بعد يوم طويل من العمل الشاق عاد السيد يوكوماكو الى مغارته بعد أن صف مركبته الفضائية أمام فتحة الدخول ، استقبلته زوجته سوكايا بابتسامتها العذبة، نظر حوله فلم يجد ابنه سوهامتك .... تساءل بغضب: إن كان مازال يجلس على جهاز ال"هوكاهوكا" كما تركه صباحا؟
ترددت الأم قليلا ثم قالت بخوف : أجل يا سيدى.
يوكوموكو محذرا : إياك أن تقولى أنك حولت المؤشر مرة أخرى إلى كوكب اﻻرض.
سكتت ولم تعقب ، فهاج وماج وأخذ يعنفها قائلا : لقد ضبطت الإشارة على كوكب بلوتو قبل أن أخرج وحذرتك أكثر من مرة من أن مشاهدته المستمرة لكوكب الأرض ستفسد أخلاقه.
أجابت بوجل: سيدي ابننا كبر، ويستطيع الآن أن يضبط جهاز الـ هوكاهوكا بنفسه.
هدأ قليلا ثم دخل إلى ابنه فوجده مستلق على قفاه من الضحك ، وما أن شاهد والده حتى خلع حذاءه الحديدى الذى من شأنه أن يثبته للأسفل، وأخذ يسبح فى فضاء الحجرة.
- الأب : إنزل يا سوهامتك يا ابن الكروكروت (حيوان فضائى)
* سوهامتك: إحلف إنك مش حتضربنى.
- الأب: ياض انزل بدل ما اقلع الجزمة واطلعلك.
* سوهامتك: طب أتفرج خمس دقايق كمان ، أنا باحب اتفرج على بنى آدم دول أوى.
- الأب بعد تفكير: يابنى المجرة واسعة، ما تتفرج على أى حاجة تانية ..... ثم قال بتسليم :ماشى بس بشرط حاقعد معاك ... هبط الولد بينما كانت الأم تنادى من بعيد: كدة كبسوﻻت الغدا حتبرد.
تجاهل الأب نداء الأم وجلس إلى جوار ابنه .
أخذ سوهامتك يقلب المشاهد، ثم توقف أمام أحد مشاهد الحرب ليسأل والده: هما ليه الناس هنا شكلها مسكين كدة؟
- الأب بحسرة: صرفوا كل "شلكليهاتهم" عالسلاح يا سوهامتك.
* سوهامتك: هما ليه بيقتلوا بعض ، مش هما كلهم حيموتوا فى الآخر من نفسهم زينا، وﻻ بيساعدوا اللى مش عارف يموت من نفسه ؟
- الأب: ﻻ يا سوهامتك ، هما بيقتلوا بعض عشان بيتخانقوا عالأرض.
* سوهامتك بدهشة: طب ماهى الأرض واسعة جدا ، بيتخانقوا عليها ليه؟
- الأب: يا سوهامتك يابنى اللى عنده مغارة بيبقى نفسه فى اتنين واللى عنده اتنين بيبقى نفسه فى عشرة.
* سوهامتك: بس هما حجمهم صغير أوى ، هما بيتمددوا ساعات وعشان كدة بيحتاجوا أماكن كتير كدة؟
- الأب بنفاد صبر: ماهو عشان كدة مش باحبك تتفرج لأنك بتتعلم منهم حاجات وحشة.
* الإبن بتوسل: خلاص والله آخر سؤال وحياة تيته سعطورد ، هما بيعملوا كدة ليه؟
- تنهد الأب قائلا: هما مصابين بمرض وحش إسمه الطمع بيخليهم ياخدوا حاجات ملهاش ﻻزمة عشان يغيظوا بعض.
* سوهامتك: طب مش حضرتك قولتلى قبل كدة إن اﻻسلحة دى غالية اوى؟
- هز الأب رأسه بالموافقة قائلا : دى أغلى حاجة عندهم.
* سوهامتك متعجبا : أغلى حاجة هى الحاجة اللى بتموتهم! طب خلاص يوفروا تمن الأسلحة ويجيبوا بتمنها اللى نفسهم فيه ويعيشوا فى سلام.
- الأب: يا سوهامتك ماهو لو دا حصل حيبقى كلهم زى بعض ، لكن اللى بيشتروا السلاح ويقتلوا بيبقوا عايزين يتميزوا عن غيرهم ، يعنى يسيطروا عليهم و يبقوا ملوك وغيرهم عبيد ، من باب المنظرة يعنى مش بس أملاك ، دا غير إن الناس اللى بتبيع سلاح بتكسب جامد جدا، فبتوقعهم فى بعض عشان تبيع ، وهما بغبائهم مش واخدين بالهم و هات يا شرا وضرب فى بعض.
راح سوهامتك يقلب بين المشاهد حتى توقف مشدوها أمام بقعة من الأرض وقد تعرى مواطنوها إﻻ من اليسير من الملابس و ﻻ يكاد جلدهم الرقيق يكسو عظامهم البارزة من تحته، فسأل والده بفضول: لماذا يختلف شكل هؤﻻء عن باقى بنى آدم؟
تنهد اﻻب بأسى وهو يقول إنهم ﻻ يجدون طعاما يأكلونه ، فتساءل سوهامتك بدهشة: ألم تقل انهم يأكلون تلك النباتات والحيوانات ويشربون المياه ؟
هز الأب رأسه بالموافقة، فازدادت دهشة سوهامتك وتساءل: ولكنى أرى نباتات وحيوانات ومياه كثيرة جدا على الأرض ، لم ﻻ يذهبون إليها ويأكلون منها مع باقى بنى آدم، دى حتى بتفيض عن حاجتهم وبيرموها ؟
رد اﻻب بنفاد صبر : خلاص يا سوهامتك، إنت زهقتنى ، دى قصة كبيرة وأنا قلتلك إنهم وحشين ، إتفرج على أى حاجة تانية عالمجرة وبلاش اﻻرض ، ولو مصر تشوف اﻻرض ، اتفرج على اقصى شرقها.
رد سوهامتك بملل : يوووه أنا مش باحب الحته اللى اسمها يابان دى، دول ناس مملين وشبهنا جدا.
الأب محذرا اسمع الكلام وإﻻ حاشيل الـ هوكاهوكا من أوضتك.
اﻻبن بتوسل : خلاص وحياة جدو سمباسيكو تسيبنى أتفرج، دول مخلوقات مسلية جدا .
الأب وهو يتجه إلى باب الحجرة: إذن إياك أن تشاهد منطقة الشرق الأوسط.
خرج الأب الى الردهة فوجد زوجته تمشط "الأرايل الهوائية " لابنتهما الصغيرة صاكيوارة ، فابتسم لها الأب فى حنان بالغ ثم همس لزوجته: أنا خايف على صحة الولد، خدى بالك منه لو استمر متابع منطقة الشرق الأوسط ممكن يجيلوا "قرعاق" او "بؤبؤ" ، دول عالم تحرق الدم ، أبو جدى جاله "فأسوسة" فى القلب واتنقط ومات من كتر فرجته عليهم.
ضربت الأم بيدها على صدرها قائلة: بعد الشر، بس هما بيتخانقوا من أيام أبو جدك؟ فرد بحسرة : يووه، من قبل مولده بسنين كتير...... هزت الأم رأسها بأسى وهى تقول : اقعد ياللا عشان نتغدا.
جلس الأب لابتلاع كبسولة الغداء مع زوجته والصغيرة صاكيوارة، ثم توجه إلى غرفته قائلا: هاتيلى كبسولة شاى فى الخمسينة فى الأوضة عشان احبس ، أنا حادخل أغير سترتى الهوائية وانام شوية مش عايز إزعاج.
هرولت الزوجة المطيعة خلف زوجها بالكبسولة وخرجت سريعا من الحجرة لتطمئن على سوهامتك، فقد سمعته من بعيد وهو يهذى بكلمات غير مفهومة، فتحت الحجرة بهدوء دون أن يشعر فوجدته يأتى بحركات غريبة و يقول: لعبت زهر، اتبدلت أحوال، ركبت موجة، سكة أموال!!
لم تدر الأم الملتاعة كيف تتصرف فانطلقت إلى غرفة زوجها ودخلت بلا استئذان لأول مرة منذ زواجهما لتستنجد به، فإذا بها تجده جالسا أمام الـ هوكاهوكا ، وقد حرك مؤشره تجاه منطقة الشرق اﻻوسط ليشاهد فتاة شديدة الخلاعة ويقول: يخرب بيتك يا صافيناز مزة آخر حاجة.
وهنا نسيت الزوجة المهذبة هلاوس ابنها وأخذت تضرب وجهها وتشد "أرايل" رأسها وهى تصيح : آل برة وجوة فرشتلك وانت حالك مايل وإيه يعدلك ، والختمة الشريفة ﻻ اتصل بأبويا الحاج سلاموتو يجى يكروعنى منك ، احنا خلاص ملناش كبسوﻻت مع بعض.
ينظر السيد يوكوموكو إلى اﻻسفل خجلا ، و قد شبك يديه معا ليقدم
الاعتذار، بينما تردد زوجته بإصرار: ماتحاولش، حنتكروع يعني حنتكروع.
16-4-2016