04 - 06 - 2025

"حرب الكلب الثانية" للكاتب إبراهيم نصر الله تفوز بجائزة البوكر

مفارقات ودماء شابَّة واستياء يصاحب جائزة البوكر التي تخلصت من "الرواية البدينة"

أعلنت لجنة تحكيم جائزة البوكر العربية على لسان إبراهيم السعافين رئيس لجنة التحكيم فوز رواية الكلب الثانية للكاتب إبراهيم نصر الله في عامها الحادي عشر؛ وذلك عشية افتتاح معرض أبوظبي الدولي للكتاب ، تم اعلان الفائز في عرس ثقافي مهيب بفندق "فيرمونت" بالعاصمة الإماراتية أبوظبي؛ وسط حضور باذخ للكُتَّاب السِّتة الذين ترشَّحت رواياتهم للقائمة القصيرة، وحشد هائل من الإعلاميين ووكالات الأنباء العربية والعالمية والأدباء والمثقفين والمهتمين بذلك الحدث الثقافي الهام الذي ترعاه وتموله دولة الإمارات.

تدور الرواية الفائزة حول تحوّلات المجتمع والواقع بأسلوب فانتازي، بالتركيز على فساد الشخصية الرئيسيّة وتحولاتها بين موقعين مختلفين، من معارض إلى متطرف فاسد. كما تسلط الرواية الضوء على نزعة التوحّش، تلك النزعة المادية البعيدة عن القيم الأخلاقية والإنسانية

وكانت جائزة البوكر لهذاالعام قد أثارت لغطاً كبيراً ومفارقاتٍ لم تعهدها من قبل، فقد شهدت الجائزة -لأول مرة- خلو القائمة القصيرة من الروايات المصرية، وكان خروج أحمد عبد اللطيف ورشا العدلي قد سبَّبا قلقاً وتساؤلاتٍ واستياءً على الساحة الثقافية المصرية، كما اتجهت الجائزة بوضوح لافت لقيمة الراوية لا لحجمها؛ فقد لوحظ أن الروايات المرشَّحة للقائمة القصيرة كانت صفحاتها في حدود المائتي صفحة أو تزيد قليلاً؛ عكس ما اعتدناه في الروايات بالأعوام السابقة؛والتي كانت تصل لنحو 500 صفحة من القطع الكبير، وبذلك تم القضاء على مصطلح " الرواية البدينة" على حد تعبير د.سعيد يقطين الناقد المغربي.

كما شهدت الجائزة إدراج دماء جديدة شابة؛ تكتب لأول مرة؛ كالعراقية "شهد الراوي" والتي أعلنت أن كتابتها باللغة العامية في روايتها فتحٌ جديد للغة العربية؛ مما أثار استياء العديد من المهتمين بالساحة الثقافية؛ بينما اعتبرها البعض واقعية تتماهى مع احداث الرواية؛ وكذا الشاب السعودي "عزيز محمد" وهو المؤلف الوحيد التي تناولت روايته قصة اجتماعية لمريض بالسرطان بأسلوب ساخر؛ بينما تبنَّت باقي الروايات المنحى السياسي، أما السورية "ديمة ونوس" فكانت روايتها هي الثانية والتي ركزت فيها على "الخوف المشترك" بسوريا بديلاً عن المصطلح الشائع " العَيش المشترك"، تناولت فيها العلاقة المتأزمة بين النظام الحاكم بسوريا والشعب على حد تعبيرها، وقد حرصت على ألا تتناول مضمون مؤلفها في لقاءاتها الأدبية؛لأنها تغوص في الحالة السياسية السورية؛ تاركة للقارئ حرية قراءتها.

كما صادف التصعيد لهذه الدورة للمرة الثانية كل من السوداني "أمير سر التاج" والذي سبق ترشحه من قبل عام 2011 بروايته "صائد اليرقات"، كذلك الفلسطيني الأردني "إبراهيم نصر الله" الذي سبق ترشحه أيضا في العام 2009 بروايته "زمن الخيول البيضاء"، ولأول مرة تقرر أن يقوم الفائز بالمشاركة في افتتاح فعاليات معرض أبو ظبي الدولي للكتاب غداً الأربعاء، وسيتم استضافته وباقي أعضاء القائمة القصيرة في العديد من الندوات والفاعليات الثقافية داخل المعرض وخارجه.

وجدير بالذكر أن جائزة البوكر السنوية للرواية العربية هي النسخة العربية من جائزة البوكر العالمية البريطانية، والتي دُشنت فعالياتها مذ العام 1968 بلندن، وهي الجائزة التي تتغير لجنة تحكيمها كل سنة بغية الحفاظ على مصداقيتها ومستواها الرفيع؛ وهي تختص بمجال الإبداع الروائي باللغة العربية، وتدعمها مالياً دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي مذ نشاتها بالعام 2007، وتستحق كل رواية بلغت القائمة القصيرة 10 آلاف دولار، فيما تحصل الرواية الفائزة أيضا على 50 الف دولار، إضافة إلى ترجمتها للغة الإنجليزية.

وكانت الجائزة قد استقبلت 124 رواية؛ يأتي كُتابها من 14 دولة عربية، وكما أعلنت "فلورمو نتنارو" منسقة الجائزة فقد تم ترشيح 34 رواية لمؤلفين مصريين؛ أي مايعادل 27 بالمائة، ثم جاءت 12 رواية من سوريا، و11 من العراق، وبلغ عدد الكاتبات 30 كاتبة أي ما يعادل 24 بالمائة من المشاركين، بزيادة عن العام الماضي قدرها 4 بالمائة.

وقد ضمت القائمة القصيرة 6 روايات من العراق "ساعة بغداد" للكاتبة شهد الراوي، ومن سوريا "الخائفون" للكاتبة ديمة ونوس، ومن السودان "زهور تأكلها النار" للكاتب أمين تاج السر، ومن فلسطين "وارث الشواهد" للكاتب وليد الشرفا، ومن الأردن "حرب الكلب الثانية" للكاتب الأردني الفلسطيني الأصل إبراهيم نصر الله، ومن السعودية "الحالة الحرجة للمدعو ك" للكاتب عزيز محمد، وتشكلت لجنة التحكيم من كل من الأكاديمي والناقد الأردني إبراهيم السعافين، والكاتبة السلوفينية باربارا سكوبيتس، والروائي الفلسطيني محمود شقير، والمترجمة الجزائرية إنعام بيوض، والكاتب الإنجليزي من أصل سوداني جمال محجوب.

تناولت الروايات السِّت موضوعات اجتماعية وسياسية ووجودية، وتهدف جميعها عمل تقاطعات وإسقاطات على الإرهاب والتطرف والصراع في الواقع العربي الجديد الذي شهدته المنطقة؛ مما أدى خلال نحو سبع سنوات فقط إلى تمزقه واهترائه.