د. محمود خلف: رجال حملوا أرواحهم على أكفهم ومن حقهم التقدير والتأمين
اللواء حمدي بخيت: ما أثير من لغط يستهدف ضرب علاقة الجيش بالشعب
محمد أنور السادات: ولماذا يشمل القادة فقط دون الضباط والأفراد .. ولا يشمل الشرطة؟
البرلمان الحالي هو أكثر البرلمانات إثارة للجدل وإصدار قوانين يشوبها الغموض في كثير من الأحيان كما يرى بعض المحللين٬ ولعل آخر هذه القوانين التي أثارت البلبلة لدى الرأي العام هو قانون قادة 3 يوليو 2013. فهو قانون يحصن بعض القيادات العسكرية السابقة ويمنحهم ميزات الوزير وحقوقه الكاملة كما يمنح رئيس الجمهورية حق إضافة أي مخصصات أخرى، إضافة إلى تحصين هؤلاء القادة من أي مساءلة قانونية عن أعمال قاموا بها خلال فترة تعطيل الدستور، ويقصد بها الفترة التي أعقبت 3 يوليو 2013، إضافة إلى تحصينهم على المستوى الدولي بمنح من يسافر منهم خارج البلاد حصانة دبلوماسية تماثل رئيس البعثة الدبلوماسية المصرية في الخارج.
القانون كان مفاجئا، ولم يسبقه أي إشارات أو نقاش أو حوار على أي مستوى سياسي أو برلماني أو حتى إعلامي، بل إنه ظهر فجأة وتم تمريره بسرعة البرق، وتقريبا لم يستغرق ظهوره والموافقة عليه أكثر من يومي عمل، وهو ما فتح الباب أمام تساؤلات عديدة عن أسباب ذلك، فماذا يعني هذا القانون٬ ولماذا هذه القيادات تحديدا٬ هذه التساؤلات وغيرها يجيب عنها المختصون في التحقيق التالي..
موافقة اللجان
بداية يوضح النائب أحمد همام أن البرلمان لا يقر القوانين لمجرد أنها مرسلة من مؤسسة الرئاسة أو مجلس الوزراء٬ وقال: القانون أثار اللغط لحداثته٬ وربما لعدم تفنيد بنوده وأسبابه للرأي العام٬ ولكن تم عرضه على "لجنة الدفاع والأمن القومي" اللجنة المختصة بالبرلمان٬ لمناقشته٬ ثم المجلس بشكل عام٬ ومن ثم تمت الموافقة والإعلان عنه.
ودافع عسكريون مصريون عن سلسلة الامتيازات التي منحها الرئيس السيسي لضباط المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والتي أثارت ردود فعل واعتراضات كبيرة داخل مصر وخارجها.وقال عدد منهم إن ما قام به الرئيس وأقره البرلمان أمر طبيعي وليس بجديد وفعله سابقا المجلس العسكري بعد تنحي حسني مبارك.
أوضح أحد الخبراء والقادة العسكريين – فضل عدم ذكر اسمه - أن القانون لا يمنح مميزات أو تمييزا٬ إنما هو استدعاء لبعض القيادات العسكرية التي قدمت الكثير في فترة من أهم فترات تاريخ مصر المعاصر خلال السنوات الأخيرة٬ سواء في مساندة شعب مصر في قراره بإنهاء حكم الإخوان واسترداد الهوية المصرية٬ أو في حرب مصر على الإرهاب٬ وهم عدد محدود من القيادات العسكرية التي كانت مكلفة في هذه الفترة٬ يشملهم القانون وفقا لرؤية مؤسسة الرئاسة٬ وكما هو متعارف عليه في اصدار القوانين لا يتم تحديد أعداد من يشملهم نص القانون.
استدعاء
وقال: القيادات التي يشملها القانون الذي أقره البرلمان مؤخرا هم قيادات 3 يوليو 2013٬ والاستدعاء كما هو متعارف عليه كـمصطلح عسكري هو شكل من أشكال الخدمة٬ وهو شكل قانوني لأداء مهام للوطن٬ وفقا لقوانين القوات المسلحة٬ فالقانون إذن شكل من أشكال الخدمة الوطنية للقيادات العسكرية٬ ويستتبعه بعض الامتيازات.
وأكد أن القوانين يفرزها وضع معين لظرف أو أحداث٬ ويتم مناقشتها من ممثلي الشعب في البرلمان٬ ويتم تغييرها أو تعديلها وفقا لما ترتئيه مؤسسات الدولة المعنية٬ فالقانون العسكري يسري على أي ضابط لا يزال في الخدمة"، لافتا إلى أنه "في إبان فترة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة الانتقالية أقر حالة استدعاء أي ضابط على المعاش إلى السلطة، ما يعني دخوله مرة أخرى تحت القانون العسكري، لكنه في حال بقائه على المعاش فهو تحت القانون المدني".
تأمين مستحق
ولفت اللواء الدكتور محمود خلف المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية إلى أن نص القانون يوضح من هم القادة الذين يشملهم القانون وأعدادهم٬ فهم قادة المجلس العسكري في تلك الفترة٬ وفلسفة القانون تكمن في تلك الرسالة المتبادلة بين الجيش والشعب٬ فثورة يناير التي حماها هم قادة وأفراد القوات المسلحة٬ وكل الأحداث التي تلت 2011٬ كذلك فترة تعطيل العمل بالدستور٬ فهؤلاء الرجال الذين حملوا أرواحهم على أكفهم من حقهم أن ينالوا التقدير اللائق٬ والمطلوب أيضا تأمينهم داخليا وخارجيا وهو ما نص عليه القانون في بنوده الثلاث.
وفند خلف المحاور الثلاثة للقانون بقوله: المعاملة الدبلوماسية هي لضمان عدم الملاحقة القانونية أو القضائية خارج الحدود المصرية لأي من شخصيات المجلس العسكري وقياداته في حال سفرهم إلى الخارج٬ خاصة مع القضايا التي يرفعها الإخوان في عدد من بلاد العالم انتقاما من القيادات٬ فالمكايدات على أشدها والعداوات قائمة خاصة من دولة قطر٬ ولا ندري مستقبلا ما الذي تخبئه الأقدار٬ فمن ضحى يستحق التقدير والتكريم٬ وضمان حياة آمنة لا أن يعاقب على واجب وطني أداه بكل أمانة٬ فهذا البند تحديدا إشارة لأبناء القوات المسلحة بالمضي قدما في كل ما يتعلق بمصلحة البلاد من قرارات حاسمة دون الخوف من انتقام أو ملاحقة.
وأضاف: كما أن يد الرئيس ليست مطلقة في تحديد الأسماء والشخصيات٬ ولكن المحددة أسماؤهم من قيادات المجلس العسكري حتى وإن لم يكونوا معروفين إعلاميا٬ أما معاملة الوزراء فهي ليست امتيازا مطلقا٬ فكم من وزير تم القبض عليه في إدانة جنائية٬ فالمقصود هنا شكل من أشكال الحصانة المحلية بعدم الملاحقة القانونية، طالما أن القائد العسكري المشمول بالقانون لم يرتكب جناية أو مدان في قضية٬ والبعد المادي هو ضمان لحياة كريمة لهؤلاء القادة٬ كما هو الحال مع الشهداء وأسرهم.
وكان السؤال للدكتور محمود خلف عن عدم شمولية القانون لرجال وقيادات الشرطة عن تلك الفترة٬ فقال: الشرطة قامت بدور عظيم لا شك فيه٬ ولكن الذين تحملوا استرداد الدولة من قبضة الإخوان٬ وتسليم لرئيس منتخب كان عمل القوات المسلحة ورجالاتها٬ كما أن رجال الشرطة غير ملاحقين خارجيا.
المغزى
وأكد اللواء دكتور حمدي بخيت الخبير العسكري أن القانون يشمل كبار قادة القوات المسلحة من رتبة لواء فما فوقها في الفترة المحددة زمنيا في القانون٬ وأوضح أن الأسباب التي دعت لإصدار القانون وتحديد المعنيين به زمانيا (قيادات3 يوليو 2013) بأنهم تحملوا مسؤوليات جسيمة٬ وقدموا تضحيات عظيمة٬ والمشهد بكل ما احتواه من أحداث يقول إن هؤلاء القادة قدموا لوطنهم الكثير لحمايته واسترداده٬ وكذلك في حربهم على الإرهاب. أما ما أثير حوله من لغط وتساؤلات فالهدف منها ضرب الجيش والشعب وزرع الفتنة فيما بين الشعب وقياداته العسكرية.
وأضاف بخيت: مغزى القانون لمن لم يفهمه هو "التكريم"٬ لقادة تحملوا ودافعوا عن وطنهم في وقت عصيب٬ وهناك قوانين أخرى صدرت في أوقات سابقة على النسق ذاته كشكل من أشكال تكريم قادة القوات المسلحة.
ومن الاقتراحات التي يقدمها أن يكون الإعلان عن أسماء من شملهم القانون من القيادات العسكرية داخل البرلمان.
قانون لماذا؟
وقدم النائب البرلماني محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية بيانا حوى عددا من التساؤلات، عن الأسباب الدافعة لهذا القانون، وهل هناك ما يقلق بشكل حال أو قريب فاستدعى أن يتم إنجاز قانون بهذا الشكل وتلك السرعة، وفي بيانه أكد السادات أن هذه التساؤلات التي يطرحها لا تحمل في داخلها أي نوع من التشكيك أو التقليل من الدورالعظيم الذي قامت به القوات المسلحة والشرطة ولا زالت في حماية أمن واستقرار الوطن. لكنها مجرد تساؤلات تستوجب التوضيح حتى لا ندع الرأي العام في حالة من البلبلة والشائعات.
وقد شملت التساؤلات تحديد هؤلاء القادة المقصودين، لأن القانون ترك المسالة فضفاضة، ويحدد الأسماء رئيس الجمهورية وحده، كما تساءل السادات عن سبب عدم شمولية القرار لصغار الضباط ممن شاركوا في الأحداث وكذلك ضباط الصف والجنود، لماذا اقتصر على بعض القادة فقط، وكذلك لماذا اقتصر على قادة الجيش ولم يشمل قادة وضباط الشرطة ممن شاركوا في الأحداث وهم أولى بالتحصين والحماية والتكريم، إن كان الأمر حسب ما قيل نوع من التكريم.
الناشطون
أما الناشط الحقوقي والسياسي المقيم في أمريكا مجدي خليل طرح عددا من التساؤلات عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل face book حول ما يعنيه القانون بحسب وجهة نظره فقال: يعنى أن 30يونية يختلف جذريا عن 3 يوليو، ولهذا تم إقرار القانون في 3يوليو.وأن هناك بشر عاديين وهناك ناس سوبر هم العسكر٬ وأن الإنسان المصري رخيص ومن ثم ارتكاب جريمة ضده لا يستحق المساءلة والعقاب٬ ويعنى أن هناك جرائم ارتكبت ويخشى العسكريون من التحقيق فيها مستقبلا٬ وأنه غير مسموح بأي ثورات أو انتفاضات أو احتجاجات، وأن التعامل مع ذلك سيكون دمويا. ويعنى بحسب رأيه أن العسكر أصبحوا فوق القانون، بما يشبه وضع حزب الله المسلح في لبنان.
وأنه غير مسموح لمرشح عسكري أن ينافس السيسي مستقبلا، وهذا معناه تخطيط السيسي للبقاء مدى الحياة. ويعنى أن تكون معنا فانت محصن من كافة الجوانب ومن كافة الجرائم. ويعنى أن مصر دولة محتلة، فالاحتلال إما خارجي عبر الاحتلال والاستعمار أو داخلي عبر الاستبداد والطغيان. ويعنى تحصين المحصن وإفساد الفاسد وتحويل الاستبداد إلى طغيان.
----------------
تحقيق- آمال رتيب