22 - 05 - 2025

مؤشرات I الانتخابات الرئاسية وحجم مصر الحقيقي

مؤشرات I الانتخابات الرئاسية وحجم مصر الحقيقي

 

محمود الحضري

لاشك أن المشهد الانتخابي للرئاسة المصرية في مجمله وغياب منافسة حقيقية لتجربة انتخابية ينظر إليها وينتظرها العالم أمر لا يليق بدولة في حجم ومكانة مصر الإقليمية، وأننا نعيش حالة من تزييف للحقائق والرجوع إلى الخلف بسرعة الطلقة.

والمضحك في الأمر برمته هو أن الجميع نظاماً ودولة وحكومة وقوى سياسية وأحزاب ، كأنها فوجئت بأنه هناك انتخابات رئاسية محددة سلفا ومعروف مواعيدها، والجميع كان "شارب حاجة صفرة" وفي حالة توهان، وغياب عن الوعي لنعيش هذا المشهد العبثي لنعود إلى رحلة المرشح الواحد والأوحد.

القضية هنا لا تتعلق بإسم مرشح أو آخر، فلابد أن نفرق بين الشكل العام للإنتخابات والنظرة الدولية والإقليمية لتجربة مصر الإنتخابية، وبين التأييد لمرشح دون آخر، فالسؤال الذي يطرح نفسه ويتردد في جلسات العامة والخاصة "هل الشكل الذي آلت إليه الإنتخابات الرئاسية يعبر عن حجم مصر الحقيقي؟!".

أعتقد أن الجميع شركاء فيما وصلنا إليه من انتخابات شبية بحالة استفتاء، وليس إلى معركة تنافسية على برامج رئاسية تهم البلاد والعباد، ورؤى سياسية حول مستقبل مصر السياسي في مرحلة حرجة مازالت فيه الدولة تحارب الإرهاب، والفكر الظلامي، وتحتاج إلى تنمية أعلى تلبي طموحات 100 مليون مصري.

لاشك أن وجود معركة انتخابية بين متنافسين في انتخابات الرئاسة يعطي زخما مختلفا لبلد لها تاريخ سياسي طويل، وسيدفع بالمتنافسين للإجتهاد والدراسة في طرح العديد من البدائل والحلول لمختلف قضايا الوطن، ولملمة الشتات السياسي والإجتماعي، والوصول إلى حوار جديد ومتجدد مع أجيال من الشباب مازالت شريحة كبيرة منهم تشعر بحالة من التغييب بالرغم من كل الجهود التي تُبذل في هذا الإطار.

والعديد من صحف العالم والمواقع الإلكترونية تكتب يوميا تحليلات ومقالات عن الإنتخابات الرئاسية في مصر، وفي أغلبها يحمل روح النقد والإنتقاد، فكان الجميع ينتظر من مصر معركة وحالة انتخابية أعلى وأفضل وأسخن مما وصلنا إليه، فلا يكفي الدفع بمرشح في آخر لحظة لمجرد اكتمال الشكل العام "الديكوري" للإنتخابات.

واللوم هنا يقع على الجميع، وعلى كل من له اهتمام بالشأن السياسي، فالكتائب الإعلامية وكتائب الإنترنت، وبدافع منهم أو مدفوعين من أحد علقوا المشانق لكل من تجرأ وأعلن اعتزامه الترشح للإنتخابات الرئاسية، ووصلت الأمور إلى الإتهام بالعمالة والتمويل من الخارج، وتخريب الوطن، أو شق صفوف القوى والمؤسسات السيادية.

ونسى هؤلاء أن مصر أكبر مع انتخابات تنافسية، وتنال احترام العالم في معركة يفوز فيها من يفوز ويخسر فيها من يخسر، بغض النظر عن شعبية هذا أو ذاك، وقد يقول البعض أن المرحلة تقضي استمرار الرئيس السيسي لفترة رئاسة ثانية يتحمل فيها عبء متطلبات ما بدأه في الفترة الأولى، وهذا لا غبار فيه ووجهة نظر، ولكن أليس كان من الأفضل أن يأتي ذلك ضمن عملية انتخابية أكثر سخونة، وضمن مرشحين متنافسين ولهم شعبية وإن اختلفت النسب من مرشح إلى آخر.

وسيرد عليك أحدهم يقول أن فوز الرئيس السيسي مضمون وبنسبة كبيرة، فلماذا ندخل في جدل وحالة من الإنقسام على أكثر من مرشح حتى تمر هذه الفترة التي أعقبت 30 يونيو 2013، ومازالت تداعياتها قائمة، والرد أيضا على هؤلاء، يتركز في أن فوز مصر بتنظيم انتخابات في الشكل والمضمون العام يعطي لحربها على الإرهاب مصداقية دولية أكبر، ودعم من مختلف دول العالم ومؤسسات ومنظمات المجتمع المدني.

ولكن وإن كان قد حدث ما حدث ووصلنا للنتائج التي نحن عليها، فإن التجارب مازالت أمام الانتخابات الرئاسية، مرهونة بأهمية اقناع الناس بالذهاب لصناديق الإقتراع للتصويت من أجل برنامج يقود مصر لسنوات تشرع فيها رايات الحرية والديمقراطية والحياة المدنية والتنمية للجميع، وحتى وإن اعتربنا هذه المرحلة "انتقالية".

وتبقى الإجابة على السؤال المطروح في المقدمة، معلقا فحجم مصر في رأي أكبر من حالة الإنتخابات -وليس معركة الانتخابات – التي نحن بصددها، وستحاسبنا الأجيال القادمة على ضياع الفرص.