ثبت بالدليل القاطع أن تحركات وتصريحات أحمد شفيق قبيل عودته، أو إعادته إلى مصر أنه يندرج تحت ما يمكن تسميته بـ"غشيم سياسة" وأن من وراءه من كتيبة تفكر وتدير وتضع الخطط هم أيضا ليس لهم بالسياسة، بل يندرج كل واحد منهم تحت نفس المُسمى "غشيم سياسة".
والغشيم في المصطلح الدارج أنه الشخص الذي "ينطح في الحيط"، ويرتكب من الحماقات ما يؤدي إلى وقوعه في أخطاء عديدة، وتكون النتيجة خسائر متعددة وأفعال لا طائل منها سوى انصراف من حوله.
هذا بالضبط ما فعله السيد أحمد شفيق، من اليوم التالي لخسارته السباق الانتخابي لرئاسة مصر في العام 2012، أمام مرشح جماعة الإخوان "محمد مرسي"، وظل يمثل نفس "الغشومية" السياسة حتى جاء على متن طائرة خاصىة من الإمارات إلى مطار القاهرة، بغض النظر عن الطريقة الدراماتيكية التي شهدتها الأيام الثلاثة الأخيرة من وجوده في الإمارات كمنفى اختياري، أو مقر إقامة مؤقت.
ولست هنا مؤيداً أو مسانداً أو حتى مدافعاً عن أسماء تنتوي أو تفكر في الترشيح لإنتخابات رئاسة "شعب مصر" في فترة 2018 – 2021، ولا حتى مناصراً لأي طرف حتى هذه اللحظة على الأقل، بل أقف في موقع المحلل والمراقب، خصوصا في حالة "أحمد شفيق" والذي عشت جزء منها بحكم إقامتي في دولة الإمارات خلال السنوات الأولى لـ"هروبه" من مصر، تاركاً من انتخبوه.
والخطأ الأكبر الأول الذي ارتكبه أحمد شفيق، أراه أنه اختار الأمان لنفسه وعائلته فقط، وضرب عرض الحائط بشريحة واسعة من الشعب المصري، قوامها نحو 12 مليون شخص، أعطوه أو منحوه أصواتهم، ليدير مصر سياسياً في فترة من أسوأ فترات تاريخها، وفي أعقاب ثورة الشعب في 25 يناير، وبدا من اللحظة الأولى أن شفيق ليس رجل سياسة على الإطلاق، لا من بعيد أو قريب.
والدليل على ذلك أنه دخل انتخابات 2012 تحت ضغط أناس كثر في ساحة شهدت موجة من المد والجزر، وجر مصر تجاه "الإسلام السياسي"، وتحديدا تحت عباءة منهج "الإخوان المسلمين"، وهنا وجد الكثيرون: يميناً ويساراً في شفيق أنه المنقذ لمصر ما بعد يناير 2011، حتى وإن ظل في موقف المعارضة في حال فشل الانتخابات، ليحد من طموحات الإخوان.
وللأسف فإن شفيق لم يحمل رؤية سياسية واضحة بشأن ما كان يريد، وما يجب أن يقوم به في "اللعبة" السياسية في تلك المرحلة، وخصوصا ما بعد الإنتخابات الرئاسية 2012، وتحت وازع الخوف بالزج في السجون على أيدي الإخوان والقضايا التي كانت منظورة أمام القضاء وقتها، "فلسع" السيد شفيق من مصر، متوجها إلى الإمارات التي رحبت به أعلى ترحيب، وتقريباً كان في شبه إقامة مجانية.
وقت وصوله قلت ومازالت أقول أن شفيق "حرامي أصوات مصر"، فسرق أصوات 12 مليون مصري، وثقوا فيه بأن يبقى مناضلاً ومدافعاً عن مصر وحال البلاد والعباد بعد انتخابات 2012، من تخوفات جر مصر إلى منعطف خطير، وهو ما كان ووقع، بالفعل على مدار عام من حكم البلاد حتى 30 يونيو 2013.
وفضل شفيق أن يعيش في نعيم الضيافة، وبدى أنه لم يفكر يوماً في قضايا شعب مقهور، وحمل صوره وسط طموح بأن يكون رجل المرحلة وقتها وأنه من يستحق "صوت" الناخب.
أما الخطأ الأكبر الثاني، فهو سوء التقدير من شفيق أو من حوله من مستشارين و"عطشجية"، هو الإقدام على إعلان نيته للترشح لانتخابات الرئاسة 2018، من خارج مصر وتحديداً من الإمارات، في وقت تتسم العلاقة فيه بين القاهرة وأبوظبي، في أفضل مراحلها، وهو ما يراه البعض احراج للإمارات، التي استضافته ودعمته ضد الإخوان، إلا أن تفاصيل الصورة والمشهد العام تغيير كلية، وسفينة السياسة بين مصر والإمارات في اتجاه مع ربان مختلفين، وشفيق على الهامش منها وفق حسابات محددة ودقيقة.
ولاشك أن هذا ما دعا الإمارات إلى التوجيه بترحيل مهذب لشفيق، لسد كل الأبواب للاجتهادات بما قد يسئ لمرحلة مهمة من علاقات القاهرة / أبوظبي.
ويبقى القول أن شفيق أعتقد أنه خارج لعبة السياسة حاليا، وإن كان من حقه أن يترشح، فلا يوجد سبب قانوني يمنعه من الترشح للانتخابات، وهو ما حرصت أن تعلنه الحكومة على لسان وزير الخارجية سامح شكري.
مؤشرات ا غشيم سياسة
