أثبتت تجارب الأنظمة التى تعتمد على قروض المؤسسات المالية العالمية، أنّ نتيجتها {حائط سد} إزاء أية تنمية اقتصادية حقيقية..وبالرغم من الدراسات والكتب العديدة التى حذرتْ من التعامل مع القروض الخارجية..فإنّ الأنظمة التى {أدمنتْ} القروض لم تتعلم الدرس..فهل شهادة أحد كبارموظفى صندوق النقد الدولى ستقنع النظام المصرى بالاعتماد على الذات بدلامن الاعتماد على القروض؟ مؤلف الكتاب {جون بركنز} بعنوان {اعترافات قرصان اقتصادى}
اعترف المؤلف بأنّ هدف المؤسسات المالية مثل صندوق النقد والبنك الدولى..خضوع الدول التى تتعامل معنا لمنظومة الشركات الأمريكية الكبرى..وأنه لضمان السداد فإننا نضع الكثيرمن الشروط..وعندما تعجزالدولة عن السداد نسلك سلوك المافيا مقابل الدين..كإنشاء قواعد عسكرية أوالهيمتة موارد الدولة..كما أننا نعتمد على {فصيلة الثعالب أى مافيا الاحتكارات من العاملين بالبزنس القذرين الذين لاغنى عنهم.. وضرب أمثلة عن الأنظمة التى تعرّضتْ لانهيار اقتصادها..مثلما حدث مع دولة الاكوادورالتى أغرقها صندوق النقد بالديون..فارتفعت نسبة البطالة من15% إلى70%وارتفع الدين العام من 240 مليون دولار إلى 16 ملياردولار.. وكانت النتيجة أنْ خصّـصتْ الاكوادور50% من ميزانيتها لسداد الديون..وأصبح الحل الوحيد أمامها هو بيع غاباتها إلى شركات البترول الأمريكية..وذكرأنّ الهدف هوالاستيلاء على مخزون غابات الأمازون من البترول، الذى يحتوى على احتياطى يـُـنافس بترول الشرق الأوسط..وذكرأنّ من بين كل مائة دولار من خام البترول فإنّ الشركات الأمريكية تحصل على 75 دولارًا..إلخ.
آ فإذا كانت أميركا هى أكبردولة مساهمة فى صندوق النقد..فهى المُـسيطرة على سياسته، وتكون النتيجة أنّ تبعية أية دولة لصندوق النهب الدولى، تعنى تبعية تلك الدولة للإدارة الأمريكية..فإذا كان الأمركذلك فهل يـُـمكن التحررمن تلك التبعية؟ وإذا كان أغلب المُـحللين الاقتصاديين (المصريين) يرون ضرورة الاستمرارفى سياسة الاعتماد على قروض صندوق النقد..وبالتالى فإنّ هؤلاء الاقتصاديين (المصريين) لايختلفون عن الحكومة ولايختلفون عن السياسة العامة للنظام فى متوالية الاستمرار فى التبعية للإدارة الأمريكية..فهل هذه التبعية أشبه بالقضاء والقدر؟ لا تحرر منها، وهل هى تبعية تدخل فى المجال الميتافيزيقى، الذى تتحكم في أقداره قوى عليا خرافية غيرمنظورة؟ الواقع أجاب أنّ أنظمة وطنية عديدة استطاعتْ التحررمن تلك التبعية..ورفضتْ الخضوع لأوامر صندوق النهب الدولى..كما فعلتْ بعض دول أميركا اللاتينية والصين والهند..إلخ..وتبعـًـا لذلك تمكــّـنتْ تلك الأنظمة من تحقيق التنمية الاقتصادية..وذلك من خلال الاعتماد على مجمل المُـكوّن الوطنى من موارد طبيعية..مع ترشيد الانفاق وتجفيف منابع الفساد..وتلك الخطوات (وهى على سبيل المثال) هى التى مكــّـنتْ تلك الأنظمة الوطنية من مقاومة مؤسسات النهب الدولى..ورفض التعامل معها، بينما النظام المصرى (ومنذ أكثرمن60سنة) يرفض اتخاذ نفس الخطوات، التى لايوجد أى بديل آخرغيرها،آ لتحقيق الاستقلال الوطنى الحقيقى.آ
فلماذا يرفض النظام الذى جاء إلى الحكم نتيجة انتفاضتيْن شعبيتيْن كبيرتيْن (يناير2011، يونيو2013) اتخاذ الخطوات التى اتخذتها بعض الأنظمة التى تحـدّتْ الإدارة الأمريكية عندما رفضتْ الخضوع والانصياع لأوامرصندوق النهب الدولى؟ خاصة وأنّ سر نجاح هاتيْن الانتفاضتيْن، دماء الآلاف من أبناء شعبنا البسطاء، الذين رفضوا سياسة مبارك (ومن سبقه) وهى السياسة التى كانت تــُـلبى أوامرصندوق النهب الدولى بالحرف..ومنها (تعويم الجنيه المصرى) وإلغاء الدعم عن التعليم والصحة والسلع الغذائية..إلخ وفى المقابل منح (المستثمرين) المزيد من المزايا..مثل الحصول على الطاقة بالسعرالمدعوم، ورفض تطبيق الضريبة التصاعدية على أرباحهم..ومنحهم أراضى الدولة بأسعار أقل من قيمتها السوقية وتقديم كافة الخدمات والاعفاء الضريبى والجمركى، ومنع القضاء المصرى من نظرأى نزاع بين المستثمروالحكومة المصرية، ويكون النزاع أمام القضاء الدولى (مشروع توشكى نموذجـًـا) فلماذا يستمرالنظام الحالى على نهج نظام مبارك ومن سبقوه؟
آ قبل يوليو 52 كانت نسبة مشاركة رأس المال الأجنبى لاتزيد عن49% وبعد سيطرة الضباطآ على الحكم صار51% للأجنبى و49%آ للمصرى. وعندما أراد عبد الناصر إعداد دراسة عن إصلاح الجهاز الإدارى، استدعى خبيريْن أمريكييْن، فأعدا تقريرًا بعنوان (الإسلام والحكم) جاء فيه ((إنّ الثقافة الإسلامية من أصلح الأسس للحكم الناجح فى العصرالحديث)) (د.سليمان الطماوى- ثورة يوليو52 بين ثورات العالم- دارالفكرالعربى- عام64- ص 161)آ
أعتقد أنّ خلاص مصرلن يكون إلاّ بوقف التعامل مع (صندوق النهب الدولى) ولوحدث هذا فإنّ الإدارة الأمريكية سترتعب من هذا القرار السيادى المصرى..وستصل الوفود الأمريكية خاضعة لشروطنا فنقول لهم: سنعيد العلاقات بعد تنفيذ مايلى 1- التوقف التام عن دعم الإسلاميين الإرهابيين ماديًا وإعلاميًا ومؤسسيًا 2- وقف المناورات العسكرية بين جيشنا وجيشكم إلى الأبد، فقد تبيّن أنّ الجيش الأمريكى هوالمستفيد..إلخ.
إنّ تحدى الإدارة الأمريكية ليس بمستحيل..خاصة ولدينا الكثيرمن أوراق الضغط. المهم أنْ ترتفع القيادة السياسية المصرية إلى مستوى الأنظمة التى تحدّتْ أميركا وعاملتها معاملة الند للند.آ آ
***