05 - 05 - 2025

عودة لبلب

عودة لبلب

لست ادرى من الذى ادخل ( القفا) ضمن مفردات الصراع وجعله من أسلحة الإنتقام الشامل...شعار هذا السلاح (اضرب واجرى) او (اصفع وأجرى) او (السع واجرى) ليس بهدف إلحاق الإصابات أو القتل وإنما بهدف أساسى هو كسر النفس.....لذلك يستعين من يستخدمون هذا السلاح بالكاميرات التى تصور لحظة الضرب أو الصفع أو اللسع ومن ثم يتم بثها عبر مواقع التواصل الاجتماعى ليصبح ما حدث موضع حديث المئات والآلاف فى دقائق معدودات....السلاح لا يستخدم إلا ضد المشاهير المعروفين جيدا عند ملايين الناس( رئيس حزب أو رئيس نادى مثلا).

عن نفسى أشعر بالمرارة والضيق عندما أرى الصور المبثوثة لما يعتبره أصحابها تجارب ناجحة فى استخدام السلاح.....اعتبره من الأسلحة غير الشريفة البعيدة عن الفروسية فالفارس لا يطعن خصمه أو منافسه أو عدوه من الخلف وإنما يبرز له ويواجهه (وش) كما يقال فى لغتنا هذه الأيام. ....واتعاطف مع المغدورين خاصة فى تلك اللحظات التى يفقدون فيها توازنهم. ..

بل اننى بدأت فى البحث عن حلول وقائية تساعد المعرضين لمثل تلك اللحظات المدوية....فكرت فى ( واقى قفا) على غرار القمصان الواقية من الرصاص...وفكرت فى (قفا هيكلى) يتلقى الصدمة بحيث لا تصل للقفا الحقيقى وذلك على غرار المواقع الهيكلية التى تتلقى الضربات الجوية فداء للمواقع الأصلية التى يراد حمايتها.... وفكرت فى مجال كهربائي يصيب اليد التى تمتد بشحنة كهربائية صاعقة قبل أن تصل إلى غايتها....وفكرت فى مرايا تعكس للشخص ما يدور خلفه....وفكرت فى أجهزة إنذار مبكر تحذر الشخص من أى يد تقترب منه سواء من الإمام أو الخلف....وبالطبع فإن أى مشهور ميسور الحال يستعين بالبودى جاردات عليه أن يخصص بودى جارد يقظ لحماية ظهره بكل مشتملاته

وللحقيقة فاننى أيضا وانا ابحث عن حلول وقائية تذكرت الأسطى حسن الذى كنت أمر على ورشته قبل امتلاك سيارة واسأل نفسى عما يقوم به بسبب اللافتة الأنيقة على ورشته والتى كتب عليها ( هندسة واقيات الارتجاج) إلى أن عرفت انه متخصص فى مساعدين السيارات التى تحميها من الارتجاج والهزات العنيفة عندما تجتاز مطب أو بالاحرى (مقب) غير اننى وجدت من الصعوبة بمكان نقل فكرة المساعدين من السيارات للبشر....

وللحقيقة أيضا ومع كل واقعة من هذا النوع أتذكر فيلم (عنتر ولبلب )الذى أنتج عام 1952 قبل ثورة يوليو بشهور. ...الفيلم يدعو للتمرد على الظلم واغتصاب الحقوق حيث تصدى شكوكو (لبلب) للبلطجى المغتصب سراج منير (عنتر) رغم انعدام التكافؤ فى موازين القوة بينهما....اختار لبلب تحدى عنتر أمام الكافة وتعهد بصفعه 7 مرات على مدار 7 أيام بمعدل صفعة واحدة يوميا...وقبل عنتر التحدى واتخذ من الإجراءات الوقائية الاحترازية  ما يفشل مهمة لبلب......لبلب لم يغدر ولم يخن ولم يطعن عنتر من الخلف وبرز له (وش) وجها لوجه.....واعتمد على شهود عيان بالعشرات فقط ولم يلجأ لتجريس عنتر فى العالم كله ربما لأنه لم يكن توجد وقتها شبكات التواصل الاجتماعى مثلما لا توجد تليفونات محمولة بكاميرات ....إننا فى عصر الأسلحة غير النظيفة بدءا من الأسلحة النووية ومرورا بالأسلحة الكيماوية ووصولا للأسلحة اليدوية الصافعة من الخلف .

##

 

مقالات اخرى للكاتب

عجاجيات | الرقص فى المترو