? أ . د حسان حتحوت رحمه الله من القلائل الذين جمعوا بين أشرف علمين هما الطب والدعوة إلى الله على بصيرة فقد كان أستاذاً عظيماً لأمراض النساء والتوليد وهو ممن يستحق بحق لقب الحكيم.. وكل من تأمل كلمات الرجل وكتاباته يدرك استحقاقه لهذا اللقب العظيم .. فكلماته تنطق بالحكمة وعمق الفكرة مع صلاح العمل وكثرة العطاء ومحبة الإسلام والأوطان .
? وقد اهتم د/ حتحوت بالتجديد في الفقه والفكر الإسلامي المنضبط ومن كلماته الرائعة " ينبغي أن تروض الأمة نفسها على سماع أكثر من اجتهاد وكل منها مقبول .. وقد كتب الشافعي في بغداد ثم كتب من بعد في القاهرة .. فماذا تراه كان سيكتب لو عاش معنا في " لوس أنجلوس " في نهاية القرن العشرين؟" .
? كما يرى د/ حتحوت أن الشروط التقليدية للاجتهاد ينبغي مراجعتها وتعديل بعضها فيقول " وأرى أن الشروط التقليدية للأهلية للاجتهاد ينبغي أن تراجع .. فالثقافة العامة والدراية بما يجرى في العالم من أحداث وما يجد به من مذاهب .. وما يطالعنا العالم به من كشوف وغير ذلك كثير أصبحت شروطاً أساسية للمجتهد ".
? وينكر د/ حتحوت إنكاراً شديداً على من يتهمون المجددين في الفكر والفقه الإسلامي فيقول :" البعض يحسب التجديد انتهاكاً للأصل أو تغييراً فإذا كانوا على رأي وطالعتهم بغيره انزعجوا بشدة وانطلقت التهم الجاهزة مع أن الجميع يعلمون أن للشريعة ثوابتها التي لا تمس لكن مسائل الفقه تخضع للنظر ولظروف الزمان والمكان والإمكان وبهذا اجتمعت لنا مدارس ومذاهب وسعها المسلمون ما وسعتهم العافية في دينهم وعقلهم ".
? ويعيب د/حتحوت على أهل الخشونة والقسوة والشدة على الناس ويعتبرهم منفرين لا دعاة فيقول " أهل الخشونة من الدعاة على وجه الإجمال مخلصون وهم صادقون في خدمة الإسلام ولكنهم يحدثون أثراً عكسياً وإن صلحت نواياهم وظنوا أنهم يحسنون صنعاً.. وأنا أعذرهم فذلك مبلغهم من العلم ".
? ويحذر في الوقت نفسه دعاة المرونة والتجديد من المبالغة في دور العقل وأهميته أو يتجاوزا الحدود الواضحة للشريعة باسم الاجتهاد فيقول لهم " الورع الورع والخشية والحذر " .
? وكان د/ حتحوت يرى أن الديكتاتورية هي آفة الأمة المستعصية وأنها أصبحت خلقاً متأصلاً في بلاد المسلمين ولا تقتصر على الحكام وأعوانهم ولكنها كما يقول"سادت في المجتمع فأصبحت خلقاً قومياً لا في سدة الحكم فقط ولكن في مصالح الحكومة والدواوين والأسر والمدارس والمساجد والمراكز الإسلامية والذي نعيبه في حكامنا هو فينا كل حسب موقعه .. والمصلح الإسلامي أو الوطني الحق هو الذي يخلصنا من هذه العقدة".
? ويرى رحمه الله أن بناء المدارس الإسلامية في أمريكا أهم من بناء المساجد.. وأن التعليم الإسلامي في الغرب هو الضرورة الأولى لبقاء الإسلام في المستقبل .. ففي أمريكا 1500 مسجد وكان يود
أن لو كانت 1500 مدرسة تؤوي كل منها مسجداً صغيراً.. قبل أن تنفصل الأجيال القادمة للمسلمين عن دينهم وأوطانهم.. ويرى د/ حتحوت أن التعليم الخالي من القيم لا ينشئ تعليماً محايداً كما يزعم البعض إلا من قبيل الحياد بين الذئب والحمل .
? وأهم وآخر نصيحة أسداها د/ حتحوت لإصلاح أحوال المسلمين في العالم هي الحب رغم أنه مات قبل ثورات الربيع العربي التي أتت بعدها رياح الكراهية والاستقطاب السياسي والمذهبي والديني وأسوأ تقاتل حدث بين المسلمين في العصر الحديث يقول د/ حتحوت في آخر حوار له: " النصيحة الصادقة والوصية الجامعة للمسلمين شباباً وكهولاً تتلخص في أمر واحد هو:"الحب".
? لقد خلصت أيضاً إلى ما خلص إليه د/ حتحوت أن الحب لكل الناس بلا استثناء هو العاصم للإنسان وللأمم من التردي في هاوية الكراهية السحيقة والأحقاد والضغائن التي دمرت وستدمر كل شيء .. سلام للدكتور حتحوت في الصالحين وفي المحيا والممات .
##
##