06 - 06 - 2025

روايات القائمة القصيرة لـ"البوكر" تناقش الحالة العربية المتصدعة، وأفكار الإرهاب

روايات القائمة القصيرة لـ

ندوة نقاشية لروايات البوكر باتحاد كتاب وأدباء الإمارات بأبوظبي

وليد الشرفا يتساءل: كيف يمكن للفن أن يكون عنصرياً؟!

شَهْد الراوي ترى أن الكتابة بالعامية فتح جديد في اللغة العربية!

إبراهيم نصر الله: اُكتبْ بكل قلبك ليقرأك القارئ بكل قلبه، أما أن تكتب بنصف قلبك فلن يقرأك أحد

بوضوح يعلن إبراهيم نصر الله الروائي الأردني الفلسطيني أن إنسان عصرنا لم يُهذب أخلاقياً ولا سلوكياً؛ رغم الكتب السماوية وفلسفة الحكماء وإبداع الشعراء والفنانين والمكتبات التي ناء كاهلها بملايين الكتب، وذلك في الندوة التي نظمها اليوماتحاد كتاب وأدباء الإمارات بالتعاون مع جامعة نيويورك بابوظبي؛ أدارتها الأديبة الإماراتية آن الصافي؛ حيث استضافالروائيين الستة(غاب عن الحضور أمير تاج السر الروائي السوداني) أصحاب الروايات التي تم اختيارها للقائمة القصيرة لجائزة البوكرالعالمية للرواية العربية؛ والتي سيتم اخنيار الرواية الفائزة بالجائزة وقدرها خمسون ألف دولار؛ في الرابع والعشرين من إبريل الجاري عشية افتتاح معرض أبوظبي الدولي للكتاب.

وكانت الجائزة قد استقبلت 124 رواية؛ يأتي كُتابها من 14 دولة عربية، وكما أعلنت "فلورمو نتنارو" منسقة الجائزة فقد تم ترشيح 34 رواية لمؤلفين مصريين؛ أي مايعادل 27 بالمائة، ثم جاءت 12 رواية من سوريا، و11 من العراق، وبلغ عدد الكاتبات 30 كاتبة أي ما يعادل 24 بالمائة من المشاركين، بزيادة عن العام الماضي قدرها 4 بالمائة.

وقد ضمت القائمة القصيرة 6 روايات من العراق وسوريا والسودان وفلسطين والأردن والسعودية، وتشكلت لجنة التحكيم من كل من الأكاديمي والناقد الأردني إبراهيم السعافين، والكاتبة السلوفينية باربارا سكوبيتس، والروائي الفلسطيني محمود شقير، والمترجمة الجزائرية إنعام بيوض، والكاتب الإنجليزي من أصل سوداني جمال محجوب.

تناولت الروايات الست موضوعات اجتماعية وسياسية ووجودية، وقد وظفت تقنيات سردية مختلفة مستلهمة من التحولات الحديثة للرواية العالمية في معالجتها للبعدين الغرائبي والعجائبي، ولا تخلو الروايات جميعها من تقاطعات وإسقاطات على الواقع الجديد، مع تجاوزها للوثوقي واليقيني على حد تعبير إبراهيم السعافين.

والجائزة العالمية للرواية العربية جائزة سنوية؛ تختص بمجال الإبداع الروائي باللغة العربية، ترعاها مؤسسة جائزة البوكر في لندن، وتدعمها مالياً دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، وتستحق كل رواية بلغت القائمة القصيرة 10 آلاف دولار، فيما تحصل الرواية الفائزة أيضا على 50 الف دولار، إضافة إلى ترجمتها للغة الإنجليزية.

"زهور تأكلها النار" للسوداني أمير تاج السر؛ تناولت قصة "خميلة" الجميلة ؛ تلك الفتاة التي ورثت الجمال عن أمها الإيطالية وثروتها عن أبيها، وحين تنتقل من مصر إلى السودان، تسكن بمدينة "السور" ذات المجتمع المتنوع، حتى تظهر جماعة "الذكرى والتاريخ" معلنة الثورة على الكفار، مستبيحة المدينة قتلاً وذبحاً وسبياً، ويقع الاختيار على "خميلة" لتُزف لأحد أمراء الجماعة.

"وارث الشواهد" رواية الفلسطيني أمير الشرفا؛ نرى فيها كيف يعيش "الوحيد" في زنزانته في جبل "الكرمل"؛ والذي يقضي وقته في استرجاع ماضيه، حين كان طفلاً أثناء حرب يونيو/حزيران 1967، ويتذكر جده وأبيه اللذين هاجرا قسراً من قريتهما في "عين حور" التي حولها الإسرائيليون إلى قرية للفنانين، وغيروا اسمها إلى "عين هود"، وحين يموت الجد يعود "الوحيد" من الخارج حيث دراسته الجامعية؛ فيذهب لبيت جده لكن المستوطن الإسرائيلي (يهودي من اصل بولندي) يرفض السماح له بالدخول دليل أن الفن الذي يمارسه لم يرتق به ويُنسه عنصريته! فيجلس بالمقهى ليرى فجأة "شاهد" منزل جده بالمرحاض، فيخلعها ويشتبك مع الشرطة حتى يقتل أحد أفرادها بالخطأ.

في روايتها "ساعة بغداد" للعراقية شهد الراوي، (والتي ترى أن الكتابة بالعامية فتحٌ جديد في اللغة!) نرى بغداد بعيون أوجاع الطبقة الإرستقراطية، وكانت الرواية قد أثارت ضجة إعلامية لم يالفها الوسط الثقافي العراقي، فقد انقسم قراؤها ونقادها مابين معجبين بها أو كارهين لها، فالبعض هاجمها لأخطائها اللغوية وصياغتها الشاذة واللغة العامية الساذجة وأفكار الشعوذة التي ضمتها صفحاتها، والبعض يراها رواية حديثة معنى ومبنى، وشخصياتها مدروسة بعناية.

" الحالة الحرجة للمدعو ك" للسعودي عزيز محمد، يتناول الكاتب في روايته كيف قرر "ك"كتابة يومياته-خاصة غصابته بمرض السرطان- إثر قراءته لـ "كافكا" محاولاً تقليده، إلا أنه كان يعاني من الافتقار للأفكار والأسلوب اللغوي المناسب للكتابة، مع رغبته في الاحتفاظ بخصوصياته، والرواية في مجملها تناقش تيمة الاغتراب والتعبير عن التجارب الشخصية.

وللعام الثاني على التوالي يتم تصعيد رواية الأردني الفلسطيني إبراهيم نصر الله "حرب الكلب الثانية" للقائمة القصيرة؛ (وكان بالعام الماضي قد تم تصعيد روايته "أرواح كليمنجارو" كذلك)؛ في روايته لهذا العام؛ تلك التي تدور أحداثها في المستقبل، يفترض الكاتب أن فصول السنة صارت فصلاً واحداً طويلاً، والنهار أصبح خمس ساعات فقط، والرواية تتأمل الحالة العربية في زمن لا تستطيع التفرقة فيه بين شبيهك وقاتلك، فيدخل إنسان عصرنا الوحشي والجهنمي في صراع ضد الآخر، وبذلك يدخل الكاتب عالَم كتابات الدستوبيا والمستقبليات والخيال المجنح المتكئ على تاويلات.

السورية ديمة ونوس في روايتها "الخائفون" تقدم سيرة غير صريحة للمسرحي والأديب السوري سعد الله ونوس، الرواية تشبه سوريا في قلقها قبل اندلاع الثورة وتمزقها خلال الحرب، واختلاط الواقعي بالفنتازي، في محاولة لتاطير الذاكرة وإعادة بنائها من التفتت، وذلك من خلال عيادة لطبيب نفساني؛ حيث يستقبل مرضاه الذين يتزايدون يوماً بعد يوم بفعل القمع والعنف والكبت، حتى تتحول العيادة غلى مستشفى هي في واقع الأمر مرآه لمجتمع متصدع.