19 - 06 - 2024

ثورات المصريين فى كلمة السيسى بنيويورك

ثورات المصريين فى كلمة السيسى بنيويورك

حسم الرئيس السيسى المعركة الدائرة بين تيارات مختلفة حول توصيف ما حدث فى 25 يناير 2011، فالاخوان المسلمين وحلفاءهم وخدام مشروعهم من النشطاء والمثقفين ينفون طبعا عن 30 يونيه كونها ثورة، ولكن المعركة التى اقصدها ليست هذه ولكن تلك المعركة التى تدور بين مؤيدى ثورة30 يونيه حول رؤيتهم لثورة 25 يناير.

فمن المعروف أن أتباع عهد مبارك وجماعة الحزب الوطنى وكل المنتفعين من فترة مبارك،وهم كثرة، سواء بين رجال الأعمال أو الصحفيين أو الإعلاميين أو المثقفين أو أعضاء الحزب الوطنى المنحل، كل هؤلاء دعموا ثورة 30 يونيه ولكنهم فى نفس الوقت اطلقوا حملة عاتية على ثورة 25 يناير لنزع شرعيتها الثورية وتصويرها على أنها مؤامرة محبوكة ضد مصر ، بل وشيطنوا كل من يؤمن بها وأستهدفوا بعض رموزها بالتشهيير والتخوين.

نعم لا ننكر بعض الترتيبات الدولية مهدت لما يسمى بالربيع العربى،ولا ننكر أن كثير من النشطاء عملوا بطريقة غير مباشرة لدعم أجندة وصول الاخوان للحكم،ونعم كان هناك تمويل خارجى لبعض مظاهر هذا النشاط. كل هذا لا ينفى ولا ينتقص ولا يقلل من قيمة ثورة 25 يناير 2011، فالذين خرجوا بالملايين إلى الشوارع لم يكونوا جزءا من هذا المشهد المرتب وأنما ثاروا على الفساد والإستبداد وحكم الشلة وتوحش الدولة البوليسية.

ولهذا كان الرئيس السيسى محقا فى كلمته أمام الأمم المتحدة بقوله " من هذا المنبر أستهل حديثي بتوجيه التحية لشعب مصر العظيم، والمصريين القادمين من كل الولايات الأمريكية، شعب مصر العظيم الذي صنعَ التاريخَ مرتين خلال الأعوام القليلة الماضية.. تارة عندما ثار ضد الفساد وسلطة الفرد، وطالب بحقه في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وتارةً أخرى، عندما تمسك بهويته، وتحصن بوطنيته، فثارَ ضد الإقصاء، رافضا الرضوخ لطغيان فئة باسم الدين، وتفضيل مصالحها الضيقة على مصالح الشعب".

هذا كلام جميل ويعبر عن الواقع فعلا ولكن على الأرض فأن أعداء ثورة 25 يناير هم الذين يسيطرون على المشهد فى مصر،وخاصة المشهد الإعلامى والثقافى،ومن شاهد الإعلاميين الذين صاحبوا الرئيس السيسى إلى نيويورك يتصور أن طائرة الرئاسة التى اقلتهم هى فى عهد مبارك وليس السيسى. قد يقول البعض ماذا يفعل السيسى ومعظمهم يعملون فى وسائل إعلام خاصة؟.حسنا عليه أن يدرك أن إعلام رجال الأعمال المستفيدين من عهد مبارك يعادون فى معظمهم ثورة 25 يناير،باستثناء محطة أون تى فى، التى كانت صوتا لثورة 25 يناير.

الثورة فى معناها هى تفكيك للمشهد السياسى السابق وإزاحة المستفيدين منه مع خلق طبقة جديدة تؤمن بالعهد الجديد إيمانا حقيقيا وتروج له وتنبه إلى أخطاؤه فى نفس الوقت بشجاعة لأنها مشاركة فيه ومن ثم يحق لها تصويب المسار.

لماذا هذا الخلل إذن؟.

نقولها بصراحة أن الدولة العميقة التى أدارت المشهد المصرى طوال عهد مبارك مازالت هى التى تدير المشهد الحالى مبررة ذلك بأنها وإن كانت فشلت فى ثورة 25 يناير فأنها كان لها دورا رئيسيا فى نجاح ثورة 30 يونيه.نعم نجحت الدولة العميقة فى بعض ترتيبات ثورة 30 يونيه وخاصة خلق حركة تمرد،ولكن النجاح الحقيقى للثورة كان نتيجة نفور الشعب من سياسة الاخوان فى الاقصاء وتأزيم المشهد المصرى بمفردات دينية عفا عليها الزمن وإعلاء شأن دور الجماعة دوليا على حساب قواعد الوطنية المصرية.

إن الدولة العميقة فشلت فى إدارة معظم الملفات الهامة فى عهد مبارك ومن ثم ثار الشعب على دورها واخطاؤها وسيطرتها على البلد،وهى جزء من أسباب ثورة 25 يناير،والمشهد الإعلامى الحالى فى معظمه هو من صنع الدولة العميقة ، والمسيطرون عليه هم أدوات لهذه الدولة وليس لهم هامش فى الحركة والحرية إلا ما تريده هذه الدولة بما فى ذلك قائمة الممنوعات التى تنتقل من يد إعلامى إلى يد آخر،وإذا سار الأمر على هذا المنوال لا يمكن أن نتوقع نتائج تختلف عما كان يحدث فى عهد مبارك.

إن على عاتق الرئيس السيسى مهمة شاقة لا تقتصر فقط على تطهير المشهد المصرى من التطرف الدينى بكافة أشكاله الذى ثار عليه المصريون فى 30 يونيه ولكن تطهير المشهد المصرى كذلك من شلل عهد مبارك الذين تربوا فى عهد الفساد والإفساد وكان لهم دورا فى تنفير الشعب من هذا العهد البائد.

إن ثورة 30 يونيه هى مكملة لثورة 25 يناير والاحتفاء بهذه الثورات يأتى عبر تحقيق أهدافها فى العيش والحرية والكرامة الإنسانية والشفافية والنزاهة وفى دعم الدولة المدنية والهوية المصرية،ولقد كان الرئيس السيسى موفقا وبحق فى ذكر كلمات الدولة المدنية والهوية المصرية فى خطابه،ويبقى العمل على ترجمة هذا الخطاب الرائع إلى سياسات على أرض الواقع.

##

مقالات اخرى للكاتب

ثورات المصريين فى كلمة السيسى بنيويورك





اعلان