لكنى أرفض ذلك بشدة لأن الناس ليست سوية وأنا "مش وش بهدلة".
وأضافت هناك سيدة تأتى لى كل يوم وتقول كيف تعملى فى تلك المهنة وأنت مطمع للجميع، ألا تستحين من ذلك وتقول لى نصاً " وانت جالسة وتمسحي أحذية أمام الرجال فأنت بذلك مثل الزانية" وانا أرد عليها قائلة انا بمسح أحذية "علشان ممديش ايدي لحد من الناس وأشحذ".
وفى النهايةسألنا أم أحمد: لماذا ترفضين دائماً التحدث مع الصحفيين مع العلم انك مثال للمرأة المصرية الأصيلة؟؟ قالت لى لقد قمت بالتحدث معكم لأنكم وعدتونى انكم لن تزيفوا الحقيقة وستكتبون قصتى بكل مافيها، لكن بصراحة انا لا أحب الصحفيين نهائياً ، لأن كل مايريدونه هو عمل شو إعلامى فقط على حساب الناس الغلابة، لذلك لا أريد ولا أحب التحدث معهم نهائياً "لأنى لا أريد ان أري فى عيون الناس شفقة على حالى".
وفى النهاية تقول " الحمد لله انا احسن من ناس كتير وكل ما أطلبه من رئيس الجمهورية أنه يتقى ربنا فى شعبه لأن فى ناس غلابة كتير بتموت من الجوع يومياً.
----------
كانت بصحبتها: بسمة رمضان