08 - 05 - 2025

 من يحكم مصر؟

 من يحكم مصر؟

قبل أقل من أسبوع، تحديدا يوم السبت 2 يونيه طرح الرئيس برنامجه للولاية الثانية، وذكر أنه بعد ما تم إنجازه على مستوى البنية التحتية لمصر؛ فإن بناء الإنسان على رأس أولوياته خلال المرحلة القادمة، وأن "التنمية السياسية" هدفه، لتضاف لما تحقق من تنمية اقتصادية؛ وأنه لن يستثني أحدا من المشاركة، فيما عدا مَّن اختار العنف والإرهاب والفكر المتطرف.

بعدها بثلاثة أيام؛ الثلاثاء 5 يونيه؛ كانت "الحركة المدنية الديمقراطية" تقيم إفطارا بالنادي السويسري، الحضور المحدود ضم عددا من وزراء سابقين وبرلمانيين وأعضاء مجالس ومؤسسات رسمية، ورؤساء أحزاب شرعية.

ومع آذان المغرب قام عدد من البلطجية بافتعال خناقة، ثم تعدوا على الموجودين وسبوهم وصرخوا عليهم "يا جواسيس يا خونة"، وطاردوهم لخارج النادي على هتاف "تحيا مصر"!

الحركة المدنية ليست ضمن القائمة المعلنة لأعداء النظام، فلا هم من الإخوان ولا 6إبريل ولا الاشتراكيين الثوريين، كما لا يمكن وصفها أو اتهامها بالتطرف أو التشدد على أي وجه، وبين أعضائها مَّن يتفهم بعض التضيق في ظل الأوضاع الراهنة، ولا يرون أو يريدون إلا العمل السياسي طريقا للتغيير.

تلقوا رسالة الرئيس كما جاءت في خطابه، وتفاءلوا بها واستعدوا ليكونوا جزءًا من النشاط المنتظر انطلاقه، ويساهموا في فتح نافذة تجدد هواء الغرف المؤصدة، تلمسوا الطريق عندما شعروا انفراجه وبوادر حراك سياسي قادم، وأن الجميع مدعو للمشاركة.

اختاروا منطقة شعبية بالقاهرة، دعوا شخصيات عامة بعضها قريب من السلطة، لم تكن هناك منصة ولا ميكروفونات أو كلمات تقلق الحكم وأجهزته، فقط وجدت موائد وكراسي ومدعوين وطعام، فقام البلطجية بقلب الموائد؛ وملاحقة المدعوين بالكراسي؛ وسكب الطعام على الأرض.

الإفطار كان خطوة تمد أيديهم لفتح مساحات وحوار، وكلهم بلا استثناء كانوا جزءا أساسيا في تحالف "30 يونيه"، ثم اختلفوا مع سياسات السيسي كما مع مبارك من قبل، ولم يثبت على أحد منهم تطرفا أو شططا في الخلاف، فكان رد النظام بلطجة وإفساد الإفطار وإصابات وخسائر مادية.

قد تعتبر الأجهزة الأمنية أنها نجحت، وأن رسالتها لمن حضر وصلت واضحة؛ بأنهم غير مرغوب في وجود أي منهم على الساحة، وأنهم ليسوا جزءا من المعارضة المطلوبة، لكن ألا يتعارض ذلك ويصطدم بما أكده السيسي ووعد به في خطابه!

فمن نصدق، كلام الرئيس أم فعل الأجهزة التابعة له! فهو لم يكن مضطرا لتحديد أولويات وبنود برنامجه، لقد قضى أربع سنوات لم يذكر فيها العمل السياسي إلا بسوء، وتم انتخابه بالفعل للولاية الثانية، وليس بحاجة لقول ما قاله، فهل رسالته لم تصل للأجهزة التي تدير الدولة بعد؛ أم أن لها رأيا أخر يخالف ما تم طرحه أمام البرلمان!

قد تختلف الأجهزة أمنية وعسكرية فيما بينها، قد يحدث ما يسمى "صراع الأجنحة"، أساسه الخلاف حول وسائل وطريقة تنفيذ الوعود الرئاسية، لكن قطعا لا يكون الخلاف على ما يتبناه أو يعلنه الرئيس من خطة عمل وأهداف.

وهنا تكمن خطورة واقعة "النادي السويسري"، فتصريحات السيسي جاءت في اتجاه؛ وفعل وسلوك الأجهزة في الاتجاه المخالف، وهو ما يفرض إشكالية لمَّن الكلمة العليا في الحكم؛ للرئيس أم لهذه الأجهزة، وبعبارة أخرى "مَّن يحكم مصر" الآن؟

وهو سؤال من المفيد؛ كما أنه من حق الجميع؛ أن يتعرف على إجابته.

مقالات اخرى للكاتب

حلمي الجزار وهيئة منير وصراع الإخوان.. الشرعية لمن!