حضور "معارضي" النظام يثيرالجدل ، واستغلال الهاشتاج الرسمي للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين
شباب البرنامج الرئاسي "في الواجهة" وحضورهم رئيسي
شهدت مدينة شرم الشيخ على مدار الأسبوع الماضي، تنظيم منتدى شباب العالم، بمشاركة أكثر من 3 آلاف شاب، يمثلون أكثر من 113 دولة، إضافة لعدد من رؤساء وزعماء الدول وممثل عن الأمين العام للأمم المتحدة.
شارك فى المنتدى 64 وفدًا و19 وزير شباب ورياضة ومبعوث للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوث للاتحاد الأفريقي، وتتضمن فعاليات المنتدى عقد 46 جلسة وورشة عمل يتحدث فيها 222 متحدثًا يمثلون 64 دولة فى حوار تفاعلى مع الشباب حول صناعة المستقبل والتنمية المستدامة.
وحرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على حضور كافة فعاليات المنتدى بأيامه الخمسة، وإجراء مداخلات خلال مناقشاتها، التي تناولت قضايا عدة، على رأسها الإرهاب وتمكين المرأة ونشر الأخلاق والآداب، إضافة لقضايا بيئية واقتصادية وعلمية، وإتاحة الفرصة لنماذج شبابية ناجحة للحديث عن تجاربها وطموحاتها، كما حضر ماراثون تحت عنوان "الجميع من أجل السلام"، حيث أعلن خلاله عقد المنتدى بشكل سنوي.
يأتي ذلك في الوقت الذي استخدمت مجموعة من الشباب المعارضين للمنتدى الهاشتاج الدعائي الرسمي له #WeNeedToTalk أو نحتاج إلى الحديث، لتسليط الضوء على الاعتقالات السياسية في مصر، ورواية قصص الاعتقال الخاصة بذويهم وأصدقائهم، للمطالبة بالإفراج عنهم، طالما أن الفكرة الأساسية للمنتدى هي الحوار والنقاش، مصحوبة بصور أرشيفية للقبض عليهم، والتذكير بممارسات قمعية لجهاز الشرطة ضد النشطاء والحقوقيين.
ووصف المعارضون، المنتدى، بأنه إحدى محاولات النظام في مصر، لتحسين صورته أمام العالم، ولجذب المزيد من الفئة الشبابية إلى صفوفه، بعدما ظهر إحجام الشباب عن المشاركة في انتخابات الرئاسة عام 2014، وإطلاق الحكومة لفكرة منتديات الشباب، التي عقدت أربعة دورات منها في مدن مختلفة بمصر، وسط تغطية إعلامية كبرى واهتمام غير مسبوق.
ودشن عدد من الشباب المعارض للمنتدى، صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بعنوان "منتدى شبابنا، الصوت الحقيقي لشباب مصر…شباب مصر المغضوب عليهم"، يتضمن جلسات وورش عمل موازية عن القضايا التي تثير اهتمام الشباب المصري، إضافة لحملة تدوين في مواجهة المؤتمر.
وقال مديرو الصفحة في بيان افتتاحي للجلسات وورش العمل التي نظموها عبر الإنترنت، إن "تكرار لقاء رئيس الجمهورية بمجموعة من الشباب في مؤتمر أنيق ومنظم في شكله العام، يتم إخراجه بصورة توحي أن هؤلاء الشباب يناقشون السيسي في القضايا الهامة، بل ويعارضونه أحيانا، لترويج فكرة أن الرئيس يرعى الشباب ويسمح بالنقاش والمعارضة".
وأضافوا: "كلام ونقاش منمق وسط ديكور رائع ومكلف يسر الناظرين، يقوم كل مشارك فيه بدوره المرسوم له ببراعة قد تخدع البعض، لكن تعلم الغالبية أن هؤلاء المشاركين لا يمثلون شباب مصر، وتعي الجماهير جيدا أن الواقع بعيد جدا عن هذه المؤتمرات التي تمثل صوتا واحدا وتعبر عن رؤية واحدة، هو صوت ورؤية الرئيس".
وأكد أصحاب الصفحة، أن أكثرية المشاركين بفعاليات منتدى شباب العالم، هم شباب البرنامج الرئاسي وشباب الأحزاب الذين يتم اختيارهم بمعيار الولاء، للإيحاء بأن هناك أحزابا ومعارضة وممارسة ديمقراطية، إضافة لعشرات الصحفيين من الجرائد القومية أو الخاصة الممولة من رجال أعمال معروفين بتأييدهم المطلق للرئيس السيسي وحكومته.
من يتحمل ميزانية المنتدى؟
أثارت ميزانية تنظيم هذا الحدث الضخم الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتخرج الحكومة على لسان مجموعة من الإعلاميين وكذلك المهندس حسام الجمل، رئيس مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، لتؤكد أن موازنة الدولة لم تتحمل جنيهًا واحدًا في التنظيم، وتضيف الإعلامية أماني الخياط: "المستثمرون والبنوك المصرية والشركات الكبرى وراء تمويل منتدى شباب العالم، وهذه الشركات جزء من تخصيصها المالي لصالح النشاط الاجتماعي والاستقرار وبناء الدول، والتمويل اختياري للجميع".
يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت تقارير إخبارية عن تجاوز تكلفة تنظيم هذا الحدث الضخم لـ750 مليون جنيه، تضم تدشين القاعة الرئيسية للمنتدى المقامة على 5 آلاف متر تطل على البحر مباشرة بخليج نبق، وقبتها التي تشبه قبة جامعة القاهرة، إضافة لسفر وإقامة ورحلات الوفود لمدة أسبوع كامل، فضلا عن توجيه دعوات الحضور لعشرات الصحفيين ورؤساء التحرير والإعلاميين وأطقم القنوات بأكلمها للبث من شرم الشيخ، طوال أيام الفعاليات المختلفة.
وكشف الكاتب الصحفي محمد الجارحي عبر صفحته على "فيسبوك" أن الحدث ليس شبابيًا أو تطوعيًا كما أعلنت الحكومة، وأن المسؤولين عن تنظيمه وفقا لموقع المنتدى الرسمي، أحدهما هو عمرو بدر، العضو المنتدب والمدير الاقليمي لمصر والشرق الأوسط لمجموعة شركات ابركرومبي اند كنت ايجيبت للسياحة، وهي شركة أمريكية تعتبر من أكبر الشركات في مجال الترفيه والرحلات البحرية والمؤتمرات والبعثات التعليمية، وكذلك شريف سالم، رئيس هيئة المعارض الأسبق ورئيس مجلس إدارة الشركة الدولية للمعارض الحالي، والسابق اتهامه في وقائع فساد تضم تلقي رشاوي وإهدار 1.6 مليار جنيه من أموال هيئة المعارض خلال رئاسته لها.
شباب البرنامج الرئاسي في الواجهة
قبل نحو عامين، أعلنت رئاسة الجمهورية عن برنامج لتبني تدريب الشباب على مهارات القيادة، أطلق عليه "البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة"، بهدف إنشاء قاعدة شبابية لتولي المسؤولية خلال السنوات المقبلة، بالتعاون مع مجلس الوزراء ووزارات التخطيط والدفاع والخارجية
ومنذ انطلاق البرنامج وإتمام مراحله المختلفة، أُسندت لشبابه مهام تنظيم الفعاليات الكبرى المختلفة، وأبرزها أربعة مؤتمرات للشباب المصري خلال سبعة أشهر، بشرم الشيخ والإسماعيلية وأسوان والإسكندرية، إضافة لإصدار الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة الكتاب الدورى رقم 6 لسنة 2017، بشأن إلحاق خريجى البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب بوحدات الجهاز الإدارى للدولة، أبريل الماضي.
وذكر الجهاز فى الخطاب، أن إلحاق الشباب بالجهاز الإداري، عن طريق 4 وظائف، هى: نظام مساعدى ومعاونى الوزراء، تنفيذاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 612 لسنة 2017، أو من خلال نظام التعاقد مع العمالة المؤقتة، المقرر إصداره من الوزير المعنى بقانون الخدمة المدنية، طبقاً للمادة 73 من القانون، أو الندب، إعمالاً للمادة 32 من القانون، أو الإعارة طبقاً للمادة 35 من القانون.
وقرر الجهاز إرسال الخطاب إلى جميع الوزراء، والمحافظين، ورؤساء الهيئات العامة، والأجهزة المستقلة، ورؤساء الجامعات، ورؤساء وحدات التنظيم والإدارة بالهيئات والمحافظات، لتفعيل القرار.
وخلال فعاليات منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، أكد وزير الخارجية سامح شكري، أن شباب البرنامج الرئاسي هم من تحملوا مسئولية تنظيم منتدى شباب العالم، لافتا إلى أن وزارة الخارجية ساهمت في بعض النواحي التنظيمية واللوجيستية فقط.
وأشار في تصريحات صحفية، إلى أن اهتمام الشباب بفعاليات المنتدى يعد أمر ملفت، وكافة الأسئلة التي طرحوها تؤكد مدى قوتهم، وفهمهم للأحداث، منوها بأن السفارات لعبت دور في التعريف بالمنتدى بالخارج.
كما أشادت الدكتورة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بتنظيم وإعداد جلسات منتدى شباب العالم، بمدينة شرم الشيخ، موجهة التحية لشباب البرنامج الرئاسي على إعدادهم هذا المنتدى العالمي، وعلى الثقة التي مُنحت إليهم من القيادة السياسية في عملية التنظيم.
وبرزت خلال فعاليات المنتدى حضور مجموعة من الشباب والصحفيين الذين قدموا أنفسهم كمعارضين للسيسي وحكومته، خلال الفترة الماضية مثل تامر أبو عرب وأحمد سمير وآخرين، ما أثار جدلا حول تأييدهم المشاركة في حدث سبق أن هاجموه، وانتقدوا إقامته واستضافة أكثر من 3 آلاف شخص على ميزانية الدولة المنهكة، وهو الأمر الذي لعبت عليه وسائل الإعلام التابعة للدولة، وأكدت على نجاح المنتدى في جذب الجميع، المعارضين قبل المؤيدين، وإتاحة الدولة فرص الحوار للكل دون استثناء.
أهداف بعيدة المدى
تعول مصر على مساهمة المؤتمرات الدورية التي يرعاها الرئيس السيسي، في نقل صورة إيجابية عن القاهرة، بهدف طمأنة السائحين، في محاولة لتجاوز كبوة يعانيها القطاع منذ عامين بسبب إسقاط طائرة روسية في أكتوبر 2015، ومقتل أكثر من 200 شخص كانوا على متنها، الأمر الذي كبد المورد المصري الهام خسائر فادحة.
ويستهدف القائمون على تنظيم فعاليات المنتدى، تنشيط حركة السياحة وعودتها لطبيعتها بمدن شرم الشيخ والبحر الأحمر خلال الموسم الشتوي وأعياد الكريسماس، وتأكيد عدد من الشباب المشاركين في المنتدى على كونهم سفراء لمصر بدولهم، ودعوة أقرانهم لزيارة معالم مصر السياحية والاستمتاع بشواطئها.
كما وجد الرئيس السيسي الفرصة خلال جلسة "تحديات وقضايا تواجه شباب العالم... سبل المواجهة لصناعة المستقبل"، للرد على اتهامات منظمات حقوقية للحكومة المصرية بانتهاك حقوق الإنسان، أمام شباب المنتدى بقوله: "أنتم تسمعون عنا أننا ضد حقوق الإنسان، أو ديكتاتوريون، إحنا أمة عايزة تعيش زي ما انتوا عايشين"، مشيراً إلى أن "الحرب على الإرهاب حق من حقوق الإنسان".
واعتبر السيسي، النمو السكاني غير المتوازن، أكبر التحديات التي تواجه مصر، بما يؤثر سلبا على جهود التنمية، لافتا إلى أن مصر تشهد نمواً سكانياً 2.5 مليون نسمة سنوياً، مؤكدا أن المواطن المصري لم يشهد تحسنا في الدخل على امتداد 50 عاماً، وأن تحقيق فرصة عمل حقيقية في مصر يتكلف ما بين 100 ألف إلى مليون جنيه.
وأبرزت توصيات المنتدى حرص الحكومة على أن تكون مركزا للحوار بين شباب العالم، ومقرا لالتقاء أفكاره، كمنبع للفكرة مع تطويرها لمركز دولى معنى بالحوار العربى الإفريقى الدولى بين شباب العالم، ويستهدف إقامة الحوار بينهم من أجل تحقيق السلام والتنمية، إضافة لتكليف وزارة الخارجية بالتنسيق مع الأجهزة المعنية بالدولة والمؤسسات والمنظمات الدولية، وعلى رأسها الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتبنى قرارات نموذج محاكاة مجلس الأمن الدولى والتوسع فى تنفيذه فى المنتديات القادمة على كافة المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية.