الفائز بجائزتي البوكر وكتارا للرواية العربية؛ والذي كُتب عنه 30 كتابا وأطروحة ماجيستير ودكتوراة:
كل الثورات عادلة طالما قامت بها شعوب تطالب بالحرية والحياة والكرامة
سلاحنا الأدب والفن،والذاكرة الفلسطينية تزداد توهجاً، والبندقية غير المثقفة لا تجديآ نفعا
ساعة يكون الإبداع سلاحاً؛ له يعكف الأديب ويتحول -راضياً- لباحث طيلة7 سنوات قبل أن يخط عمله الإبداعي لأن خصوصية وطنه لا تسمح له بالخطأ في تاريخه؛ وحين يُمنع ديوانه مرتين بعد سنوات من صدوره؛ ووقت تُترجم أعماله لأربع لغات؛ ويتم اختيار كتاباته -من الغرب- ضمن أفضل عشرة كتب قدمت الوطن العربي بصورة مختلفة عما يقدمه الإعلام الصهيوني العالمي؛ وعندما يفوز بأهم جوائز الرواية العربية؛ وتُرشح روايته لتصبح فيلماً عالمياً؛ وتنتشر أغانيه لدرجه يحسبها البعض أنها تراثية؛فحتماً يكون الحوار مع أحد أهم الأدباء الفلسطينيين؛ وأكثر الكُتَّاب تأثيراً وانتشاراً خاصة في أوساطالشباب؛ سيّما وأن كتاباته يتداخل فيها البعد الإنساني والوطني والكوني بصورة عميقة؛ حتى الطفل كان له نصيباً من إبداعاته؛ حتما نكون فب حضرةالأديب؛ والشاعر؛ والروائي؛والقاص؛والناقد الأدبي والسينمائي إبراهيم نصر الله،الذي اصطحب سلاح الكلمة؛ مدوناً إياها في 14 رواية، و 14 ديواناً شعرياً،و50 أغنية، وعدد من الكتب النقدية، فحصد 9 جوائز، وأكثر من 30 كتاباً وأطروحة ماجيستير ودكتوراه كُتبت عنه.
وُلد أديبنا بالأردن من أبوين فلسطينيين هُجِّرا قسراً وعنوة عام 1948 من بلدتهما "البريج" غرب القدس، عمل مُعلماً ثم صحفياً فمستشاراً ثقافياً، بعدهاتفرغ للكتابة مذ العام 2006، ليقضي على توتره الداخلي الدائم؛موقناً أن فلسطين وحدها هاجسه ومبدأه ومنتهاه،عانى من الشتات ومن ظلم قضيته؛ ومن البؤس الإنساني؛ والتوحش الدولي الذي نحياه جميعا، ومعه عانت بعض مؤلفاته، فقد تم منع ديوانه الشديد التركيز على الإنسانية: "أناشيد الصباح" في الأردن بعد 14 عاماً من نشره، وبعد التراجع عن القرار عاد المنع ثانية لنفس الديوان بعد 23 عاماً من صدوره! وتم تحويله للمحاكمة لولا حملة تضامن واسعة حالت دون المُضي في القضية.
"المشهد"آ تحاوره؛ وتلقي الضوء على تنوع إبداعاته، وسبب تأثيره في الشباب والروح والهوية الفلسطينينة حتى وصل للعالمية.
مُنِع ديوانك "أناشيد الصباح" مرتين، فماذا عن بقية قطار إبداعاتك؟آآ *آآ
-يبتسم قليلاً قائلاً: الحياة ياسيدتي محطات مِن الأسى والسعادة، فروايتي "براري الحمى" تم اختيارها كواحدة من خمس روايات ترجمت للدنماركية بعد صدورها بـ 26 سنة، حيث اختارتها صحيفة الجارديان البريطانية كواحدة ضمن عشر روايات كتبت عن العالم العربي وقدمته في صورة غير تلك النمطية المزيفة التي يتقنها الإعلام الصهيوني ويروجها.
وهذا العام فازت روايتي "حرب الكلب الثانية" بجائزة البوكر للرواية العربية من بين 124 رواية تم ترشيحها، وتلقيتُ عرضاً لتحويلها لفيلم عالمي، كما فازت روايتي "أرواح كليمنجارو" في العام 2016 بجائزة "كتارا" للرواية العربية، وإجمالاً نلتُ 9 جوائز منها كذلك في مجال الشعر؛ كجائزة سلطان العويس، وجائزة عرارالشعرية، كما تُرجمت بعض رواياتي للإنجليزية والإيطالية والتركية، ووصلت روايتي "زمن الخيول البيضاء" للقائمة القصيرة لجائزة البوكر عام 2009.
إنقاذ الذاكرة الفلسطينية هاجسك الأول؛ فما الذي تفعله لأجلها؟آآ *آآ
-أكتب حالياً "الملهاة الفلسطينية"؛ وهي ملحمة روائية درامية وتاريخية، عبارة عن 7 روايات تغطي نحو 250 عاماً من تاريخ فلسطين الحديث، وأحضِّر لعمل ثلاثية اٌعد لها مذ العام 1990 وهي بمثابة صورة واسعة للحياة المدنية الفلسطينينة إنسانياً وثقافياً ووطنياً خلال سبعين سنة من دخول الإنجليز لفلسطين، والحرب العالمية الأولى، وصولاً للعام 1991، مع تركيز خاص على المسيحيين الفلسطينيين ودورهم الثقافي والوطني، والروايات الثلاث متصلة منفصلة، بمعنى أنه يمكن قراءة كل رواية مستقلة عن الأخرى، ويمكن قراءتها متصلة لاستكمال الصورة، أكتب عن بلدة "بيت ساحور" وانتفاضتها الأولى، وعن أول مصورة فوتوغرافيا فلسطينية مسيحية، وعن امرأة فلسطينينة طُردتْ من قريتها وتتقاطع حياتها بشكل تراجيدي في محطات رئيسية للقضية الفلسطينينة مع حياة ضابط في الجيش الإسرائيلي.. فالذاكرة ياسيدتي لن تُباد، تبقى متوهجة وتزداد توهجاً يوماً بعد يوم، فالوعي بالقضية ينتشر في ذهن الشباب، فلم تعد محبتهم لفلسطين فطرية فقط بل اقترنت بالوعي.
* تعْبُر بالقارئ عبر الأمكنة والأزمنة في فلسطين تأريخاً وإبداعاً؛ رغم أنك لم تزرها وقد ولدتَ بالشتات، فكيف امتلكت أدواتك في السرد والحكي حتى صدقك القارئ أنك ترى فلسطين رأْي العَين؟
- فلسطين أراها في عيون الأهل؛ والأقارب؛ والأجداد؛ وبطون الكتب؛ والعادات والتقاليد؛ وسماع شهادات الأصدقاء؛ وإعادة قراءة كتب التاريخ والرحالة، نوافذ كثيرة نطل منها عليها، ومع ذلك فقد زرت عكا والناصرة والجليل،وحينما كنت أكتب رواية "قناديل ملك الجليل" تناولت فيها فترة امتدت لنحو 85 عاماً من القرن الـ 18؛ وهي فترة شبه مجهولة، حيث المحاولات الجادة الناجحة لإقامة دولة فلسطينينة على يد "ظهر العمر"، دولة كانت أفضل بكثير مما نحن عليه الآن، وحين كتبت عُدت للكثير من المراجع، وعملت بحثاً علمياً إنسانياً؛ لأنه غير مسموح بأي خطأ تاريخي.
* يستطيع الكاتب إذن أن يُحدث تغييراً، أو على الأقل تاثيراً ما، أليس كذلك؟
-الأدب والفن والسينما والمسرح والشعر والأغنية كلها أدوات مؤثرة، وبتراكم التأثير يحدث التغيير، ولا نستطيع أن ننكر أن شِعر المقاومة وكتابات "غسان كنفاني" كانا لهما بالغ الأثر في بناء الروح والهوية الفلسطينية، وبالمناسبة؛ فقد كتبتُ الأغنية السياسية بسبب اهتمامي بالموسيقى؛ ولكنّي لم أواصل تعلُّمها؛ فعوضتُ ذلك بكتابة نحو 50 أغنية على مدى 30 عاماً لفرقة "بلدنا"، وما أسعدني حقاً أن بعض الأغنيات اعتبرها البعض تراثية لشدة التصاقها بأرواح الناس
الصهيونية تملك الإعلام والصحف والتاثير على السياسيين بل وإرعابهم، فماذا تملكون؟آآ *آآ
- لدينا المنطقة الإنسانية، أي الشعوب والضمير الإنساني، جسر بيننا وبين قلب الإنسان لابد أن نمشيه، ودائماً أقول أن البندقية غير المثقفة ليست نافعة، نحتاج لتربية الإنسان وتثقيفه بسلاح الأدب والفن، وكلما كسبنا إنساناً واحداً لقضيتنا عُدَّ ذلك مكسب وانتصار، الثقافة تغير نظرة العالم للقضية الفلسطينية؛ سيما بعد سرقة الثورات العربية،ففي نظري كل الثورات عادلة طالما قامت بها شعوب تطالب بالحرية والحياة والكرامة، سُرقت الثورات كما سُّرقت الانتفاضة الفلسطينية سياسياً، وكل ذلك أثَّر بالسلب على القضية الفلسطينينة، إضافة للعلاقات الحميمية التي أصبحت تتم على قدم وساق بين عدونا الصهيوني والدول العربية، كل ذلك يجعلنا نلقي بثقلنا على الضمير الإنساني للشعوب لا للحكام، إلى أن تأتينا قيادات تليق بنضالنا، ولو كنا بالداخل الفلسطيني نناضل وفق برنامج واضح ما كانلأي دولة الحق في أن تؤثر فيناأوتُملي علينا شروطها، فوقتها سنستعصم بقوة سلاح الأدب والمقاطعة والنضال، أما الوضع الحالي فيؤخر عودة فلسطين وعودتنا أكثر مما يؤخرنا الجيش الإسرائيلي.
* كتبتَ الرواية الفانتازية والتاريخية والغرائيبية والمقلوبة -أي نقل الماضي للمستقبل-؛ فماذا عن روايتك "حرب الكلب الثانية" الفائزة بالبوكر لهذا العام؟ وماذا عن الرواية الفلسطينية عموماً؟
- "حرب الكلب الثانية" رواية معنية بفساد البشر، فعندما يفسد الناس تفسد السلطة والعكس صحيح، بأسلوب فنتازي استخدمتُ الخيال العلمي؛ مستشرفاً المستقبل في فضح الواقع وتشوهات المجتمع، مركزاً على فساد الشخصية الرئيسة للرواية وتحولها بين واقعين مختلفين، من مُعارض إلى متطرف فاسد، كاشفاً عن التوحش الدولي، وبُعد البشر عن القيم الخلقية والإنسانية حتى غدا كل شيءمباحاً لدرجة المتاجرة بمصير الناس وأرواحهم، والرواية تدور في المستقبل وتحذر منه، وقد أقلقتني هذه الرواية مدة سبع سنوات قبل كتابتها، وعادة لا أكتب أي رواية قبل التفكير فيها والتحضير لها على الأقل مدة خمس سنوات.
أما الرواية الفلسطينية؛ فقد حققت في السنوات العشر الأخيرة نهضة مهمة، فرغم ظروف الحصار والحرب فإن شعبنا غير قابل للذوبان ولا يمكن افقاره.. لأنه حيٌّ،وفي جنازة شهدائنا نزغرد كي نسلب عدونا فرحته بهزيمتنا، وإن كنّا بعد تحرر فلسطين سنجهش بالبكاء كثيراً، ونحن في انتظار هذا الإجهاش الجميل.
آ
آآ
آآ