08 - 05 - 2025

كفايه استفزاز يادكتورة!

كفايه استفزاز يادكتورة!

وسط ركام الزبالة المتناثر فى الطرقات ، وأصوات وأنين المرضى المنبعث من غرف الاستقبال والطوارئ، وهرولة الأهالى خارج جدران المستشفيات وكأنهم فى سباق ماراثون؛ باحثين عن القطن والشاش والسرنجات والدواء لذويهم القابعين فى غرف العمليات لإغاثتهم من موت محقق بعد أن انعدمت هذه المستلزمات الطبية بالمستشفيات؛ كنتيجة حتمية لتقليل الميزانية المخصصة لقطاع الصحة فى انتهاك واضح للدستور.

وسط كل هذه المشاهد المؤلمة التى تدمى القلوب اصطف الأطباء كالتلاميذ وهم يرددون النشيد الوطنى .. بلادى بلادى لك حبي وفؤادى ، ودموعهم تنهمر ليس من فرط تأثرهم بكلمات النشيد الذي كان فى يوم ما يهز وجدانهم ويلهب مشاعرهم وحماسهم، بل بسبب ماوصلوا إليه من تدنى واضمحلال فى مرافقهم الطبية، ومشاهدتهم لمئات المرضى وهم يتوجعون ويتألمون، وهم يشعرون بأنهم مكتوفى الأيدى لاحول لهم ولاقوة بسبب الحالة المتردية للمستشفياتآآ .

الأطباء يواجهون كل يوم معارك ضارية، وتصب عليهم اللعنات صبا من المرضى وذويهم، فهم الذين يوجدون فى الخط الامامى وليس القيادات الصحية الذين ينعمون بالغرف المكيفة ولا يغادرونها إلا فى جولات ميدانية طارئة برفقة مسؤول كبير مجبر على مرافقتهآآ .

وزيرة الصحة الجديدة الآتية من مستشفى سرطان الأطفال والمفروض أنها متحررة من كل قيود العمل الروتينى والحكومى العقيم، فاجأت الأطباء والمرضى والشعب بقرار هام وخطير سيقلب المنظومة الصحية فى مصر رأسا على عقب .. القرار الخطير ياسادة هو إجبار الأطباء على ترديد النشيد الوطنى يوميا لتعزيز الانتماء وبث الروح الوطنية فى نفوس الأطباء والمرضى.

ياست الدكتورة ..ياست هانم ..المشرحة مش ناقصة قتلى والمصريون ليسوا فى حاجة إلى مزيد من الاستفزاز.آآ 

كيف يتعزز الانتماء لدى الأطباء والمرضى، والمستشفيات كالمراحيض العامة تتناثر بها القمامة وتنعدم بها الخدمات الطبية الضرورية .. كيف يتعزز الانتماء ومئات المرضى يفترشون بلاط المستشفيات فى انتظار سرير يخلو إما بموت مريض أو بفراره من هذا الجحيم مؤثرا الموت فى بيته وبين أهله وناسه افضل له الف مرة من إهدار آدميته وكرامتهآآ .

يظهر أنه مفيش فايدة .. كنت أتوقع لدكتورة مثلك آتية من مرفق طبي حيوى هام (مستشفى سرطان الأطفال) تصل إجمالى تبرعاته سنويا لأكثر من مليار جنيه سنويا؛ أن توجهى دعوة وطنية لرجال الأعمال للمساهمة فى تطوير المستشفيات بعيدا عن جيب الحكومة وتشجيعهم على ذلك بإطلاق أسمائهم على المراكز الصحية والغرف التى يسهمون فى تأسيسهاآآ .

الوطن يادكتورة يعيش فى قلوب مواطنيه ويعشعش فى وجدانهم طالما يوفر للإنسان المصري حياة كريمة ويوفر له ابسط حقوقه الآدمية : العلاج والدواء.

الأطباء سوف يتعزز لديهم الانتماء بمساواتهم فى الرواتب بالموظفين أو العاملين ولن أقول المهندسين فى قطاعى البترول والكهرباء وغيرها من قطاعات الدولة المعروفة والتى تستأثر بنصيب الأسد من الرواتب، وكأن الأطباء الذين ذاقو المر فى سنوات تعليمية طويلة تتجاوز السبع سنوات هم من الطبقات الدنيا فى المجتمعآآ !!

الأطباء والمرضى على حد سواء سوف تجديهم ياست الدكتورة تلقائيا وبدون إجبار يرددون النشيد الوطنى حينما يجدون المستشفيات التى يعملون او يعالجون بها كمثيلاتها فى الدول الخليجية أو الأوربية والتى تبدو كفنادق خمس نجومآآ .

بلادى ..بلادى لك حبي وفؤادى..حينما يقولها كل مصرى بعيدا عن التملق والنفاق والمزايدات الوطنية ستكون مصر بخيرآآ ..

مقالات اخرى للكاتب

فتيات البحيرة واللغز المحير!