24 - 04 - 2024

صلاح / ميسّي / ثقافة المستنقعات

صلاح / ميسّي / ثقافة المستنقعات

..................

بلد الحضارة والعظمة والمجد والتاريخ والعلم والمدنية، كلها صفات وأكثر يمكن لأي إنسان في أي بقعة من بقاع الأرض أن يذكرها لمصر، هذا لا خلاف عليه على الإطلاق، فمصر قدمت وتقدّم على مر التاريخ في كل المجالات شأنها شأن أي دولة صاحبة حضارة عظيمة، وعقول بنّاءة وسواعد من فولاذ.. هذه مصر والكل يعترف ويشهد لها بهذا، إلا الجاحد أو الطحلب أو الطفيلي، ولا عجب أن يوجد في مثل هذه الدول العريقة إلى جانب عراقتها وثقافتها وعقليتها المستنيرة مستنقعات وآبار عفنة وتربة صالحة لنمو الطفيليات والطحالب، هذا أمر عادي جدًّا وإن كان خاطئًا ويجب العمل على إزالته التي تحتاج إلى وقت وجهد، وعادي أيضًا أن نكون على يقين تام بأن هذه الكائنات السامة لا تدين إلا بدين المستنقعات التي خرجت منها، لذلك فهي دائمًا تخلص لدينها... ودائمًا ما تسعى لتشويه كلّ جميل في هذه البلاد التي لا غبار عليه... عائلها أو وسيطها هو السباب والكراهية وتصدير اليأس المستمر للساعين إلى الشمس...

فمثلاً في صراع محمد صلاح هذا الأمل الذي فجّر بداخلنا حب إثبات الذات والتمسك بكل جميل والسعي بكل ما نملك من طاقة للبحث عن أنفسنا وسط هذا الركام الضخم من الكائنات.. في صراع هذا الفتى المصري مع ميسي الأرجنتيني على الأفضل هناك في أوربا، تشغلنا أو بالتحديد تشغلهم هنا ذقن صلاح وحجاب زوجة صلاح وزيادة شعر الشارب عند صلاح عن المعدل المطلوب في دوري الأبطال.. وطريقة صلاح في السجود على بساط أوربا الأخضر... وهل هذا السجود في اتجاه الكعبة أم في اتجاه نجريج قريته البسيطة التابعة لمركز بسيون.. وتشغلهم أيضًا إمكانية السجود دون وضوء.. وهل يصح سجوده بالشورت..  والفارق بين صلاح ونجيب محفوظ.. ومدلول الحركة التي يحتفل بها صلاح بأهدافه... ودعوات أم صلاح التي ينتصر بها على فرق إنجلترا بين الواقع والمتخيل.. وعلاقة صلاح بالشيخ الشعراوي.. وكثافة حواجب صلاح الإرهابية.. وعلم الصهاينة الذي يظهر في خلفية إحدى اللقطات في إحدى المباريات خلف صلاح وهو يجري بالكرة، ولا نسأل أنفسنا من التقط هذه الصورة ولماذا يصدرها بهذا الشكل... هل صلاح صاحب هذه الأخلاق الحميدة، هذا المصري حتى النخاع يجوز تشويهه هكذا؟ ومن يسمح بكل هذه المهازل؟
تشغلنا هذه الخناجر القاتلة طوال الوقت وكأن الغباء أصبح منهجًا يحكم خط سير مجتمع كهذا...  وأقول تشغلنا هنا لأن الطحالب والطفيليات أبناء مستنقعاتنا هم من يفعلون هذه الأفعال المشينة مع هذه الروائع البشرية فتعمّ السيئة على الجميع..
الطحالب والطفيليات ونحن قتلة.. نجيد قتل الساعين إلى النجاح بدم بارد على الأقل بصمتنا، ونتباكى بعد موتهم وقلوبنا مليئة بزهو النصر لأن معظمنا يصدّق على أقوال هذه الأشياء دون دراية وبلا تروٍ..
معركة صلاح في أوربا الآن هي نفسها معركة كل مصري يسعى للهروب من شرك الفشل الذي ينصبه الصهاينة لنا في كل مكان...  وهذا هو الآخر لا خلاف عليه، الشرك الذي ينصب لكل مصري ناجح بالخارج من قبل هذا الكيان واضح وضوح الشمس.. ولا ينكره إلا أعمى بصر وبصيرة أو مأجور..
وأقول لهؤلاء جميعًا بالبلدي كده: بقى إيه المانع يكون عندنا بدل نجيب محفوظ واحد ألف نجيب محفوظ في كل مجال؟
بطلوا فقر.. وسيبوا صلاح واللي زيه ينجحوا يمكن الأجيال اللي جايه تحاول تمشي على خطاه بدل ما تمشي على خطى هذه الكائنات الحقيرة الضارة وأمثالهم..

الغريب إن العقلية اللي بتشوه محمد صلاح دلوقت هي نفسها العقلية اللي بتدير معظم المؤسسات اللي من شأنها تنمية المواهب ورعايتهم...
ثقافة التشويه عندنا مرتبطة بحالة السعار اللي المجتمع بيعيشها وبسببها ما حدش بقى عنده استعداد يستوعب نجاح حد في أي مجال.. إحنا كائنات بتاكل لحم بعضها.. ولذلك محمد صلاح واللي زيه في كل المجالات كل ما زاد نجاحهم كل ما اشتدت الحرب عليهم..
ثقافة الزومبي سيطرت وتغلغلت وستستمر.. ستستمر.. ستستمر..
وربنا يستر على بلد مثقفها عايز يبقى إعلامي ومهندسها نفسه يبقى دكتور أمراض نسا.. وطبيبها خريج جامعة خاصة... ومعظم الناس فيها بقت مستكترة ضحكة الرضا اللي على وش بنت نايمة تحت كوبري وراضية وحامدة ربنا على نعمة الحياة
محمد صلاح في الرياضة وفي الفن وفي الثقافة وفي العلم وفي الأدب وفي كل المجالات محتاج ناس تآمن بالأرزاق والنصيب وبالفروق الفردية وبالقضاء والقدر.. مش محتاج زومبي..  دا لو كنا عايزين ننجح ببعض مش نقضي على بعض...

في كل الحالات أرجو من الجميع أن يتركوا صلاح وشأنه وأن يعودوا إلى مقاعدهم لمتابعة رحلة صعود هذا النجم بدلا من المشاركة في كسر عموده الفقري الذي لن ينكسر..  هذه النماذج صلبة وكسرها مستحيل فاستريحوا على أرائك مستنقعاتكم واخرسوا ذلك أفضل للجميع..
 






اعلان