مارست وما زلت أمارس الطب في تخصص التخدير والرعاية المركزة، في مستشفيات بريطانيا وأمريكا والسويد وسويسرا والإمارات وهولندا والسعودية وأماكن اخري من العالم منذ ان غادرت مصر عام ١٩٧٠، طبيعه عملي تحتم وجودي في غرفه العمليات لمده ست ساعات كل يوم علي الأقل، أي أكثر من ستون الف ساعه عمل طوال ال ٤٨ سنه الماضية، اشتركت في كل العمليات الجراحيه التي تخطر والتي لا تخطر علي بال احد، وهذا يعطيني الحق والخبرة ان اتحدث عن العمليات الجراحيه بما لها وما عليها.
كل العمليات الجراحية مهما كانت وحتي البسيطة منها، ورغم التقدم الطبي والعلمي والتكنولوجي المذهل غير المسبوق، هذه العمليات مازالت تحمل شيئا من الخطورة، ومع ان الخطورة منها بسيطة للغاية، لا يصح لأي إنسان ان يقدم عليها الا للحاجة.
دعني هنا أذكر عمليه بعينها وهي عمليه الولادة القيصريه C. section، هذه العمليه بالذات تُمارس في مصر وبشكل واسع جدا، كأنها عمليه خلع ضرس مسوس، او أخذ شربه لعلاج الإسهال، وهي محببه جدا لدي الكثير من الزملاء أطباء النساء والولادة، لأن دخل ولادة القيصرية برقبه خمس ولادات مهبليه، خاصه أنها تأخذ من وقت الجراح ساعة واحدة علي الأكثر، كما يستطيع الطبيب المعالج تحديد موعد العملية لأن الولادة الطبيعية لا موعد لها وتحدث في غالب الأحيان بعد منتصف الليل، مما يجبر الطبيب المعالج في بعض الأحيان على السهر بجانب المريضة ٧ أو ٨ ساعات في عين العدو، و يجب علي الجميع أن يعلم أنه يجب إجراء هذه العملية وقت الحاجه فقط، مثل حدوث مشاكل في الولادة، عدم نزول الجنين بسهولة، نزوله بالمقعدة علي سبيل المثال، أو طول فترة الولادة، أو حدوث مشاكل علي الجنين يمكن أن تهدد حياته او تعرضها للخطر، أو مشاكل في المشيمة أو الحبل السري، أو ارتفاع ضغط دم الأم، وغيرها من المشاكل.
والكل يعلم أيضا التأثيرات السلبية من جراء هذه الولادة علي الجنين من صعوبة في التنفس، وعلي الأم من مشاكل التخدير وأولها الحساسية لأدويه التخدير وخلافه، أو النزيف، أو حدوث التهابات وتقيحات الجرح، أو إصابات مجري البول والمثانة، أو مشاكل في الرحم، أو التأثير علي الولادات اللاحقة، كما أن نسبة الوفاة منها أربعة أضعاف نسبة الوفاة من الولادة الطبيعية.
منظمة الصحة العالمية في تقريرها الأخير، وضعت مصر في مصاف الدول المتقدمة جدا في الترتيب في نسبة الولادة بهذه الطريقة، وترتيب مصر رقم ثلاثة بين ١٥٠ دولة، تسبقنا في هذه المصيبة دولة الدومينيكان بنسبه ٥٦٪، ودولة البرازيل بنسبة ٥٥٪، ثم تأتي مصر بنسبة ٥٢٪، وتلّي مصر تركيا بنسبة ٥٠٪، ثم ايران بنسبة ٤٨٪، ثم الصين بنسبة ٤٧٪، المكسيك بنسبة ٤٥٪، وشيلي بنسبة ٤٤٪، وأقل دول العالم وأحسنها في هذه الإحصائية هي فنلندا وأيسلندا والنرويج بنسبه ١٥٪ وهي النسبة المثلي التي وضعتها ألمنظمة، وبالمناسبة أنا وجدت أن أعلي نسبه عمليات قيصرية داخل مصر في بورسعيد بنسبه ٧٥٪، وأقل نسبة في سوهاج وهي ٢٥٪، ووجدت أيضا أن عمليات القيصرية بالنسبة للولادة الطبيعية في مصر كانت ٥٪ عام٩٢، و ٧٪ عام ٩٥، و١٠٪ في عام ٢٠٠٠، وازدادت إلي ٢٥٪ عام ٢٠٠٨.
سيدتي وتاج رأسي وزيرة الصحة في مصر
أنا أعلم تمام العلم مدي حرصك ومدي خوفك علي جيوب أطبائك، وهذا حقك، ولكن أرجو من سيادتك أن تخافي أيضا علي أرحام نسائنا.
------------
*رئيس اتحاد المصريين في أوروبا