08 - 05 - 2025

خواطر من ستوكهولم

خواطر من ستوكهولم

في طريقي إلى مدينة ميلانو توقفت ٤٨ ساعة في العاصمة السويدية ستوكهولم، رغبة في رد الزيارة لصديق محام مصري سويدي كان قد تفضل بزيارتي في اسطنبول من شهرين أو أكثر قليلا لكن للأسف كان خارج السويد فلم أتمكن من لقائه 

مشاهداتي لهذه المدينة إيجابية ومتفائلة بقدر من الغبطة ، وحرصت أن أقطع المدينة شمالا وجنوبا في الوقت القصير الذي قضيته بها وأن أتجول بها وسرت على أقدامي ساعات طوال.

فوجدت "بني آدم" الذي أناط الله إليه عمارة الأرض سهلا بسيطا متواضعا خدوما يقدم المعلومة برفق ويساعد بشهامة. 

"كالعادة" وجدت شوارع نظيفة، وطرقا ممهدة، وبنايات جميلة مرتبة وألوانها منسقة بدرجة ألوان مشتركة موحدة 

وتساءلت لم يبدو "الأسفلت" ناعما ممهدا سهلا لا تخترقه "حفرة" أو "بالوعة ذات غطاء يعلو الطريق" ؟! 

ولم تبدو وسائل مواصلاتهم نظيفة، وتبدو متاحة للمواطن مهما كانت درجة ثرائه أو حالته الاجتماعية؟ يحوز المواطن بطاقة ذكية او كارتا ممغنطا يشتريه هو صالح الاستعمال لكل وسائل المواصلات سواء اتوبيسا أو مترو أو ترام أو مترو بوص، تعبئه بقيمة مدفوعة مسبقا وكلما استهلكت ما به أعدت شحنه من جديد؟ 

ما الذي ينقصنا لنعامل من حكوماتنا بهذه الطريقة المتحضره؟ وما الذي ينقصنا كمواطنين لنحترم إشارة المرور؟ المشاة يحترمون الإشارة الحمراء فيتوقفون ولا يعبرون الطريق المخصص لهم؟ والسيارات بأنواعها تحترم المشاة فيتوقفون عند اصفرار إشارتهم؟ التزامات متبادلة لأنها صارت ثقافة شعوب . 

زرت مسجدين، مسجد بجوار الفندق الذي أقمت به وسط المدينة وصليت به، ثم زرت المسجد الكبير في ستوكهولم القديمة أمام كنيسة كبيرة تاريخية وصليت العصر به. 

لم لا يرتفع الآذان على المآذن هناك وفِي كل أوروبا بينما تدق أجراس الكنائس هناك وأيضا في كل بلادي العربية؟ 

المعاملات تتم بسهولة متناهية هناك وكما هي في تركيا وسائر المدن والبلدان الأوربية التي زرتها ببطاقة الصرافة الإليكترونية "الفيزا" دون حاجة لحمل النقود 

ليست هناك "مساومات أو مفاصلة" فالأسعار محددة بدقة وصرامة وفق قواعد العرض والطلب أيضا ثقافة شعب متصالح مع نفسه 

لاحظت ايضا أن "الدراجة" هي وسيلة مواصلات معتمدة ومهمة أقيمت لها حارات مخصصة في كل الطرق ولها مواقف مرخصة أمام المباني والميادين، يركبها الجميع بلا استثناء في بساطة وسهولة ويسر دونما مركبات نقص او حالات انتفاخ نفسية، وهي مشجعة على التريض والاهتمام بالصحة.

أما مساحات التريض والممشيات فحدث ولا حرج 

آه يا بلادي إلى متى ستستمر معاناتك ؟ 

نتغنى دائما أننا أصحاب حضارة سبعة آلاف عام!! وقد سبقنا الجميع بلا استثناء حتى أولئك الذين كانوا يمتطون الجمال إلى وقت قصير سبقونا في جميع المجالات "أخلاقيا" و"سلوكيا" و"رياضيا" المواطن والإدارة معا، على الأقل اجتماعيا بات المواطن العربي في الخليج يحترم قواعد المرور فلا يخترقها دون الحاجة إلى وجود الشرطي الرقيب 

إن بلدا مثل السويد لم يكن موجودا على الخريطة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، كيف ارتقى ووصل الى هذه الحالة النموذجية من الارتقاء والسلوك العام واحترام الانسان بوصفه "إنسان"، بينما نحن العرب أصحاب الحضارة والتاريخ المجيد لم نزل نقبع في سراديب الاستبداد والتخلف وتراجع الضمير الإنساني!! تنتشر الرشوة والمحسوبية والتراخي في أداء العمل بدون إتقان رغم أن الاسلام العظيم يحض على العدل والحريّة والمساواة واتقان العمل!! ولله في خلقه شئون!

مقالات اخرى للكاتب

خواطر من ستوكهولم