08 - 05 - 2025

شبّاكنا ......ستايره حرير !

شبّاكنا ......ستايره حرير !

وقف الإذاعىُّ الكبير الراحل الأستاذ صبري سلامة محاضرا لنا نحن طلاب قسم الإذاعة والتليفزيون بإعلام القاهرة في مادة الإلقاء الإذاعي.

ولمن لايعرف قيمة وقدر صبري سلامه كغيره من فطاحل الإذاعيين الذين لم ينالوا حظا من الشهرة لوقوفهم أمام الميكروفون بعكس أقرانهم ممن عُرفوا لوقوفهم أمام الكاميرا ، لمن لا يعرفه أُحيله وأذكرّه بالسهرة الأدبية المبهجة ( قطوف الأدب من كلام العرب ) هو صاحب فكرته وأول مُعد ومقدم له مع القدير علي عيسي ، وكذلك برنامج ( ع الماشي ) من أروع البرامج في تاريخ الإذاعة رغم الخمس دقائق مدته والتي كان ينهيها بجملة : وغداً لقاءٌ جديد إن ( وقفة بسيطة ) شاء الله .وكأنما يوجه رسالة لطيفة ودعوة غير مباشرة لمن يكتبونها (إنشاء ) .

كان من حق الرجل أن نسهب في التقدمة ،لنعود إليه وهو يتحدث عن تطويع المذيع لصوته ،عُلوا وانخفاضا ، تفخيما وترقيقا ، حدةً وهدوءا ، بما يتناسب مع طبيعة المادة التي يذيعها ، فالطبقة والنغمة التي تُلقي بها نشرة الأخبار تختلف عن البرنامج الأدبي ، تختلف عن المادة الطريفة الخفيفة ، تختلف عن مقدمة لحفل أم كلثوم ...وهكذا .

وفجأة ابتسم وقال ( وإلا سندخل في مدرسة شباكنا ستايره حرير ) ، فضج المدرج الصغير بالضحك ، وبعد إلحاح منا فسر لنا بقوله : في مطلع الخمسينيات وبعد بدء بث صوت العرب سنة 53 ، كانت لسان حال القومية العربية ، والوطن العربي الواحد ، حُلم عبد الناصر رحمه الله. كان المذيع أحمد سعيد أشهر مذيعيها وتولي رئاستها لما يقرب من 12 عاما حتي استقال عقب نكسة يونيو 67 .

كان أداء أحمد سعيد ، بل كان نهج صوت العرب كلها سياسة الصوت العالي والأسلوب الخطابي .

وضرب صبري مثلا لذلك حين يقول أحمد سعيد بصوته العميق الفخم ( صوتُ العرب من القاهرة ..إليكم نشرة الأخبار ) ...وبنفس الأداء والطبقة ( صوت العرب من القاهرة إليكم تعليق صوت العرب علي الأخبار ) ...ثم بنفس القوة والأداء الخطابي ( قدمنا لكم تعليق صوت العرب علي الأخبار ....صوت العرب من القاهرة ....شباكنا ستايره حرير ...مع شادية)

قبل يومين وفي الخامس من يونيو 2018 تُوفي أحمد سعيد عن عمر يناهز 93 عاما ،ويالها من مفارقة عجيبة !! وقبيل وفاته بسنوات أجرت BBC حوارا معه أبرز ماقاله فيه إن بداية انكسار عبد الناصر فض الوحدة مع سورية ، وإنه - أحمد سعيد - كان معذورا في بث أخبار لا يتسني له التأكد من صحتها ، وأن سبب الهزيمة أن الشعب لم يكن يشارك في الحكم.

رحم الله الإذاعي القدير أحمد سعيد ، وغفر له ماقد سلف ، ورحم الله العملاق صبري سلامة ، وطيب ثرى قاماتٍ شامخة في الفن والإعلام والأدب والثقافة والطب والعلوم ، رحلوا وتركوا لنا إعلام وثقافة ( هللا هللا ع الفانللا )

مقالات اخرى للكاتب

شبّاكنا ......ستايره حرير !