فى سابقة ليس لها مثيل، أعلن المذيع المصرى (أحمد موسى) أنّ الرئيس السيسى (زهق) من الكلام عن تجديد الخطاب الدينى، وهذا الكلام يؤكد أنّ الأزهرفشل فى هذه المهمة..وبالتالى فشل فى مواجهة الإرهاب..ولذلك أمرالرئيس بتشكيل "مجلس الدفاع الوطنى" لأنّ الأزهر"ما لوش وجود" بل إنّ من اغتالوا المستشارهشام بركات من خريجى الأزهر (قناة صدى البلد - 11يونيو2018)
هذا الإعلان عن وفاة الأزهر يستدعى الملاحظات التالية:
أولا: الذى أدلى بهذا الإعلان مذيع "حكومى" معروف عنه الدفاع عن سلطة الحكم، وبالتالى فإنّ كلامه يكتسب مصداقية توحى بأنه نطق بلسان الدولة.
ثانيـًـا: يؤكد ذلك ما قاله عن أنّ الرئيس السيسى (زهق) من الكلام عن "تجديد الخطاب الدينى"
ثالثــًـا: هل ما قاله هذا المذيع نوع من "تسريب المعلومات"؟ وما الجهة التى أمـدّته بها؟ وما الهدف من إعلان هذا الكلام على الهواء؟ ليسمعه الأمى والمتعلم؟ وما مغزى هذا التسريب؟ وهل نظام الحكم جاد فى محاربة الإرهاب؟
رابعـًـا: كيف سيـُـواجه مجلس الدفاع الوطني الإرهابيين الإسلاميين؟ ومن هم الأشخاص الذين سيشكلونه؟
أعتقد أنّ الجواب على هذه الأسئلة يحسمه "الخط العام لتوجهات المنظومة الثقافية والاجتماعية للدولة" وتفصيل ذلك على النحو التالى:
منذ أحداث الخانكة والزاوية الحمراء (فى السبعينيات) ثبت أنّ الإسلاميين الذين قتلوا الأبرياء كفــّـروا أبناء شعبنا، ولم يـُـفرّقوا بين المسيحيين والمسلمين، وثبت- من واقع اللقاءات التى تمّـتْ معهم ومع بعض شيوخ الأزهر الذين زاروهم فى السجون- ونشرتْ بعض الصحف الحوار الذى تـمّ بين الطرفيْن- فكانت النتيجة أنّ الإسلاميين القتلة كانوا: 1- يستشهدون بآيات من القرآن وبالأحاديث التى تؤكد حقهم فى قتل المُـخالفين لتطبيق الشريعة الإسلامية 2- أنّ الإسلاميين القتلة كانوا مسلحين بمعرفة معلوماتية مُـستمدة من كتب التراث العربى/ الإسلامى، ومن أمثلة ذلك أنهم ذكروا لشيوخ الأزهر حديث (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإنْ لم يستطع فبلسانه فإنْ لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان) فقال أحد الشيوخ: هذا حديث ضعيف العنعنة.. وقال آخر: هذا الحديث كانت له ظروف خاصة.. ولا يجوز تعميمه.. وقال شيخ ثالث: الإسلام دين الرحمة وقال الله لرسوله: وجادلهم بالتى هى أحسن.. فكان رد شباب المسلمين: 1- الحديث صحيح ومُـتفق عليه 2- الإسلام صالح لكل زمان ومكان 3- الحديث صريح فى أنّ تغيير المنكر يبدأ باليد..فهل أنتم يا شيوخ السلطة أعلم من رسول الله؟ وانتهى اللقاء بالفشل..وجاءتْ الأحداث - طوال السنوات التالية وحتى الآن- لتؤكد استمرار فشل الأزهر.
فهل مجلس الدفاع الوطنى الذى أمرالرئيس بتشكيله سيضم من بين أعضائه بعض العاملين بمؤسسة الأزهر أو الهيئات التابعة للأزهر؟ وهل سيضم دكاترة ورؤساء أقسام الشريعة الإسلامية بالجامعات؟ لوحدث هذا ستكون النتيجة- كما قال شعبنا فى أهازيجه البديعة ((كأنك يا بوزيد لارحت ولاجيت))
الفقرة السابقة يتولــّـد عنها- أوتوماتيكيـًـا- سؤال؟ هل سيضم المجلس الذى رآه رئيس الدولة، عناصرمن المصريين (المؤمنين) بآليات الدولة العصرية الحديثة؟ مع مراعاة أنها تأسّـستْ على 1- التعريف العلمى لمفهوم (المواطنة) الذى لايـُـفرّق بين أبناء الوطن على أساس الدين أوالمذهب..وأنّ المعيارهو (ماذا يعمل المواطن) وليس (بماذا يؤمن) 2- وفق هذا التعريف فإنّ الوظائف العامة- بما فيها منصب رئيس الدولة حق لأى مواطن بغض النظر عن ديانته أومذهبه (تجربة الهند نموذجـًـا)
فهل سيـُـوافق الرئيس على أنّ يكون تشكيل المجلس من المُـفكرين المصريين (المؤمنين) بالليبرالية "بحق وحقيق" وليس من الأدعياء؟ وهل ممكن أنْ يضم أسماء مثل الفقيه الدستوري محمد نور فرحات أو المفكر طارق حجى أو الباحث نادر فرجانى؟ على سبيل المثال (فقط) وهل سيُـسمح للمؤمنين بالفكر الليبرالى الظهور فى الفضائيات الحكومية، كما هو الحال مع الشيوخ من كل صنف ولون؟
وهل مجلس الدفاع الوطنى سيكون له تأثير ملموس فى تغيير (ثقافة المواطن) بهدف ترسيخ الحقيقة التى أكــّـدتها تجارب الأنظمة الليبرالية وهى أنّ الولاء للوطن يسبق الولاء للدين كما كتب خالد محمد خالد؟ (روزاليوسف30أكتوبر1951) فى حين أنّ مناهج التعليم السائدة- فى أغلبها- تضع الولاء للدين قبل الولاء للوطن، وعلى رأس هذه المناهج ما يـُـدرّس فى جامعة الأزهر وفى المعاهد الأزهرية.
لقد حرصتُ على قراءة الكتب المُـقرّرة على تلاميذ المعاهد الأزهرية.. واكتشفتُ أنّ تلك الكتب يُعاد طباعتها كل سنة كما هى دون أى تغيير.. وعلى سبيل المثال عندى فى مكتبتى الكتب المُـقرّرة على التلاميذ فى العام الدراسى 1997/98 والعام الدراسى2002/2003 والعام الدراسي 2006/2007 والعام الدراسى 2014/2015. دون أى تغيير.. ورغم أننى كتبتُ كثيرًا (فى بعض الصحف والمجلات) ملاحظاتى على تلك الكتب التى تــُـكرّس للتعصب المؤسس على الدين.. وتحتقرغير المسلمين، بل وتحتقر المرأة (المسلمة) ولكن المسئولين لم يهتموا.. وكان من بين تلك الدراسات دراستى فى مجلة إبداع شتاء وربيع 2008.
وفيما يلى بعض الأمثلة من كتاب (الإقناع فــــى حل ألفاظ أبى شجاع ) وهوشرح على متن فى الفقه على مذهب الإمام الشافعى.. ومـُـقرّرعلى طلبة الصف الأول والثانى والثالث الثانوى الأزهرى. الطبعات من العام الدراسى 97/1998 إلى طبعة 2014/2015.
فى ج2 "مبطلات الصلاة" ((تــُـكره الصلاة فى الأسواق وفـــى الحمام وفى المزبلة وفى الكنيسة وهى من أماكـن الكفر)) ثـمّ ذكر حديث ((لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) (الجزء الأول - ص232) وهذا التعليم يزرع فى عقول التلاميذ أنّ المصريين (المسيحيين) ليس لهم الحق فى موارد الوطن الطبيعية.. وليس لهم حق الإقامة فى مصر.. فيقول لهم((يُمنع الذمى من أخذ المعدن والركــــاز(= الموارد الطبيعية) بدارالإسلام.. كما يُمنع من الإحياء بها، لأنّ الدار للمسلمين وهو دخيل فيها))(ج1- ص355) وفى فصل بعنوان (الصدقات) يقول لهم المؤلف أنّ من بين المستحقين للصدقة الشخص الذى يقوم فى((سبيل الله تعالى وهوغاز ذكر.. متطوع بالجهاد.. فيُعطى ولو غنيًا، إعانة له على الغزو)) (ج1 ص364).
فهل يمكن تغيير مناهج التعليم لتعظيم الفكرالعقلانى والانتماء للوطن؟