04 - 05 - 2025

وحدهم الأحرار من عبروا إلى النصر!

وحدهم الأحرار من عبروا  إلى النصر!

ونحن نحتفل ونحتفي بذكري  السادس من اكتوبر علينا ان نتذكر جيدا  أن من صنعوا الانتصار  هم   من  استدعاهم الوطن وتعاط? معهم في معركة استرداد الكرامة كمواطنين لا رعايا، عليهم ما عل? المواطن الحقيقي من واجبات  تجاه وطنه الحقيقي  فكان أن دافعوا عن الوطن وانتصروا له بأغلى ما يملكون..  بدمائهم  وأرواحهم  . وفي ذات اللحظة التي كانوا  يحققون فيها  النصر للوطن وترابه فانهم كانوا  ينتصرون ايضا لمعني وقيمة  المواطن  وحقه  في أن يشارك في تقرير مصير وطنه ولو بدمه ولذا كان الانتصار رائعا.

.لكن لأن للسياسة حساباتها وللساسة رؤيتهم التي لا ترتقي أحيانا لقيمة وقامة ما تحقق فكان أن أفلتت لحظة النصر وتسربت روح اكتوبر من بين الايدي ، وحين حانت لحظة أن تعامل الدولة من صنعوا الانتصار كمواطنين لهم  حقوق كما  استدعتهم  بنداء الواجب في لحظة الانكسار فإنها نكصت عل? عقبيها وعادت سيرتها الأولى لتعاملهم كرعايا لا مواطنين.

ولأن القيادة آنذاك رأت أن حرب اكتوبر هي اخر الحروب فما عادت بحاجة لاستدعائهم مجددا  لمواجهة عدو  او لجلب  الانتصار فتعمقت  الفجوة بين رغبة وتطلعات الناس  في أن يعيشوا كراما في وطنهم  وفق عقد اجتماعي يليق بعلاقة مواطن بوطنه وبين اصرار السلطة عل? التعامل معهم كرعايا يعتاشون عل? عطاياها .وبمرور السنوات وشيخوخة السلطة  وتعاظم الجدار بين النظام المباركي وجموع المصريين

 غدت ذكر? الانتصار مجرد يوم عطلة رسمية  تذاع فيه  مجموعة من  الأغنيات الوطنية التي خلدت اللحظة وبرامج  ركيكة  تمجد القائد صاحب الضربة الجوية الأولى بأكثر ما تمجد  النصر ذاته أو ننتصر لصناعه الحقيقيين بينما تكتفي قنوات التلفزة بإذاعة أحد  الافلام  متواضعة القيمة عن لحظة العبور. .هكذا صار حديث الانتصار والعزيمة وعبور المستحيل  يوماً عابرا  في حياة المصريين بينما بقية ايامهم تمضي ثقيلة مع مكابدة اوضاع معيشية صعبة بائسة وأوضاع سياسية  أشد بؤسا  بلا افق للحاضر ولا ملامح للمستقبل ،وصار المطلب عند جموع الناس هو استرداد كرامة الوطن  الجريحة ليس في مواجهة عدو غاصب  بل في  مواجهة نظام أهان كبرياء الوطن في الخارج وجرح كرامة المواطن في الداخل .

.وكانت ثورة 25 يناير صرخة مدوية من اجل كرامة المواطن واستعادة قيمة الوطن. كانت  25 يناير لحظة عبور أخرى  شديدة الشبهة  والقيمة بلحظة العبور في  6 اكتوبر 73، فبينما كان  الجنود يعبرون قناة السويس  لاستعادة جزء ثمين من تراب الوطن من براثن المحتل الصهيوني   كان  من خرجوا في ثورة يناير يسعون لاسترداد كامل الوطن من بين أيدى عصابة من السماسرة والفاسدين المستبدين الذين  اختطفوه رهينة لشهواتهم واطماعهم في السلطة والثروة. وبقدر ما كانوا يستعيدون وطنهم فانهم كانوا يستعيدون كونهم مواطنين قادرين على تحديد مصير هذا الوطن والمشاركة في رسم مستقبله.

وإذا كانت  رياح الأحداث جرت بما لا تشتهي سفن الثورة  وإذا كانت  أعاصير الانقسام والفرقة والاستقطاب بين شركاء الثورة قد عصفت بما تحقق من مكتسبات  وأفضت إلى ما أفضت اليه من تنازع وصراع ، فإن الصرخة التي  أطلقها المصريون  خلال الثورة  من أجل الوطن والمواطن ستبقى  تدوي حتى يستعيدوا وطنهم ويصبحوا فيه مواطنين لا رعايا . من هنا فإن على السلطة الحالية التي تدعي أنها إمتداد لثورة يناير  والممثل الشرعي لانتصارا أن تبرهن على صدق إدعائها من خلال اعادة الوطن لأصحابه ليس عبر خطاب الوطنية الزاعق  الزائف  الذي لا يحمل من الوطنية الا شكلها دون مضمونها ، وإنما عبر ممارسات وسياسات تعيد  للوطن معناه وللمواطن قيمته وكرامته تماما كما  كانت لحظة العبور .

إن استعادة روح الإنتصار على العدو في  اكتوبر وإرادة  التغيير والثورة في وجه الظلم في يناير  لن تتأتي  إلا بالانتصار  لوطن  يشكل  فيه المواطن  وكرامته وحريته حجز الزاوية والركن ا لأساس الذي يمنح  للوطن معناه وللنصر  قيمته، ودون  ذلك يبقي الوطن قطعة من تراب ويبقى الانتصار فارغا من القيمة ..الاحرار فقط  هم  من عبروا  في اكتوبر  73 والأحرار وحدهم هم من خرجوا في يناير ..الأحرار وحدهم هم  من يعرفون قيمة الوطن وينتصرون له ، أما العبيد  فقد يشيدون قلاعا وقصورا  وجسورا ولكنهم لا يبنون حضارة  ولا ينتصرون لوطن لا يعرفون  معناه إذ كيف لمن لم يكن مواطنا يوما أن يعرف معنى الوطن ؟!

##

مقالات اخرى للكاتب

وحدهم الأحرار من عبروا  إلى النصر!