25 - 06 - 2025

تداعيات ومخاطر نقل السفارة الأمريكية للقدس

تداعيات ومخاطر نقل السفارة الأمريكية للقدس

فلسطين: ما يحدث استكمالا للمخططات الاستعمارية

مصر: سيؤثر علي استقرار الشرق الأوسط والعالم

الأردن: سيعرقل جهود السلام

محللون: المواجهة ستصبح عربية- إسرائيلية أمريكية

في خطوة تجاهل للموقف العربي وحقوق دولة فلسطين، يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سيعلن عن اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، حيث تعتزم الولايات المتحدة نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وفق تصريحات مسئولين أمريكيين.

في هذا السياق، حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، من مخاطر، نقل سفارة الولايات المتحدة في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، قائلا:  إن مثل هذا التصرف "ليس له ما يبرره، ولن يخدم السلام والاستقرار، بل سيغذي التطرف واللجوء للعنف، كذلك يفيد طرفاً واحداً فقط هو الحكومة الإسرائيلية المعادية للسلام.

وأضاف أبو الغيط في تصريحات صحفية، أنه يستشعر قلقاً عميقاً إزاء ما يتردد عن اعتزام الإدارة الأمريكية نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس والاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل.

أوضح أبو الغيط أن الجامعة العربية تتابع المسألة بكل تفاصيلها الدقيقة لأنها إن حدثت ستكون لها انعكاسات بالغة الأهمية ليس فقط على الوضع السياسي، ولكن أيضاً على مستوى الأمن والاستقرار في المنطقة وفي العالم.

أكد أنه من المؤسف أن يصر البعض (لم يسمهم) على محاولة إنجاز هذه الخطوة دون أدنى انتباه لما تحمله من مخاطر كبيرة على استقرار الشرق الأوسط وكذلك في العالم ككل".

وقال أبو الغيط: "سبق لنا أن شجعنا الإدارة الأمريكية في مساعيها لاستئناف مسار التسوية السياسية للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني، ولكن اليوم نقول بكل وضوح إن الاقدام على مثل هذا التصرف ليس له ما يبرره، مشيرًا إلي وجود اتصالات مع الحكومة الفلسطينية ومع الدول العربية لتنسيق الموقف العربي إزاء أي تطور في هذا الشأن.

وذكر بيان للرئاسة المصرية أن "الرئيس عبد الفتاح السيسي أبلغ نظيره الأمريكي أنه لا داعي إلى تعقيد الوضع في الشرق الأوسط"، مضيفًا أن  "السيسي حذر ترامب من القيام بإجراءات من شأنها أن تقوض فرص السلام في الشرق الأوسط".

من جانبها، حذرت الحكومة الفلسطينية، من عواقب أي تحرك أمريكي تجاه مدينة القدس على عملية السلام، وقال الناطق باسم الحكومة يوسف المحمود، "إن أي قرار كنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس أو فرض تغيير وضعها وإزاحته عن طبيعته وحتميته كتسميتها عاصمة لإسرائيل سوف يعتبر استكمالا للمخططات الاستعمارية التي فرضت وتفرض على بلادنا بالقوة ويعتبر تجاوزا فاضحا لكافة القوانين والمبادئ الدولية التي تعترف بأن القدس مدينة فلسطينية محتلة تم احتلالها ضمن الأراضي الفلسطينية والعربية إثر عدوان الرابع من يونيو عام 1967، وتقر تلك القوانين بوجوب إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس العربية المحتلة".

و حذر العاهل الأردني عبدالله الثاني، الرئيس، والكونجرس من خطورة الإقدام على تنفيذ قرار نقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس، مشددا على أن مثل هذا الإجراء سيمس جهود السلام التي تبذلها الإدارة الأمريكية، فضلا عن أن اعتباره يمنح الضوء الأخضر لاندلاع العنف بواسطة التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط.

وفي وقت سابق أجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اتصالات هاتفية مع قادة عرب وأوروبيين، وأطلعهم على التطورات المتعلقة بمدينة القدس، والمخاطر المحدقة بها.

واعتبر عباس أن الحديث عن نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس بأنه يعد كلاما عدوانيا ويأمل أن لا يطبق، وأنها خطوة استفزازية تسيء لعملية السلام ككل، وأن العملية السلمية في الشرق الأوسط سوف تكون في مأزق لا يمكن الخروج منه.

ويري محللون أن الولايات المتحدة الأمريكية، تستطيع نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، بناءً على الوضع المتدهور الذي تمر به المنطقة العربية، وأيضًا عدم وجود تأثير دولي، مؤكدين أن التداعيات السياسية لهذا الموضوع كبيرة، وأولها توسيع رقعة المواجهة العربية-الإسرائيلية لتصبح مواجهة عربية- إسرائيلية أمريكية.

ووفق المحللون، فإن خطوة نقل السفارة الأمريكية في هذه المرحلة ستكون لها تداعيات في الساحة الفلسطينية والعربية والإسلامية، ومن شأنها أن تشكل تهديدا على حل الدولتين.

من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، إن المنظمة ترفض سياسة الابتزاز التي تنتهجها إدارة الرئيس ترامب للضغط على السلطة الفلسطينية لإجبارها على تغيير مواقفها السياسية، فبدءا من مسلسل التهديد بإغلاق مكتب المنظمة في واشنطن إلى موضوع نقل السفارة الأمريكية للقدس، كل هذه الضغوط تظهر أن إدارة ترامب لم تعد طرفا نزيها  لقيادة المفاوضات السياسية بين منظمة التحرير وإسرائيل".

وأضاف أن مكتب المنظمة في واشنطن أرسل برقية احتجاج لوزارة الخارجية الأمريكية يحذر فيها من التسرع في موضوع نقل السفارة، لما لها من تداعيات خطيرة على مستقبل العملية السياسية في المنطقة، موضحًا أن "منظمة التحرير ستقطع اتصالاتها مع الإدارة الأمريكية، ولن تعترف بها بعد الآن كوسيط محايد في مفاوضات الحل النهائي".

أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية، نشأت الأقطش، أكد أن إسرائيل لم تتوقف في يوم من الأيام عن التلويح بأن القدس هي العاصمة الأبدية لدولتهم، قائلا: إن موضوع نقل السفارة الأمريكية هو أمر شكلي؛ لأن إسرائيل تٌصدر قراراتها من القدس وليس من تل أبيب.

وحول تداعيات القرار، أكد الأقطش: لن يكون له أي تأثير على العملية السياسية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؛ لأن الدول العربية باتت تصطف بجانب دولة إسرائيل، وهذا ما سيضعف موقف الجانب الفلسطيني الذي سيرى نفسه يحارب وحيدا توجهات المجتمع الدولي، مشيرًا إلي أن هذا القرار سيربك الحسابات السياسية في المنطقة لصالح دولة الاحتلال، وسيظهر إسرائيل كقوة سياسية تحظى بتأييد الإدارة الأمريكية، كما سيظهر قدرة اللوبيات الصهيونية في التأثير على القرار الأمريكي بما يخدم مصالح دولة الاحتلال".

وفي وقت سابق، حذرت الهيئة الإسلامية العُليا من خطورة نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى مدينة القدس، معتبرة أن نقل السفارة يعني اعتراف أمريكا رسمياً بأن القدس عاصمة للدولة اليهودية"، وتكون أمريكا قد أوقعت نفسها في تناقض واضح في المواقف؛ لأن أمريكا قد تولت رعاية المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وترتب على ذلك تأجيل البحث في موضوع القدس حتى المرحلة النهائية للمفاوضات، متسائلة "كيف تريد أمريكا الآن نقل السفارة للقدس؟.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر ناويرت إن الرئيس ترامب يجب أن يبلّغ الكونغرس قبل 4 ديسمبر بشأن قراره حول نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مؤكدة أنه يدرس هذه المسألة بجدية.

وليس للولايات المتحدة في القدس مبنى للسفارة يمكن أن تنتقل إليه، ما يعني أن أي تحرك في هذا الاتجاه سيستغرق فترة إلى حين بناء سفارة.

وصرح مايك بنس نائب الرئيس هذا الأسبوع بأن ترامب يبحث بحيوية "موعد وكيفية" نقل السفارة للقدس.

من جانبه قال البابا فرانسيس: "لا يمكنني إخفاء مخاوفي البالغة بشأن الوضع الذي لاح في الأيام الأخيرة. وفي الوقت ذاته، أناشد بقوة الجميع احترام الوضع الراهن للمدينة بما يتفق مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، للصحفيين: "نعتبر دائما القدس مسألة من مسائل الوضع النهائي التي يجب أن تُحل خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين استنادا إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة".

ودعا الاتحاد الأوروبي إلى "استئناف عملية سلام هادفة في اتجاه حل الدولتين"، وقال إنه "طريق لابد من التوصل إليه، عبر المفاوضات، لحل وضع مدينة القدس كعاصمة مستقبلية لكلا الدولتين، حتى يمكن تحقيق تطلعات كلا الطرفين".

وأعربت كل من الصين وروسيا عن مخاوفهما من أن تؤدي الخطوة إلى تصاعد التوترات في المنطقة.

وقال وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون: "نراقب بقلق التقارير التي نسمعها، لأننا نعتقد أن القدس يجب أن تكون بوضوح جزءا من التسوية النهائية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، من خلال تسوية تفاوضية".

من المعروف أن مدينة القدس بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين أهم المدن الفلسطينية، وهي أساس النزاع بين فلسطين وإسرائيل.

وكانت الأمم المتحدة اعترفت بالقدس الشرقية كأرض محتلة وتخضع لبنود معاهدة جنيف الرابعة، ورفضت بذلك الاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على القدس الشرقية، إلا أن إسرائيل استمرت في توسيع حدود القدس، رغم أن الأمم المتحدة اعتبرت ذلك عائقاً كبيراً أمام تحقيق سلام شامل، وعادل، ودائم في الشرق الأوسط، وعلي مدار الأعوام الماضية كانت الولايات المتحدة ترفض رسمياً، شأنها شأن باقي دول العالم، الاعتراف بالضم الإسرائيلي للقدس الشرقية المحتلة منذ 1967.

ويوقع رئيس الولايات المتحدة كل ستة شهور، قراراً بتعليق نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، وذلك بعد أن تبنى الكونجرس الأمريكي قراراً في العام 1995 بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، فأصبح القرار بيد الرئيس الأمريكي الذي يؤجله كل ستة شهور.

وفي يونيو الماضي، وقع ترامب، الذي تولى السلطة في 20 ينايرالماضي، مذكرة بتأجيل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس لمدة 6 أشهر.

وتمتلك إدارة ترمب حتى 4 ديسمبر الجاري حق التوقيع على مذكرة لتمديد تأجيل نقل السفارة لمدة 6 أشهر، وهو إجراء دأب عليه الرؤساء الأمريكيون منذ إقرار الكونغرس، عام 1995، قانوناً بنقل السفارة إلى القدس.

الجدير بالذكر أن المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية توقفت في أبريل 2014، بعد رفض إسرائيل وقف الاستيطان، والإفراج عن المعتقلين القدامى في سجونها، والالتزام بحل الدولتين على أساس حدود 1967.