يبدو أن الحديث عن الحريات الديمقراطية في هذه الايام لدى البعض لم يعد من الأولويات، كما يبدوا ذلك وفي ظل الأوضاع الراهنة من أمور الرفاهية من وجهة نظرهم، وظهر البعض وهو يدفع بالسلطة في أن تمسك البلاد والعباد بيد من حديد، والحجة في ذلك ما يجري من عمليات ترتكبها فئات ضلت الطريق أو في حالة اللاوعي.
الحديث عن الإرهاب أمر مفروغ منه، ولا يمكن الجدل حول مكافحته بكل الوسائل، وباستخدام كل عناصر القوة، فالارهاب مثل السرطان يستشري في المجتمع سريعا، إذا لم يتم معالجته أو إستئصاله، والربط بين مكافحة الارهاب وتقييد الحريات وتجنيب الديمقراطية أمر غير منطقي، ولم تشهده اي دولة تريد ان تبنى وطنا يحقق النماء لأبناءه.
والديمقراطية والحريات العامة جزء من المنظومة العامة للدول التي تبغِي التقدم، والحياة الكريمة لأبنائها، والرفاهية ولو نسبيا لشعوبها، وهما ايضا الأداة لتحقيق الإستقرار والتطور الطبيعي لبلاد ترغب في التعايش مع العالم المتقدم، وتوفير المناخ الآمن لاستقطاب الإستثمارات والأموال لتصب في تعزيز النمو الاقتصادي.
الا أن البعض تغِيب عنهم الأهية القصوى للحريات والديمقراطية في بناء مجتمعنا الجديد، وبدت أحاديثهم وكتاباتهم رافضة لذلك، بوعي أو بدون وعي، وربما تخيلوا أنهم بذلك يؤسسون لقوى حكم أكثر صلابة، أو أنهم يبنون ظهيرا شرعيا للنظام في البلاد.
مازالت أصوات من هنا وهناك شاغلها الشاغل الدعوة الى قوانين مُكلبة للحريات، وإعاقة المسار الديقراطي، والذي مازال هو ايضا خافتا في اللغة الرسمية وكلماتها، وهو ما يدفع أصحاب هذه الأصوات، ويتبنى البعض دعوات إصدار قوانين للحد من الحريات العامة، مستخدمين في ذلك "الإرهاب" مبررا، والدعوة الى اصدار قوانين على غرار "قانون الارهاب".
وفي المقابل نجد حالة وعي من البعض، مؤكدين على ان القانون الجنائي به ما يكفي لمواجهة الارهاب، ويبدون قلقهم ايضا من إصدار قوانين مثل هذا على الصورة والانطباع العام لمصر في الخارج، خصوصا في ظل أوضاع معقدة، وتنظيمات وجماعات تتربص بمصر في كل مكان وفي كل لحظة.
وعلى عكس ما يعتقد أصحاب هذه الدعوات، والقول انها القوانين الإستثنائية ستحد من مخاطر الارهاب، فان ما سيترتب على ذلك سيكون عكس رؤاهم،فالمعالجة الأمنية جزء من المواجهة وليست كلها وهو ما أثبتته التجارب.
ومن المهم إدراك رد الفعل الدولي، وتكوين الصورة الذهنية عن البلاد، مع العمل بقوانين وإجراءات إستثنائية، حيث ستؤخذ مثل هذه القوانين كعامل سلبي على المسار الديقراطي في مصر، وليس أمرا طبيعياكما يعتقد البعض.
ولكن الأخطر في مثل هذه الدعوات عدم الادراك بطبيعة تطبيق القوانين الاستثنائية، وقانون الطوارئ ليس ببعيد، فقد ظل نظام مبارك يستخدمه كحجة ليس لحماية المجتمع، بل لحماية مصالحه أولا وأخيرا، وليس هذا ببعيد في من سيستخدم مثل تلك القوانين،.. وأليس القانون الطبيعي هو الأفضل؟ ! سؤال يجب أن يدركه دعاة "الاستثنائية"، والتحريض وأصحاب لغة الانتقام.
##
##