03 - 05 - 2025

خواطر داعية عند قبر الحبيب صلى الله عليه وسلم

خواطر داعية عند قبر الحبيب صلى الله عليه وسلم

ذهبت مع أمى -رحمها الله- لزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ونحن فى الحج.. فرأيت عجباً.. عشرات الآلاف يقفون فى طوابير لا تنتهى للسلام عليه، فقلت: لعل هذا بالليل فقط.. فذهبنا بالنهار، فإذا الزحام أشد والعدد أكثر، فقلت: نذهب بعد صلاة الفجر فوجدنا العدد أكثر والزحام أعظم.. ولم نستطع فى هذه المرة الوصول إلا بشق الأنفس.

فقلت فى نفسى: ما هذا الحب العظيم الذى يملأ جوانح المسلمين جميعاً من كل الجنسيات تجاه نبيهم الكريم.

فلما تحرك الطابور نحو منبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم إلى روضته الشريفة ثم إلى قبره.. إذا بى أرى منظراً لا يمكن أن يتكرر فى أى بقعة فى العالم.. الآلاف يبكون خاشعين خاضعين.. هذا يصلى على الرسول صلى الله عليه وسلم.. وهذا يدعو ربه.. وهذا يجهش بصوت مرتفع.. وكلهم يريد ألا يتحرك من أمام قبر الرسول صلى الله عليه وسلم قيد أنملة.

ولولا حدة الجنود المشرفين على النظام وشدتهم فى تنظيم طابور الحجيج وحثه على السير، ما تحرك أحد من أمام قبره الشريف.. وكأنهم يتخيلونه أمامهم فيحبون محادثته ويشتاقون لرؤيته ويأنسون به.

وإذا تحركوا من أمام القبر الشريف، تحركوا فى ضيق وحزن.. وبعضهم يذهب من جديد إلى باب أبى بكر الصديق ليدخل من جديد فى نفس الطابور ليقضى وقتاً طويلاً ليصل مرة أخرى إلى القبر الشريف.

أما الروضة الشريفة وهى التى تقع ما بين منبره صلى الله عليه وسلم وقبره، فهى مزدحمة ومكتظة باستمرار.. ومن يجلس فيها لا يقوم منها أبداً.. ولا يترك مكانه لأحد مهما كانت الأسباب.

وقد صليت فيها مع بعض الحجاج من رفقتى ركعتين فى عدة دقائق وسط زحام شديد كدنا نداس فيها بالأقدام.

فواسيت نفسى وأمى قائلاً: إن هذا الموضع الشريف يستحق كل هذه المشقة وأكثر، فقد قال فيه «صلى الله عليه وسلم»: «ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة»كما رواه البخارى ومسلم.. وقبره الآن هو فى مكان بيته صلى الله عليه وسلم قديماً.

لقد كان هناك أكثر من خمسة ملايين حاج فى العام الذى شرفنى الله فيه بالحج.. ومعظمهم زاروا القبر الشريف وكرروا الزيارة مرات ومرات.

فقلت: يا سيدى يا رسول الله، لقد زارك فى موسم الحج هذا حوالى عشرين مليون مسلم.. وذلك إذا قلنا إن أقل حاج زار رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مرات.. فضلاً عن مواسم العمرة طوال العام كله.. ناهيك عن سكان المدينة خاصة والسعودية عامة.

وقلت: يا سيدى يا رسول الله لقد رفع الله ذكرك.. ولن يستطيع أحد من البشر أو قوة من القوى مهما عظمت أن تنال منك ومن مقامك الرفيع.

يا سيدى يا رسول إن الذى رفع ذكرك هو الله «ورفعنا لك ذكرك».. وما دام الله قد رفع ذكرك ومقامك وقدرك، فلن يستطيع رسام دنماركى أو نرويجى أو كاتب غربى أو شرقى أو عربى أو فيلم أمريكى أن ينال من قدرك ومكانتك وذكرك الحسن فى قلوب ملايين المسلمين وغير المسلمين حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

يا سيدى يا رسول الله طب نفساً، فالله الذى ساق هذه الملايين المسلمة لتسلم عليك كل عام هو الذى ثبت محبتك فى قلوبها.

يا سيدى يا رسول طب نفساًً، فهل هناك قبر نبى أو ولى يزوره عشر هذا العدد سنوياً.. وهل هناك قبر أحد يزوره الملايين رغباً وشوقاً وحباً وتسليماً وموالاة مثلما يحدث معك.. زيارة تكون قربى إلى الله.. وتعبداً له سبحانه.. وإقراراً للتوحيد الذى أرسلت به.

مقالات اخرى للكاتب

دعوة للتجديد والحب من د. حسان حتحوت